ربما لا يوجد ما يدعى الكمال، لكن دعنا نشير إلي من اقتربوا إليه.
حتى تصل أغنية إلى الكمال يجب أن تتجانس جميع عناصرها حتى تقدم لوحة متكاملة، لابد أن يشعرك اللحن بكل حرف كتبه صاحب الكلمات، يجب أن تشعر بأن الملحن وصله شعور الكاتب، وأن دوره أصبح التعبير عن ذلك الشعور بنغمات تنقل لك الإحساس المطلوب الوصول إليه عند سماع الأغنية، يأتي بعد ذلك دور الموزع الذي يصيغ الحالة الموسيقية للأغنية، ومعه بالتأكيد العازفين ومهندس الصوت، يصل إليك عمل مكون من عدة عناصر، بشكل أو بأخر قد يكون هناك شخص واحد يتحكم في كل هذا، وربما يكون الأمر قدري بحت، فقط كل الأطراف أدت المهمة بنجاح، لتحصل الأغنية في النهاية على تقييم الـ 5 نجمات الشهير.
شو بني (كلمات سهام شعشاع، ألحان نقولا سعادة نخلة، توزيع ميشيل فاضل، هندسة صوت شربل منير وماستر طوني حداد)
بعد سنوات قليلة من ظهور حسين الجسمي وغياب نبيل شعيل، يطل شاب هادئ الملامح، ضخم الحجم يذكرك بنبيل شعيل، تشاهد الأغنية لأول مرة فتجد أسماء صانعيها تسبقها، الثلاثي يعتبر وجود واحد منهم فقط في أية أغنية بمثابة شهادة نجاح، فما بالك بأن الثلاثة اجتمعوا معاً في عمل واحد.
الأغنية تحمل في كلامها ولحنها تسليم شديد بفكرة قرب النهاية، والوصول إلى الحبيب النهائي الذي لا يتوقع منه أي جرح أو خيانة، قد تظن أن هذا الموضوع قد تم طرحه عدة مرات وأصبح لا يستحق طرحه من جديد، إلا أنه في هذه الأغنية تم تقديمه بشكل رائع يستحق الإشارة إليه.
تبدأ الأغنية بصولو قوي يأتي في المقدمة جيتار كهربائي يدعمه خط وتريات عريض، يجعلك تتوقع أنك على وشك ملحمة موسيقية، إلا أن ميشيل فاضل لم يحاول الاستعراض أو المبالغة، فيهبط بالموسيقي كلها مع دخول إبراهيم، ورغم أن الأغنية تقول صراحة "ما بدي أقلك شو بني شو اللي جرالي بها الدني" إلا أن هناك شيء قديم تحكيه الوتريات في الخلفية، ذكريات حزينة جداً نجح ميشيل فاضل في التعبير عنها، ثم تتصاعد الموسيقى مرة أخرى في صولو قصير يشبه المقدمة الموسيقية العنيفة التي بدأ بها ميشيل.
في دخول الكوبليه الأول تتهاوى الموسيقى ويعزف الجيتار الكهربائي معلناُ عن دوره منفرداً بطول الكوبليه في نصفه الأول، ومعه صوت إبراهيم الحكمي يغني بقوة "خدني معك" وكان اختيار الغناء بهذه القوة اختيار صحيح من نقولا سعادة نخلة، عبر بشدة عن كلمات سهام شعشاع، ونجح في نقل مشاعر من يشعر بأنه أخيراً أمام الشخص المناسب، بعد أن ينتهي نصف الكوبليه الأول تبدأ الكمنجات في العزف، في تحول غريب من الذكريات الحزينة إلى الأمل الشديد في ما هو قادم، وهو أمر يحسب لميشيل فاضل، حيث أبدى قدرة رائعة في تغيير حال الكمنجات من اليأس للأمل مرتين في الكوبليهات، وينتهي الكوبليه بصرخة إبراهيم الحكمي "ما بدي أقلك شو بني" ليتم المزج بين نهاية "شو بني" وعزف بديع للكمنجات يعبر عن حالة الأغنية بامتياز، وهو المتوقع دائماً من ميشيل فاضل.
"خدني معك كل اللي من قبلك مضى.. خدني معك وهم ومرق حزن انقضى".
رغم تكرار "خدني معك" عدة مرات إلا أنها في كل مرة تحمل تأثيرا مختلفا، مابين اليأس والأمل، الفرح والحزن، لا تمل من تكرارها، نقولا حقاً تألق في هذا اللحن.
ومثلما حدث في الكوبليه الأول يحدث في الكوبليه الثاني، الموسيقي تتهاوى مع بدايته، الكمنجات تظهر في نصف الكوبليه الثاني، ويكرر إبراهيم "أنت ومعي"، لكن في نهاية الكوبليه تلك المرة يسكت ميشيل الموسيقى بالكامل، ليخرج صوت إبراهيم منفرداً وتنتهي كلمة "شو بني" بظهور البيانو في ظهور مؤثر قرب النهاية، ليعيد إبراهيم غناء مقدمة الأغنية بهدوء كما بدأ وتنتهي الأغنية بعزف البيانو منفردا.
أما عن الدرامز فيجب الانتباه إليه بشدة وأنت تسمع الأغنية للمرة الثانية، فهو لم يؤد دوره الإيقاعي فقط، بل قدم خط موزاي معبر في ذاته عن حالة التخبط النفسي التي تعبر عنها الكلمات.
الأغنية رائعة موسيقياً وعبر عنها "نبيل لبس" من خلال الصورة بطريقة بسيطة لكنها مؤثرة وتصف كل ما تحاول الأغنية أن تصل إليه.
إبراهيم الحكمي واحد من أهم الأصوات الخليجية الشابة، ومؤخراً عرفه المصريون من خلال تتر مسلسل "جبل الحلال"، يستحق من خلال تلك الأغنية أن يحصل على العلامة الكاملة، لتعرف قدرات إبراهيم الحكمي يمكنك الاستماع إليه وهو يغني أغنية أسطورية تستحق العلامة الكاملة هي الأخرى وهي أغنية "ناديت" لعباس إبراهيم سنتحدث عنها لاحقاً في مقال منفصل.
ناديت لإبراهيم الحكمي (كلمات خالد الفيصل، ألحان بندر بن فهد، توزيع فهد ووتريات هاني فرحات)
ناقشني عبر تويتر
Tweet to @mo7iahmed