من المؤكد أنه لا أحد من المارين في شوارع حي الزمالك طوال الأسبوعين الماضيين تساءل ولو للحظة عن هوية الشخص الذي وضع الملصقات التي يراها طوال رحلة سيرة، لتعلن عن موعد حفلة الفنان "على الألفي" بساقية الصاوي والتي أقيمت ليلة أمس، فمن الطبيعي أن يكون واضعها شخص يعمل بالجهة المنظمة للحفل، أو على أقصى تقدير سيكون شخص تابع للمطبعة التي تولت طبع تلك الملصقات، لكن المفاجأة أن واضعها هو ذات الشخص المطبوع صورته عليها!
فقد تولى "علي الألفي" الترويج لحفله بنفسه، ولم يكتف بدعوة الجمهور من خلف الشاشة لحضور الحفل كما يفعل غيره من مطربي هذه الأيام، لكنه قرر أن يتصرف بإيجابية، وبسعي حقيقي حتما سيصل به إلى النجاح وإن طال المشوار، وزادت التحديات، والتي كان من بينها أن تصادف موعد حفل ليلة أمس مع موعد مباراة كروية هامة، ظننت في البداية أنه سيغير موعد الحفل، أو على الأقل سيأجله لليوم التالي، لكنه لم يفعل، فقط ترك كل التحديات والصعوبات، على باب القاعة، وأطل على جمهوره في الموعد المحدد سلفا، ليمنحهم فيضا من مشاعر يمتلئ بها صوته الشجي، ويهدي إليهم طاقة حب وسعادة لا تمتلك أمامها سوى أن تفعل مثل ما فعل، فتنسى همومك، وأحزانك، وتغني معه.
لدى "علي الألفي" قدرة غريبة، يُشعر من خلالها كل شخص حاضر الحفل بأنه يغني له وحده، فينقله من القاعة بجوها الحار، ورطوبتها المرتفعة، إلى عالم أكثر رحابة وصفاء، أو لربما شعرت مراوح الهواء بما يشعر به الحاضرون من سلطنة، فأرسلت لهم نسمات هواء إضافية، وكأنها تخبرهم أنها (تسلطنت) مثلهم، وأن هذا المطرب الواقف أمامهم يستطيع أن يصل بإحساسه إلى الحجر كما يصل إلى البشر.
يوقع "علي" بصوته مع كل أغنية يغنيها عقدا بينه وبين الجمهور، أهم بنوده أنه لن يخذله أبدا، سواء في اختيارات الأغنيات التي قرر أن يتضمنها برنامج الحفل، أو في اختياراته المستقبلية لأغنياته الجديدة، فيرسل لهم مع كل آه من آهاته ضمانة بأنه سيظل قابضا على الجمر، متمسكا بفنه الحقيقي حتى وإن اختلفت المعايير التي على أساسها يتحدد النجاح والتي لم يعد من بينها -ومع الأسف-الصوت الجميل، أو الموهبة القوية.
(آخر حتة جوه الروح) هو عنوان أغنية "علي" الجديدة التي اختص بها جمهور حفلته ليلة أمس، وفي ظني أنه من الإنصاف أن يخبره الجمهور الذي استمع إليه بأن أغنيته الجديدة لمست بداخله آخر حتة جوه الروح.