فيلم Avengers: Infinity War كيف تكتب كلمة النهاية؟

تاريخ النشر: الاثنين، 30 أبريل، 2018 | آخر تحديث:
فيلم Avengers: Infinity War

10 سنوات مرت منذ أن قررت استوديوهات Marvel أن تُطلق عالمها السينمائي المعروف بـ ”Marvel Cinematic Universe”، تغيرت خلالها الخريطة السينمائية تمامًا، منذ أن كنا نتعرف على هذه الشخصيات واحدة تلو الأخرى، إلى أن أصبحت الأفلام متشابكة التفاصيل ومرتبطة بشكل قوي، وكأنها مسلسل وصلت حلقاته إلى 18 حلقة قُدمت خلال عقد من الزمان.

جميع عشاق Marvel، المخلصين منهم والذين شاهدوا بعض الأفلام فقط، كانوا في انتظار الحلقة التاسعة عشر من عالم مارفل، فيلم ”Avengers: Infinity War“ (المنتقمون: حرب اللانهائية). هذه الحلقة التي تمهد لنهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى جديدة، أغلب الظن أنها ستحتوي على أبطال جدد وتتخلص من عدد من الأبطال القدامى، لكن الفيلم فاجأنا بتقديم بطل من نوع آخر لم يكن في الحسبان.

8 أفلام وأكثر

منذ الإعلان عن هذا الفيلم كانت هناك حالة ترقب، ليس فقط لأنه سيشهد نهاية مرحلة كما ذكرنا، ولكن لمشاهدة كيفية تقديم كل الأبطال الذي ظهروا في أفلام منفردة من قبل داخل فيلم واحد، مع الحرص على إفساح مساحة جيدة لكل بطل أيضًا. الأمر كان صعبًا بالفعل في أول أفلام آفنجرز عام 2012 عندما كان الأبطال الرئيسون أربعة فقط، فكيف سيصبح الأمر عندما ارتفع العدد إلى 8؟ وهذا باحتساب فريق حراس المجرة المكون من 5 أفراد كوحدة واحدة وبعدم احتساب آنت مان الذي لم يظهر في هذا الفيلم، الأمر يحتاج إلى مجهود جبار في السيناريو أولًا، لتوظيف كل شخصية بشكل جيد، ثم إلى إخراج مميز حتى تعطي كل بطل ظهورًا يليق به، خاصة الذين يتمتعون بشعبية خاصة مثل كابتن أمريكا (كريس إيفانس) وآيرون مان (روبرت داوني جونيور)، وأخيرًا سيتولى المونتير مسؤولية أن يحول كل ما حدث إلى فيلم قابل للمشاهدة، دون أن يشعر المشاهد بالملل أو بنسيان شخصية على حساب الأخرى، مهمة أخرى شديدة الصعوبة.

ما سبق بالطبع يحدث مع أي فيلم آخر، لكننا نتحدث عن فيلم مضاعف إلى 8 مرات، وأكثر بإضافة الشخصيات الثانوية مثل الأرملة السوداء ”Black Widow“ (سكارليت جوهانسون).

على خطى Game of Thrones إلا قليلًا

مع مرور أفلام مارفل، صار المشاهد يعرف أحجار اللانهائية أو Infinity Stones، والتي ازداد التركيز عليها في أفلام بعينها، مثل فيلمي ”Guardians of the Galaxy“ (حراس المجرة) و”Doctor Strange“، لكننا نتعرض لها بشكل متفاوت خلال الأفلام المختلفة.

هي ستة أحجار كل حجر منها يمتلك قوة خارقة، مثل التحكم في الزمن، ومن يجمعها يمكنه السيطرة على الكون، وهو ما يسعى له ثانوس أحد الشخصيات التي تسكن في مجرة أخرى وأقوى الشخصيات الشريرة في عالم مارفل.

بينما يرسل ثانوس (جوش برولين) في الأفلام السابقة بعضًا من أعوانه ليحصلوا على الأحجار، وهو ما يفشلون فيه عادة، يقرر أخيرًا في هذا الفيلم أن يبدأ عملية جمع الأحجار بنفسه، ومن هنا تبدأ وتنتهي أحداث الفيلم، إذ نتابع خلال ساعتين ونصف الساعة تقريبًا رحلة بحث ثانوس عن الأحجار في الكواكب المختلفة، وفي المقابل محاولة فريق الآفنجرز إيقافه بكل الطرق، مع الأخذ في الاعتبار تفرقهم نتيجة الخلافات أو الصراعات في الأفلام السابقة.

تبدأ الأحداث سريعًا من نقطة نهاية فيلم “Thor: Raganarok”، لا مجال لأي تمهيد بل ندخل في قلب الأحداث سريعًا، ومن المشهد الأول يؤسس صناع الفيلم للشكل الذي سنسير عليها لاحقًا، الإضاءة مظلمة والأجواء سودواوية ولا يوجد أدنى مانع في التخلص من بعض الشخصيات الرئيسية والثانوية، وكأننا نشاهد إحدى الحلقات الدموية في مسلسل ”Game of Thrones“ (صراع العروش)، باستثناء عدم وجود دم هنا، مع وجود الكثير من الكوميديا التي سنأتي لها لاحقًا.

ثلاثة خطوط متوازية

مع كثرة الشخصيات كان الحل الذي لجأ إليه كاتبا السيناريو كريتسوفر ماركس وستيفن مكفيلي هو تقديم عدة خطوط كل منها يحتوي على عدد من الأبطال، وتتفرق مشكّلة خطوطًا درامية متفرقة تسير بشكل متوازي في النصف الثاني من الفيلم، على أن تصب جميعها في النهاية داخل الخط الرئيسي وهو محاولة إيقاف ثانوس. يظهر هنا التأثر ببعض أعمال الأجزاء الأخيرة أو قبل الأخيرة في السلاسل الشهيرة مثل سلسلة هاري بوتر.

هذه التقنية في الكتابة تختلف عما شاهدناه في أول وحتى ثاني أفلام آفنجرز، لم يعد بالإمكان أن تتحرك كل الشخصيات معًا في اتجاه واحد، فلن تكفي اللقطة الواحدة لكل هؤلاء، وعلى جانب آخر، بعد أن تابع المشاهد 18 فيلمًا أغلبها يتراوح بين الجيد والجيد جدًا، فقد ارتفع سقف أمنياته للفيلم.

مضت الساعة الأولى بالكامل في تقديم الشخصيات واحدة تلو الأخرى، وتقاطع مصائرها، لنتابع في الثلث الثاني من الفيلم ثلاثة خطوط رئيسية، الأول في الأرض في محاولة لحماية حجر العقل الموجود في رأس فيجين (بول بيتاني)، والفريقان الثاني والثالث في الفضاء، أحدهما يتابع خطوات ثانوس ويحاول القضاء عليه، والآخر يسعى لصناعة سلاح يُمكّنه من مواجهة هذا الأخير.

مع كثرة الانتقال بين الكواكب المختلفة سنشعر لوهلة أننا دخلنا إلى عالم حرب النجوم، وربما حاول مصممو الإنتاج في الفيلم صناعة شكل وطابع خاص لكل كوكب، وإن كانت السمة العامة لكل الأماكن هي أنها مدمرة بشكل جعلها متشابهة في النهاية إلى حد كبير، مدمرة لمرور ثانوس أو قواته عليها، وهو ما ينقلنا إلى أهم محاور هذا الفيلم، ثانوس.

رحلة البطل ثانوس

على عكس العادة، كانت الشخصية الشريرة في الفيلم هي بطلة العمل، يحدث أحيانًا أن تتألق إحدى الشخصيات الشريرة في هذه النوعية من الأفلام، جوكر هيث ليدجر في ”The Dark Knight“ (فارس الظلام) يظل المثال الأشهر، لكن مع وجود الباقة الضخمة من الأبطال داخل هذا الفيلم، كان تألق ثانوس صعبًا إلا أنه نجح في ذلك.

كان هو أكثر شخصيات الفيلم حضورًا، كما ذكرنا فقد ظهرت الشخصيات الأخرى متفرقة في مشهد أو اثنين على الأكثر حتى الساعة الأولى، بينما تكرر ظهوره هو بشكل أكبر، ثم يأتي دور السيناريو في رسم تفاصيل الشخصية وفي صناعة الحبكة الخاصة بالفيلم.

كان الوجه السائد لهذه الشخصية، التي لم نلمح سوى لقطات نادرة لها في الأفلام السابقة، أنها شريرة بشكل مطلق، لكننا نشاهد وجهًا آخر لها في هذا الفيلم، إذ أضاف صناع الفيلم عدة أبعاد للشخصية، وهو أحد أهم العوامل التي لم تم تُضِف إلى الشخصية فقط، بل أضافت إلى الفيلم ككل، وكانت نقطة انتقال مهمة في بعض الأحداث.

السائد في الشخصيات الشريرة هو أنها ترغب في السيطرة على شيء ما، الأرض أو منطقة نفوذ، وتبذل كل شيء في هذا السبيل، الجديد في الفيلم هو مشاهدة مبررات للشخصية الشريرة لسعيه وراء السيطرة على الأحجار كما شاهدنا جانبًا عاطفيًا لديه، ربما سمح هذا برسم شرير مختلف له تفاصيل لا تُنسى بالفعل، وهو ما يليق به بالفعل، ولكن على الجانب الآخر، ربما انتقص هذا الجانب العاطفي من حالة الرهبة التي كانت تحيط به من قبل.

على الجانب الآخر نجد أن الفيلم يقدم لنا أحد أشكال نموذج رحلة البطل الدرامي الشهير لكريستوفر فوجلر، ولكن البطل هذه المرة هو الشخصية الشريرة.
يمكن اعتبار الأفلام السابقة بمثابة الفصل الأول من الرحلة، الذي يحتوي على تأسيس العالم والنداء ثم رفض البطل لهذا النداء، وهكذا لم نجد ثانوس يظهر بنفسه في ما سبق، كذلك يضم الفصل الأول تكوين الصداقات والعداوات، وهو ما حدث أيضًا في الأفلام السابقة، إذ شاهدنا بعضًا من حلفاء ثانوس، وكل الأبطال الذين تعرفنا عليهم هم أعداؤه في الواقع.

يبدأ الفيلم مع الفصل الثاني من الرحلة، مرحلة الاقتراب، فنشاهد ثانوس يبدأ بنفسه في استعادة الأحجار، ولاحقًا يمر بمرحلة الاختبار الأقصى التي يحصل خلالها على المكافأة التي يبحث عنها، ثم تأتي المواجهة الأصعب، ولكنه ينجح في الخروج منها ليحقق مرحلة البعث.

ينتهي الفيلم بنهاية شبه مفتوحة، أو بمعنى آخر تُغلق فصلًا تمهيدًا للفصل الأخير الذي سنشاهده في الفيلم المنتظر من سلسلة الآفنجرز في عام 2019، لكننا شاهدنا بالفعل بهذا الشكل صورة استثنائية من رحلة البطل في عالم مارفل، وفي عالم الأبطال الخارقين عمومًا.

الأخوان روسّو

قدم عالم Marvel عددًا من المخرجين المميزين في أفلامه، لكن يبقى الأخوان أنتوني وجو روسّو من أفضل المخرجين الذين تعرفنا عليهم من خلال هذه الأفلام، لهذا لم يكن غريبًا أن يوكل إليهما مهمة إخراج هذا الفيلم الأهم في السلسلة بالإضافة للفيلم القادم، بعد أن نجحا بشكل لافت في فيلمي كابتن أمريكا ”Winter Soldier“ (جندي الشتاء) و“Civil War“ (الحرب الأهلية)، أهم ما يميز أسلوب الأخوين روسّو هو اعتمادهما على الإيقاع السريع في تنفيذ مشاهد الأفلام، والإخراج المميز للمعارك، لهذا لم يكن غريبًا أن تكون المعارك في هذا الفيلم متقنة، مع الحرص على ترك المعركة الأكبر قرب النهاية.

وإن تخليا عن سمة مهمة أخرى لهما، وهي الاهتمام بالشكل الجاد للفيلم والتقليل من الكوميديا غير الموظفة جيدًا، إذ كثرت في ”Infinity War“ العبارات الكوميدية التي لم تكن موفقة على الإطلاق في توقيتاتها، إذ كيف يمكن أن يكون الأبطال يعانون من أزمة ستقضي عليهم وعلى البشرية ويكون لديهم الوقت لإطلاق النكات؟ كوميديا الفيلم، رغم نجاحها في اقتناص الضحكات، لكنها كانت خارج السياق تمامًا.

لكن هذه كانت واحدة من المنغصات القليلة في فيلم ممتع إلى درجة كبيرة، يمكن أن نعده بمثابة جني لثمار زرعتها مارفل ببراعة خلال عشر سنوات، وإن كان الفيلم سيرفع مرة أخرى من سقف الأمنيات للفيلم القادم، مثلما سيضيف إلى الملايين الذين يعشقون الأبطال الخارقين، بعض معجبي ثانوس الذين سينتظرون تحديد مصيره.

اقرأ أيضًا:
برلين 68- فيلم "الجمعية".. بعد أن تغرب الشمس

فيلم Unsane التجربة أهم من الفيلم