لم أتخيل أنه بعد 9 أيام من السينما الخالصة والتجارب السينمائية العالمية والمتنوعة، والتي تعكس ثقافات وقضايا وهموم إنسانية، ومدارس فنية متباينة، وحضور شخصيات سينمائية هامة أن ينتهي بنا الحال بعد حفل ختام الدورة الـ40 لمهرجان القاهرة السينمائي (20 نوفمبر و حتي 29 من الشهر نفسه) إلى الحديث والجدل و"الخناق" حول الفستان "الجريء" للنجمة رانيا يوسف.
انتفضت الـ"سوشيال ميديا"، ووسائل الإعلام، ونقابة المهن التمثلية، والبرلمان المصري، وأعلنوا الحرب على رانيا وأخواتها ممن يتجرأن على "خدش الحياء العام والخروج على التقاليد وقيم المجتمع"، ومارس معظم قادة المعركة أبشع أصناف الحروب النفسية من إهانات وشتائم ودعوات بالمرض، وخفتت الأصوات التي دافعت عن حريتها وحقها في ارتداء ما تحب، وهي الأصوات التي تم حصارها بعنف، خصوصا مع تصنيف البعض لهم بأن من يدافع عن العهر- من وجهة نظر الغاضبين طبعا- هو بالضرورة داعرا.
أمام هذا الطوفان كان لا بد أن تخرج رانيا ببيان تعتذر فيه، عن ارتدائها لهذا الفستان "الجريء الكاشف"، لتنضم رانيا إلى قائمة المشاهير الذين ارتكبوا أو صرحوا بأشياء رآها البعض خروجا عن نواميس المجتمع، وتقاليده ومنهم المطربة شيرين عبد الوهاب، والفنان أحمد مالك، والفنانة رحمة حسن. فكيف لرانيا أو شيرين أو غيرهما أن يرتكبن مثل هذه الأفعال! كيف لشيرين أن تسخر! ولرانيا أن ترتدي فستاناً عارٍ! ولرحمة أن تظهر بالمايوه. في مجتمعنا الفاضل ذلك المجتمع الذي لا يعرف الكذب ولا الرياء ولا يعاني من ازدواجية أخلاقية وقيميه، أو الذي يتصدر قائمة الدول الأكثر تحرشاً في العالم، والمصنف من أخطر العواصم على المرأة.
لم أندهش أبدا عندما أصدرت الفنانة رانيا يوسف بياناً صحفياً قالت فيه: "احترامًا لمشاعر كل أسرة مصرية أغضبها الفستان الذي ارتديته في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أود أن أؤكد أنني لم أكن أقصد الظهور بشكل يُثير حفيظة وغضب الكثيرين ممن اعتبروا الفستان غير لائق، من الممكن أن يكون خانني التقدير حيث ارتديت الفستان للمرة الأولى ولم أكن أتوقع أن يُثير كل هذا الغضب، وهنا أكرر التأكيد على تمسكي بالقيم والأخلاق التي تربينا عليها في المجتمع المصري، والتي كانت وما تزال وستظل محل احترام". ( لقراءة اعتذار رانيا يوسف الكامل)
رانيا في الأساس أدركت خصوصا بعد موقف نقابتها المخزي، أنها قد تجلس في منزلها بلا عمل، وأن معظم المنتجين سيتعاملون مع اسمها بمنطق أنه أصبح مغضوبا عليها، والمفارقة التي علينا أن نتساءل حولها تتعلق بموقف النقيب الدكتور أشرف زكي والذي انتفض بسبب أزمة الفستان، ولم نسمع له صوتاً فيما تشهده الدراما المصرية من أزمة حقيقة، وأن هناك أعضاء في النقابة مهددون في لقمة عيشهم، ما هو الأهم يا سيادة النقيب فستان رانيا أم صناعة تعاني من أزمات كارثية!
أتمنى أن يكون سيادة النقيب قد شعر بالراحة وأن كل شيء بخير بعد اعتذار رانيا يوسف، وعلى حراس الأخلاق ودعاة الفضيلة والأخلاق أن يطمئنوا أيضاً، فرانيا تابت ولن ترتدي فساتين مرة أخرى سواء جريئة أو محتشمة، وعلى نواب الشعب أن يرتاحوا ففستان رانيا الجريء سيطرح في مزاد علني وسيتم تخصيص عائد بيعه للشعب، أما من دافعوا عن رانيا وحقها في ارتداء ما تريد عليهم أن يصمتوا.
اقرأ أيضا
بالفيديو- رانيا يوسف عن أزمة فستانها: "الجمهور عنده حق في الغضب بسبب صوري من الخلف"