في تأصيل دراماتيكي يكون البطل هو النافذة الإيجابية للمشاهد، فهو الذي يحمل أحلام الضعفاء والفقراء وينطلق نحو تحقيقها، وفى طريقه يقابل الأشرار، يحاربهم يسقط لكنه لابد أن ينتصر، فتأتي النهايات السعيدة بانتصار البطل، حتى تتحقق سعادة مؤقتة للجماهير.
وفى خضم التواطؤ سيتجاهل الجمهور أي نوازع شريرة، أو ثغرات ارتكبها البطل، فالجمهور الذي يتوحد مع شخصيات أبطاله، بحاجة أن يتخلص من شروره وأحقاده، ويرسم صورة الأخيار والملائكة، ليعيشها، ولذا فإن انتصار البطل/الخير بمثابة انتصار لكل مشاهد اتحد مع الشخصية وعاشها خلال المشاهدة.
نرشح لك: خطأ إخراجي في مسلسل "ملوك الجدعنة".. هل لاحظته؟
وفى الصفقة التي عقدها ضمنيًا المشاهد مع نجومه، تنجح العروض التليفزيونية، وتستمر حركة التواطؤ الكبرى، لكن ثمة حجر في البحيرة المستقرة، إذ تأتي دينا الشربيني بدورها في مسلسل "قصر النيل" لتقدم بطلًا شريرًا، الشخصية القوية ذات النوازع الانتقامية، الثابتة أمام أعدائها، والذين يعكسون صورة الضعف والخير.
ورد التي تركت أثرًا طويلًا
دينا الشربيني الممثلة التي تُشعل الأخبار عنها كإنسانة وليس كممثلة، منذ قضيتها التي قضت عامًا في السجن، وتعاطف معها الكثير من الفنانين لتعود مجددًا للتمثيل، ثم علاقتها بالمطرب الكبير عمرو دياب، مئات الأخبار تتناول دينا وحياتها، القليل والنادر منها ما يُشير إلى مهاراتها كممثلة تُجيد ما تقدمه.
في دور "ورد" بمسلسل "جراند أوتيل" الذي عُرِض في الموسم الرمضاني 2016، أخذ تنتقل بسلاسة بين الإغواء والضعف والتخطيط للحصول على ما تُريد، تتلون ملامحها، صوتها، في كل إطلالة لها لا تملك سوى تصديقها، لكنه ومع كون "ورد" ليست شخصية رئيسية، في مسلسل تميز بعدد كبير من الممثلين الذين أدوا أدوارهم بمهارة، تمكنت دينا من الحفاظ على مساحتها دون أن تلفت شخصية "ورد" نظر الجمهور في لحظتها، حيث صور الرومانسية، والخجل تخطف أحلام المشاهدين المتلهفين لمساحات من أحلام يقظة حتى لو على الشاشة.
كاميليا تُعيد رسم شخصية البطل
منذ الإعلان التشويقي لمسلسل "قصر النيل" الذي يُعرض في هذا الموسم الرمضاني، تأليف محمد سليمان عبد الملك وإخراج خالد مرعي، تظهر شخصية "كاميليا" القادمة للانتقام.
تظهر "كاميليا" كشخص مبتز، يسعى لاستغلال أحد أفراد عائلة "السيوفي"، ثم تأتي بعد ذلك ليكتشف المحيطون أنها صارت زوجة العم الذي آل إليه كل ميراث العائلة، في إجادة واضحة وتمكن لا يمكن للمشاهد إلا أن يرى "كاميليا" كشخص شرير، فتسقط دينا الشربيني من عقل المشاهد، وتبقي "كاميليا" في حالة من التقمص، وشهادة نجاح تُحسب للنجمة الشابة.
تأخذ شخصية الشرير تأصيلها من تاريخها، وما مرت به من أحداث، إذ أن لحظة الانتقام ليست بالضرورة نتيجة الفعل الذي نراه، بل أنه نتيجة انفجار بعد تراكم العديد من المآسي، وشخصية الشرير هي بطبعها شخصية مركبة، وشديدة التعقيد، حيث يميل الإنسان في الغالب لإظهار جوانب الخير به، ومحاولات دائمة لطمس معالم الشر وبواطنه، ومن ثم تكون تلك الشخصية الأكثر جاذبية للجمهور الذي يخوض رحلته معها للكشف عن نوازعها.
تظهر كاميليا/دينا كماض يظهر لعائلة السيوفي، تمتلك مهارات المراوغة والتفاوض، المرأة الجميلة التي تُجيد استغلال مهارات الدلال، نظراتها لمنصور السيوفي في مشاهد عِدة، ثم تعاملها الذي يتراوح بين الدلال والضعف أمام الضابط، لكن هذا الضعف ينكسر ليُصبح قوة وكراهية في حديثها مع عايدة.
وخلال الأحداث يُمتعنا خالد مرعي بالعودة إلى الماضي لنكتشف من لحظة لأخرى تاريخ الشخصيات، وفي لعبة لونية مميزة تبدأ بالأبيض والأسود تتداخل مع الألوان حتى يصير المشهد ملون وكأننا نعيش الماضي ولا ننفصل عنه، وباستثناء اللقطات التي تُشير لطفولة "كاميليا" والتي تأتي كاملة بالأبيض والأسود كتاريخ دفين لا تتخلص منه الشخصية، بعكس ماضيها القريب الذي يتحد مع حاضرها ويصنعه.
دينا الشربيني التي تغوص في شخصياتها تكشف عن تحققها عبر أدوار الشر والأدوار المُركبة، فالشخصيات التي تحمل جانب واحد مثل شخصيات قدمتها في أعمال سابقة لا يُمكنها أن تقدم لدينا تلك الأرض الخصبة لإثبات مهاراتها كممثلة جيدة جدًا، فهي في الشخصيات التي تبدو شريرة ومركبة تنتقل بسلاسة مُدهشة من مساحة إلى أخرى، وفى كل لقطة يتحد معها المُشاهد ويتعاطف معها، يتفهم دوافعها، ويكتشف معها ما لحق به من ظلم وما تعرض له، فبات كثير من المشاهدين يدعم انتصارها، فهي بمثابة اللص الشريف أو القاتل المدفوع بحكم ظلم كبير، فيتعدل مفهوم الشر لدى المشاهد ليجد المبررات لبطله، وتتغير صورة الشر لتُصبح شخص عانى الهزائم ويسعى لنيل حقه.
اقرأ أيضا:
عمرو أديب عن مقاضاته محمد رمضان: أنا مش بلطجي وباخد حقي بالقانون مش بالشتيمة
غفران محمد زوجة الشهيد أحمد الكبير في "الاختيار 2": صورنا المشهد من مرة واحدة ومخضوضة من ردود الفعل
حوار وتهديدات بين عساف وعلي وغفران الغريب على Twitter
شمس عن محمد رمضان: بيعجبني (فيديو)