عندما حاورت الكاتب والسيناريست محمد سليمان عبد المالك قبل بدء عرض مسلسل "راجعين ياهوى" وجهت له سؤالا حول ما إذا كان قد احتفظ بالشخصيات الدرامية التي صنعها الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة في المسلسل الإذاعي المأخوذ عنه قصة العمل، أم أضاف خيوطا درامية جديدة، بشخصيات مستحدثة، تناسب النص التليفزيوني المختلف بالطبع عن نظيره الإذاعي؟؟
اقرأ أيضا: محمد سلامة: "راجعين يا هوى" مسلسل هادي والتزمنا باختيار نفس كلمات أسامة أنور عكاشة
والحقيقة أن السؤال كان نابعا من تقدير حجم التحدي الذي تصدى له عبد المالك بجسارة، فالتعامل مع نص منسوج على نول زعيم دولة الدراما المصرية، هو أمر شديد الإمتاع، وشديد الخطورة أيضا، ويفتح بابا من التكهنات حول قدرة السيناريست على النجاة من فخ استحضار الروح دونما التمرد عليها، بوضع بصمة خاصة له، وبعد مضي الثلث الأول من المسلسل، نستطيع أن نقول بأن عبد المالك قد نجح في العبور بالنص آمنا إلى عالم جديد، هو واحد من عوالم "عكاشة" بلا شك، لكنه مغزول باستخدام أدوات غزل حديثة هذه المرة، وبمعاونة مخرج محترف مثل محمد سلامة، الذي خلق لوحة شديدة التناغم، بإيقاع محكم لن يسمح للملل بأن يتسرب إليك لحظة واحدة.
أما كتيبة العمل، فمعظمها يستحق الإشادة، وعلى رأسهم نجم العمل وبطله خالد النبوي، الذي يكمن سر نجاحه في أنه توارى بشخصيته عن المشهد، لصالح شخصية "بليغ أبو الهنا"، لذلك، أكاد أجزم أنه لن تدور أية نقاشات حول المسلسل، ويذكر فيها اسم خالد النبوي، فالشخص الذي نعيش معه يومياته، وأحلامه منذ عاد من "بودابست"، هو "بليغ أبو الهنا" وكون البطل استطاع أن يتلبس الشخصية، لدرجة أن ينسينا وجوده، وأن يجعل منها شخصية حية من لحم ودم، فهذا إنجاز في حد ذاته، يستحق أن نحييه عليه، كما نشكره أن قدم لنا هدية ثمينة متمثلة في نجله نور النبوي الذي اختار التلقائية لتكون طريقه في لعب شخصية "طارق أبو الهنا"، وهو طريق ممهد نحو النجومية بلا شك.
وعلى الجانب الآخر، استطاع القطبان المتنافران أنوشكا ووفاء عامر من خلال شخصيتي "شريفة ويسرية"، تجسيد شكل الصراع بين المنزل الأرستقراطي والمنزل الشعبي، بأداء غاية في الرصانة، وبعيد كل البعد عن المغالاة، مما جعل مشاهدهما سويا محل انتظار من قبل جمهور المسلسل.
أما النجم إسلام إبراهيم، فهو مشخصاتي كما قال الكتاب، فلديه قدرة كبيرة على التلون، والذهاب إلى مناطق درامية جديدة، وبعيدة كليا عما سبق أن قدمه، لذلك، فقد أرسى من خلال شخصية "رؤوف" شكل متفرد من الأداء الذي صاحبه بلا شك قراءة جيدة للدور وأبعاده، مما جعله يعيد إلى أذهاننا شخصية الشرير الظريف التي افتقدناها منذ أيام "توفيق الدقن واستيفان روستي".
وتقمصت ريهام الشنواني بشكل مذهل في دور"عزة" شخصية الفتاة المنقادة، التي لا تمتلك رأيا، ولا تستطيع سوى أن تصبح تابعا سهل تحريكه، وقد أدت ذلك بأداء يمكن وصفة بالسهل الممتنع، الذي يتوافق مع كونها واحدة من خريجات مدرسة الإجادة الفنية النموذجية (مدرسة خالد جلال).
أما القديرة سلوى محمد علي، فلديها قدرة فائقة أن تشعر جمهورها بالقرب والحميمية، لذا فلا تتعجب إذا تسرب بداخلك رغبة في أن تطرق باب "صفية" لتؤنس وحدتها، وتلعب مع قطتتها الصغيرة.
أما تتر المسلسل، الذي أبدعه الثلاثي: تامر حسين، وعزيز الشافعي، ونادر حمدي، ووضع عليه مدحت صالح صوته الذهبي، فقد أعادنا إلى تترات زمن الدراما الجميل، والذي يقف أمامه زر SKIP INTRO عاجزا في كل مرة، فلقد استطاع صناعه أن يجعلوه جزءا من نسيج المسلسل يهيئ المتفرج للغوص في أحداثه، وإذا كانت كلمات التتر الذي صاغه ببراعه تامر حسين تقول واصفة حال بليغ: "حنيت للبيت وحضن البيت .. ده أنا رحت وجيت .. استكفيت زيكوا ما لقيت". فعلى صناع المسلسل أن يعلموا أن الكلمات تصف حالنا كمشاهدين، فنحن أيضا "رحنا وجينا" بين مسلسلات الموسم، لكن لم نجد مثلكم.
اقرأ أيضا:
4 أسباب تدفعك لمشاهدة مسلسل "راجعين يا هوى" .. لاتنسى أسامة أنور عكاشة
سلمى أبو ضيف تهرب من عريس على طريقة عصابات شيكاغو في "راجعين يا هوى"
من بينها "توبة" و"راجعين يا هوى".. أعلى الأعمال مشاهدة على منصة "شاهد"
لا يفوتك: علي رؤوف لـ "في الفن": بلعب مزيكا وبعمل دوبلاچ وتأثرت بهنيدي وعبد الرحمن أبو زهرة وأمي اكتشفت موهبتي
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5