"طفلة كان الجميلة"، هكذا وصف الناقد والمؤرخ الفرنسي فيليب روير، المخرجة اللبنانية نادين لبكي، أثناء المؤتمر الصحفي الخاص بفيلمها "كفرناحوم" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ71.
فقد بدأت المخرجة اللبنانية رحلتها مع المهرجان الفرنسي منذ عام 2005، عندما شاركت بسيناريو فيلمها "سكر بنات" وعملت على تطويره ليرى النور بعد عامين، ويعرض ضمن تظاهرة نصف شهر المخرجين. عادت بعدها في عام 2011 مشاركة بفيلم "هلأ لوين؟" في مسابقة نظرة ما، ثم وقع الاختيار عليها في عام 2015 لتكون عضو لجنة تحكيم في المسابقة. وأخيرا تنافس حاليا نادين لبكي على السفعة الذهبية مع 20 فيلما آخر يشاركون ضمن المسابقة الرسمية.
الفيلم تدور أحداثه حول طفل متورط في جناية يدخل السجن، ويقرر إقامة دعوى قضائية ضد والديه لأنهما أنجباه ليعيش حياة بائسة معهما دون الحق في هوية شخصية، أو قدرة على توفير احتياجاته الإنسانية، أو تعليمه. يتطرق الفيلم لعدد من القضايا المهمة المتعلقة بأطفال الشوارع والزواج المبكر ومعاناة المهاجرين والعبودية الحديثة، لكن من خلال رحلة طفلين أحدهما رضيع في شوارع لبنان.
يتضمن فريق عمل مجموعة من الممثلين الهواة يقفون أمام الكاميرا لأول مرة، يجسد الفيلم أجزاء من حياتهم الشخصية ومعاناتهم اليومية. ليكون أشبه بعمل سينمائي خيالي ينقل تفاصيل واقعية وصورة صادقة عمن يعيشون على هامش المدينة.
ونستعرض خلال السطور التالية، أبرز ما جاء في المؤتمر الصحفي لفيلم "كفرناحوم":
الدافع وراء الفيلم
قالت نادين لبكي إنها أردت من خلال الفيلم الحديث عن النظام الذي لا يسير على نحو جيد، وخلال البحث وجدت مجموعة من البشر يعانون خارج هذا النظام بسبب أوراق الهوية.
وأضافت: "كنت أعلم أن التصوير سيستغرق وقتا طويلا لذلك بحثت عن أشخاص سيبذلون كل ما في وسعهم لإنجاز هذا العمل"، مشيرة إلى أن مرحلة التصوير استمرت 6 أشهر، تم خلالها إعادة تصوير مشاهدة كثيرة حتى تصل لقدر عال من المصداقية والواقعية.
وأكدت على عدم وجود قصة حقيقية بعينها دفعتها لصناعة الفيلم، وإنما عدد من الأِشخاص الذين تعرفت عليهم خلال مرحلة البحث في الشوارع والسجن وملفات المنظمات الحقوقية.
وحول فكرة إقامة دعوى ضد الآباء، أوضحت أن أكثر من 90% من الأطفال الذين التقت بهم أكدوا أنهم يشعرون بالتعاسة ولا يعرفون لماذا أنجبهم آبائهم دون القدرة على توفير حياة كريمة لهم. وشددت على أن القانون الحالي لا يسمح للأطفال برفع دعوات ضد المسؤولين عن العناية بهم، لافتة إلى أن فكرة المحاكمة من خيالها.
اختيار الطفلين
"مهمة مستحيلة" هكذا تحدثت نادين عن مرحلة البحث عن الطفل زين الذي جسد دور البطولة في الفيلم، لأنها كانت ترغب في أن يكون بطلها متمتع بالذكاء والوسامة ولديه حزن في عينيه ووعي بما يحدث حوله. وأشارت إلى أنهم عثروا على زين خلال اختبارات أداء أجريت في الشارع.
وحول الطفل الرضيع يونس، قالت أنها فتاة في الحقيقة تحمل اسم "كنز" وهي كانت بمثابة الكنز في الفيلم لأنها قدمت كل ردود الأفعال المطلوبة ببراعة.
وفيما يخص التعامل مع طفلين أحدهما طفل رضيع لا يتجاوز عمره عاما والآخر طفل يبلغ من العمر 12 سنة، قالت لبكي "كان علينا التكيف مع وضع الطفلين لأنهما لا يمثلان بل يتصرفان على طبيعتهما".
ونوهت إلى أنها محظوظة بفريق العمل الذي تعاونت معه في الفيلم نظرًا لتمتعهم بالصبر في وقت التصوير.
في المقابل، تحدث الطفل زين الرفاعي، مؤكدا أنه لم يجد أي صعوبة في التمثيل ، فقد كان يفعل ما تطلبه منه المخرجة سواء مشاعر حزن أو فرح ببساطة شديدة.
تجربة شخصية
انهارت الممثلة الإثيوبية يوردانوس شيفيرا، باكية فور شروعها في الحديث، نظرًا لأن الفيلم جسد معاناتها الحقيقية خلف الكاميرات.
وقالت الممثلة التي سافرت إلى لبنان في عمر 20 عامًا، "أشكر نادين لأنها اتاحت الفرصة أمام الناس ليعرفوا الحقيقة، هذه حياتي بالضبط، الفرق الوحيد أنني ليس لدي طفل رضيع كما جاء في الفيلم".
وذكرت أنها كانت تبكي كثيرا خلال العمل على مشاهدها، لافتة إلى أن قوات الشرطة ألقت القبض عليها في مرحلة التصوير وظلت بالحجز 3 أيام حتى تمكن كاتب السيناريو والمؤلف الموسيقي خالد مزنر من استخراج بطاقة هوية لها.
فيلم من البيت
وصف السيناريست خالد مزنر، زوج نادين لبكي، صناعة الفيلم تمت في منزلهما وقد كان فريق العمل أشبه بأسرة واحدة.
وشدد على أن نادين كانت تعيد المشاهد أكثر من مرة كي تصل إلى الحالة المثالية التي تطمح لها.
فيما اختتمت نادين كلمتها بأنها تؤمن بأهمية الفن ودوره في إحداث تغيير، خاصة في منطقة مثل الشرق الأوسط تعاني من مشاكل عديدة.
اقرأ أيضًا:
رسالة كان- الفيلم الياباني Asako I & II.. متعة مشاهدة قصة تقليدية
رسالة كان- تفاصيل صناعة الفيلم المصري "يوم الدين".. الرفض من مهرجانات كثيرة وقصة حب خلف الكاميرا