89 فيلمًا طويلًا من إنتاج العام، بين روائي وتسجيلي، هي حصيلة مشاهدات 2018. 89 فيلمًا من 13 دولة تمثل تقريبًا كل جديد السينما العربية الذي يمكن أخذه على محمل الجد، باستثناء بعض الأفلام التجارية الخفيفة في مصر ولبنان والمغرب، كانت لديّ الفرصة لإلقاء هذه النظرة البانورامية على الإنتاج العربي، والتي جاءت هذه القائمة نتيجة طبيعية لها، نتيجة لا بد وأن أؤكد قبل أن يبدأ القارئ الإطلاع عليها أن معايير اختيار الأفلام وترتيبها شخصية بحتة، تتعلق بذائقة الكاتب وتفضيلاته التي يمتلك الجميع بطبيعة الحال حق الاتفاق والاختلاف معها، فهذا بالتحديد هو المطلوب لخلق زخم نقدي يتعامل مع الحراك الحادث في السينما العربية بجدية كتيار إبداعي وإنتاجي، وليس مجرد محاولات منفردة متناثرة، فلنبدأ العشرين فيلمًا الأحسن في 2018.
20. دشرة (تونس)
لا نحتاج أن نُفسر لماذا "نتحسس مسدسنا" كلما سمعنا وصف "فيلم رعب عربي" في ظل التجارب السابقة المحبطة لأفلام هذا النوع ذي الشعبية الكبيرة. التونسي الشاب عبد الحميد بوشناق يحقق المعادلة الصعبة بفيلمه الذي اختاره أسبوع النقاد في مهرجان فينيسيا ليكون فيلم ختام الأسبوع، معادلة صناعة فيلم رعب متماسك على صعيد الصنعة، مثير ومشوق ويصعب توقع مساره، مع امتلاكه في الوقت نفسه عمقًا وقيمة أكبر من أحداثه، وفكرة عامة تتعلق بمفهوم الخوف عندما يأتي من العجز عن التواصل بين جماعات يفصلها العُمر أو الثقافة أو الجغرافيا أو أي شيء آخر من عناصر التفريق بين البشر.
19. حقول الحرية (ليبيا)
لسنوات لا نسمع عن ليبيا إلا أنباء تعيسة في نشرات الأخبار عن حرب وقتل وتفجيرات، وتكاد صورة الشارع والمواطن الليبي الفرد تغيب تمامًا. المخرجة نزيهة عريبي تخرج من هذا القفص بتقديم فيلم عن منتخب كرة القدم النسائية الليبي، الذي تحاول لاعباته مطاردة حلمهن بممارسة الرياضة، وسط وضع سياسي مشتعل، وتطرف ديني يصل لتكفيرهن علنًا على منابر المساجد. لتغزل عريبي حكايات بطلاتها اللاعبات مع رصد للحياة اليومية في الشارع الليبي خلال أربع سنوات تالية لأحداث 2011، فتقدم فيلمًا موضوعه كرة القدم لكنه ينفذ لما هو أكثر تعقيدًا.
18. يوم أضعت ظلي (سوريا)
أحد أهم إنجازات السينما العربية خلال العام كان حصول المخرجة سؤدد كعدان على جائزة أسد المستقبل لأحسن فيلم عمل أول في مهرجان فينيسيا السينمائي، عن شريطها المثير للجدل والأسئلة والتأويلات. من يحاسب "يوم أضعت ظلي" بمعايير الواقع سيجد مداخل عدة لأخذ موقف من الفيلم، أما من يحاسبه بما هو عليه: فيلم روائي خيالي وإن كان عن وضع حقيقي مرير، فسيجد فيه مواصلة شيقة من كعدان لطريق بدأته في أفلامها التسجيلية. طريق يمزج بين الواقع والفانتازيا ليخلق من الحياة اليومية أسطورة، من البشر الاعتيادين أبطالًا سينمائيين، ومن محاولة تبديل أسطوانة غاز فيلمًا يقدره العالم.
17. طفح الكيل (المغرب)
ليلة في مستشفى عام يلتقي فيها مجموعة من البشر من مختلف الاتجاهات، ليكشف لقائهم الكثير عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية في المغرب. ملخص يبدو ملائمًا لفيلم ميلودرامي متعدد الحبكات اعتدنا على النوع الأسوأ منه في مصر، لكن المخرج محسن البصري يتمكن من منحنا نسخة تُحببنا في هذا النوع من الحكايات. نسخة حميمية على جديتها، فنية على توجهها الجماهيري الواضح، نسخة تتكامل مع عرض فيلم جديد آخر للبصري خلال العام هو "لعزيزة"، ليشهد 2018 عودة مزدوجة لمخرج انتظرنا رجوعه طويلًا منذ قدم فيلمه الشهير "المغضوب عليهم" قبل سنوات.
16. الحلم البعيد (مصر)
أهم إنتاجات السينما التسجيلية المصرية خلال العام، وأحد أكثر الأعمال اختلافًا عن الأشكال السردية المعتادة من قبل المخرجين المصريين. صانعا الفيلم مروان عمارة ويوهانا دومكه يدفعان سبعة شباب من العاملين بقطاع السياحة في مدينة شرم الشيخ لتجسيد حياتهم أمام الكاميرا، في خطين متوازيين أحدهما إعادة خلق للواقع والثاني فانتازي يوضح ويفسر ويرسم إطارًا لعمل يتلامس مع الوضع الاقتصادي الناتج عن التقلبات السياسية، لكنه ينخرط فيما هو أعمق، وينشغل بالأفكار المجردة: الطموح والحلم والأخلاق والدين، وكيف يُمكن أن تحكم هذه الأفكار قرارات البشر، حتى لو ظنوا أنهم متحررين تمامًا من قيودها.
15. المرجوحة (لبنان)
تقول النكتة المستمدة من الواقع أن كل مخرج لبناني شاب صنع فيلمًا واحدًا على الأقل عن عائلته، فهذا بالفعل توجه عام ملحوظ في السينما التسجيلية اللبنانية على الأخص: التعامل مع حكايات شخصية داخل العائلة بدرجات متفاوتة من النجاح. المخرج سيريل عريس يمنحنا هنا واحدًا من أفضل الأفلام العائلية على الأطلاق، مسائلة للعمر والذاكرة وألاعيب القدر عبر حكاية الجد والجدة اللذين توفيت ابنتهم الحبيبة فقررت العائلة أن تُخبر الجدة وتحجب الخبر عن الجد التسعيني خوفًا على حياته. بهدوء ودأب وحميمية ملفتة نصير ضمن أفراد العائلة، نعايش معهم مأساة أكثر ما يثير الفزع فيها أنها اعتيادية، تحدث في كل يوم وكل بيت، مأساة حياتية وليست سينمائية.
14. الكيلو 64 (مصر)
فيلم عائلي آخر لكنه هذه المرة من مصر، آخر مكان يمكن توقع هذا النوع منه رغم ما يحمله من آلاف القصص الصالحة للحكي. عمومًا، سيكون من الظلم أن نصف فيلم أمير الشناوي فقط بالعائلي، صحيح أن الشخصية الرئيسية في الفيلم شقيقه وباقي الشخصيات هم أفراد الأسرة، إلا أن حكاية وائل الشناوي، الشاب الطموح الذي قرر ترك مجال الصيدلة والاتجاه للاستثمار الزراعي، تمامًا مثلما حاول والده قبل عقدين، وما يواجهه المشروع الذي يبدو نموذجيًا على المستوى النظري من صعوبات عبثية في سوق العمل المصري، أمور تخرج بالفيلم من حيز شخصياته ليصير عملًا يجيب بأبسط الطرق الممكنة عن السؤال الأبدي: لماذا وصلنا هنا؟
13. كفرناحوم (لبنان)
بمعايير المهرجانات والجوائز هو الفيلم العربي الأشهر والأنجح في العام بلا منازع، كيف لا وقد نال جائزة لجنة تحكيم كان وترشح للجولدن جلوب ولا يبدو ترشيح الأوسكار حلمًا بعيدًا؟ نجاح يجبرنا على وضع الفيلم الثالث لنادين لبكي في الاعتبار، على الأقل باعتباره نموذجًا لصناعة الفيلم الجامع لنقيضين: فهو من جهة شديد الكلاسيكية، يلامس حدود الميلودراما بل ويتجاوزها في أكثر من موضع، ومن جهة أخرى هو فيلم مهرجانات نموذجي، تجتمع في معادلة صناعته كل ما يجعل لعاب أي مهرجان عالمي يسيل من أجل نيل حق عرضه. وإذا كان الذكاء أحد معايير تقييم المخرجين، فإن لبكي تستحق الإشادة بقدرتها على توظيف الذكائين الإنتاجي والإعلامي في خلق أسطورة معاصرة.
12. ولدي (تونس)
الترتيب المتأخر نسبيًا ناتج عن إحباط محب كان يتوقع الأكثر من محمد بن عطية بعد فيلمه الأول الرائع "نحبك هادي"، لكنه إحباط لا ينفي تقديم بن عطية لأحد أكثر أفلام العام نضجًا. بينما يضيع كثير من المخرجين العرب بين الموضوع والشخصية وما يجب حكيه، يعلم التونسي الشاب تحديدًا من فيلمه الأول أسلوبه الخاص وحجم الحكي الذي يريد تقديمه في كل فيلم: معلومات بسيطة عن شخصيات معقدة نفهمها تباعًا مع تورطها في أزمة الفيلم. بناء شخصية الأب في "ولدي"، كشخصية ودراما، يكفي وحده لوضع الفيلم بين الأعمال الأفضل في العام.
11. الجمعية (لبنان / مصر)
أول شروط صنع فيلم عن حي فقير هو ألا يتعامل المخرج مع شخصيات الحي باعتبارها نماذجًا أو عيناتٍ بحثية، بل يحاول النفاذ إلى جوهرها الإنساني، وفهم أن مزيج الخطأ والصواب هو الوضع الطبيعي لدى كل البشر، لا سيما كلما ازدادت حياتهم عسرًا. المخرجة ريم صالح وقعت بوضوح في حب سكان حي روض الفرج، ربما أكثر مما ينبغي أحيانًا، تدخل عالمهم وتتفهم دوافعهم وتفاصيل حياتهم، تصل لقدر مشهود من التقارب يسمح لها بكشف تفاصيل يصعب رصدها بالكاميرا، وتمسك بمساحات الصدق الشاسعة في نفوسهم، والتي يمكنهم من خلالها فقط استكمال حياتهم اليومية الصعبة.
10. ورد مسموم (مصر)
سبق أحمد فوزي صالح بفعل الشيء نفسه والولوج إلى أحد أكثر أحياء القاهرة وعورة وعسرًا للعيش، حي المدابغ الذي كان بطلًا لفيلمه التسجيلي "جلد حيّ" قبل أن يُعمق العلاقة بعمله الروائي الأول "ورد مسموم". يُقدم المخرج على تحدٍ جريء لتراث طويل من ارتباط السينما المصرية بسرد الحكايات، مستعيضًا عن الحدوتة التقليدية بسرد مجرد، قاسٍ ومتقشف، يكتفي برصد الحياة اليومية لشخصيات تشتعل نفوسهم بدراما نادرًا ما تخرج إلى السطح، يعيشون في مكان له حضوره الطاغي في الفيلم كما في حياة من ينتمون إليه، حضور يمتزج بالموروث الذكوري بالكبت المجتمعي ليفرز علاقة بين البطل وأخته هي أحد أكثر العلاقات روائية في السينما المصرية الحديثة.
9. تراب الماس (مصر)
بعد تجربتين متباينتي النجاح يصل المخرج مروان حامد والمؤلف أحمد مراد أخيرًا لفيلمهما الأصيل، فيلم يحقق هدف حامد الأزلي بصناعة عمل ينال إعجاب الجميع، فهو فيلم جماهيري جذاب للقطاع الأعرض من المشاهدين، وهو عمل كبير فكريًا، يطرح مقاربات مهمة وملحة حول فكرة العدالة الفردية في ظل غياب الدور الرسمي للسيطرة على الفساد والمفسدين. "تراب الماس" نتيجة تكامل جهود مجموعة من أفضل فناني السينما المصريين في كافة التخصصات، وفريق تمثيلي في أفضل حالاته. جهود تعيد إلى أذهاننا العصر الذهبي للسينما المصرية عندما لم تكن الهوة بهذا الاتساع بين الأفلام الجادة والأفلام الجماهيرية. (اقرأ مقال تحليلي عن "تراب الماس").
8. تل أبيب ع نار (فلسطين)
هو فيلم فلسطيني حتى لو لم يحمل رسميًا اسم الدولة بين دول إنتاجه، فلسطيني بحكم مخرجه سامح زعبي، وبحكم موضوعه وخفة ظله الفلسطينية الصرفة. منذ اللحظة الأولى التي يفاجئك فيها بموسيقى رأفت الهجان وتترات بداية مصنوعة على طريقة مسلسلات الثمانينيات، يأخدك زعبي في رحلة لا يفوق طرافتها سوى قيمة وخطورة ما تحمله من أفكار، أو بالأحرى من تساؤلات حول وضع فلسطينيّ الداخل بعد عقود من احتلال خلط المفاهيم وجعل كل القيم الكبرى والشعارات النضالية مادة صالحة للسخرية والتندر، شئنا أم أبينا. "تل أبيب ع نار" يحمل أيضًا إهداءً ذكيًا للدراما التلفزيونية المصرية، التي شكلت جانبًا مهمًا من وعي سكان المنطقة، حتى وإن كانوا جنودًا في الجيش الاسرائيلي.
7. مسافرو الحرب (سوريا)
مع خروجه من حدود ومحددات العمل تحت إشراف المؤسسة العامة الرسمية، يُقدم المخرج جود سعيد أفضل أفلامه على الإطلاق، وأحد أفضل الأفلام عن الحرب السورية وتبعاتها عمومًا. لوحات بصرية خلابة وشريط صوت ذكي يمتزجان لسرد حكاية فيها كل تناقضات الحرب: الواقع والفانتازيا، الحب والكراهية، المأساة واللحظات الصادقة، ليقدم سعيد قراءة نافذة البصيرة لـ"مسافري الحرب"، وهم ـ حسبما يخبرنا الفيلم تباعًا ـ هم كل من خاضوا التجربة المؤلمة وإن لم يتركوا بيوتهم، التجربة التي تزيل الميراث الحضاري وتعيد تأسيس عالم جديد يحكمه أنبل وأحط ما في البشر في الوقت عينه، لكنها ـ لحسن الحظ ـ لا يمكنها أبدًا أن تقتل في الصادقين الأخلاق والحب والحياة. (اقرأ مقال تحليلي عن "مسافرو الحرب").
6. ليل / خارجي (مصر)
فنان آخر قدم أفضل أفلامه خلال العام هو أحمد عبد الله السيد، الذي قدم في "ليل/ خارجي" أكثر أفلامه كلاسيكية وقربًا من القلب، مع الاحتفاظ بهامش تجريب لا يصنع عبد الله أفلامه بدونه. ميكروكوزم لديناميات الصراع الطبقي والجندري (والسياسي ربما) في المجتمع المصري المعاصر، قاهرة 2018 التي لم تعد تشبه القاهرة التي اعتدنا رؤيتها في الأفلام. ثلاثة أبطال مختلفون في كل شيء، يخوضون رحلة في ليل المدينة التي كانت لا تعرف النوم وصارت لا تعرف التنوع، يسكنها عشرين مليون ولا تعرف التنوع! فكل منهم منغلق على منظومته الفكرية والقيمية والاجتماعية، حتى جاء "ليل/ خارجي" ليجرب فتح الأبواب وخلط الأوراق. (اقرأ مقال تحليلي عن "ليل / خارجي").
5. عن الآباء والأبناء (سوريا)
لا يفوق قيمة فيلم طلال ديركي الفنية وجاذبيته للمتابعة حتى للمشاهد غير المعتاد على الأفلام الوثائقية إلا ما يثيره من أسئلة جوهرية تتعلق بصناعة السينما والمسؤولية الأخلاقية للفنان تجاه شخصياته مهما كانت توجهاتها وأفعالها. ديركي تسلل داخل جبهة النصرة وصوّر فيلمه على مدى فترات طويلة مع رجل سيموت لاحقًا ـ خلال العام الحالي ـ في عملية إرهابية، لكن الفيلم بطبيعة الحال يقترب من الشخصية إنسانيًا، لا يروج لأفكارها لكنه يُعرفنا على هذا الرجل كأب يريد الأفضل ـ من وجهة نظره بالطبع ـ لأبنائه. بين هذه الرحلة المشوقة داخل نفسية متطرف وما يحركه العمل بشكل عام من قضايا وأفكار، مساحة فنية وفكرية كبيرة يحملها أحد أفضل أفلام العام.
4. في عينيا (تونس)
ما الجديد الذي يُمكن أن يحمله فيلم عن أب يحاول التعامل مع ابنه المصاب بالتوحد؟ المخرج نجيب بلقاضي جاء بالجديد في فيلمه المعقد على بساطته. "في عينيا" حكاية نضج يعيشها الأب بالأساس، طفل كبير عليه أن يجد طريقة يثبت من خلالها إن وقوفه في وجه العالم وإن كان خاطئًا طيلة حياته فهو في هذا الموقف تحديدًا صحيح. خارج كل الكليشيهات المعتادة عن الأفلام المتعلقة بأمراض نفسية، يُهدي بلقاضي التحية للكاميرا، الأداة السحرية التي وجد فيها البطل ضالته، الآلة التي منحتنا لحظة سحرية يصل فيها شخصيتان أحدهما مفتول العضلات يتصرف كالمجرمين، والآخر لا يتوقف عن الصراخ المزعج، إلى حميمية يصعب ألا تتساقط معها دموع حتى أكثر القلوب صلابة.
3. يوم الدين (مصر)
أحد أكثر حكايات العام رقة وعذوبة. رغم تقدير فيلم أبو بكر شوقي الكبير في الصناعة لاعتبارات كثيرة منها كيفية إنتاجه وما ارتبط به من قصة صعود مخرج كان مغمورًا إلى التنافس بفيلمه الأول في أكبر منصة سينمائية في العالم، إلا أن قيمة "يوم الدين" الحقيقية تكمن في كيفية تعامله مع مادته، في قراره بأن يتفادى ـ وهو الفيلم الذي يلعب بطولته مجذوم ويتيم ـ فخ التعاطف، ويجبرك بدلًا منه أن تقع في حب الشخصيات، فيصير وجه بشاي الذي شوهه المرض وجهًا محببًا لا تمل من مشاهدته. فيلم يحمل نداوة البدايات ونزق الهواية، ليس محكم المفاصل كالأفلام الاحترافية لكن ما فيه من طزاجة تكفي لجعله فيلم العام في مصر. (اقرأ مقال تحليلي عن "يوم الدين").
2. طرس، رحلة الصعود إلى المرئي (لبنان)
قد يبدو الاختيار غريبًا بعض الشيء بوضع هذا الفيلم الصغير في هذه المرتبة المتقدمة، لكن إعادة مشاهدة فيلم المخرج غسان حلواني الفائز بتنويه خاص من مهرجان لوكارنو وجائزتين من مهرجاني قرطاج والقاهرة تكفي لمنحه الأسباب الكافية؛ فإذا كانت صناعة الأفلام تحمل الهدفين الجمالي والدلالي بالتزامن: الشكل والمضمون، فحلواني حقق إنجازًا بازرًا على الصعيدين. على مستوى الشكل وظف أدوات محدودة جدًا في خلق عمل ممتع بصريًا وصوتيًا، له تأثير تنويمي يصعب أن تهرب من فكاكه، وعلى مستوى المضمون طرح "طرس، رحلة الصعود إلى المرئي" قضية مفقودي الحرب الأهلية اللبنانية بأكبر قدر من الانحياز للإنسانية والحقيقة، مجردًا من الانحيازات الطائفية أو حتى الأسرية.
1. التقارير حول سارة وسليم (فلسطين)
كان فيلم المخرج مؤيد عليان هو الأول في ترتيب العرض خلال العام عندما عُرض في مهرجان روتردام ليجمع جائزتي لجنة التحكيم والجمهور (للأفلام الحاصلة منحة روبرت بالس)، ومن وقتها وهو يحتفظ بمكانته ـ في رأي كاتب المقال ـ كأفضل الأفلام العربية خلال 2018 وأكثرها تكاملًا. سيناريو شكسبيري من الطراز الأول كتبه رامي عليان، تُشعل فيه نزوة عابرة شرارة مأساة ضخمة تقوّض حياة أربعة شخصيات تم رسمها وتجسيدها ببراعة ملفتة، زوجان فلسطينيان ومثلهما من الاسرائيليين. "التقارير حول سارة وسليم" فيلم مُشبع، كدراما وإيقاع بالأساس، وبالطبع كموضوع واستكمال لمسيرة مخرج شاب مغامر ومغاير، بدأ من فيلمه الأول مشروعًا فنيًا نتمنى أن يستكمله بنفس المستوى. (اقرأ مقال تحليلي عن "التقارير حول سارة وسليم").