لفت الممثل جاكوب تريمبلاي انتباه كثيرين منذ ظهوره في فيلم Room الصادر عام 2015. فقد أثبت الطفل البالغ من العمر 11 عامًا، أنه يتمتع بقدرات تمثيلية عالية، وحضور مميز على الشاشة، لدرجة أن البعض اعتبر عدم ترشحه لجائزة الأوسكار عن الدور بمثابة خطأ غير مقبول.
يعود تريمبلاي هذا العام بفيلم Wonder، الذي يُعرض حاليًا في دور العرض السينمائية، ويشاركه البطولة الممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار جوليا روبرتس، التي تجسد دور والدته خلال الأحداث.
الفيلم مأخوذ عن رواية حققت نجاحا كبيرا في عام 2012، وتدور قصته حول طفل يدعى "أوجست بولمان" مولود بتشوه خلقي في وجهه، خضع لأكثر من عشرين عملية جراحية، لذلك يختار أن يواجه العالم مرتديًا خوذة فضاء تمنع الآخرين من التحديق في ملامحه، وأيضًا تمثل جزءًا من عالم Star Wars الذي يحبه. تشجعه والدته على الالتحاق بمدرسة عادية بدلا من الدراسة في المنزل، وهناك يواجه عدد من التحديات يتغلب عليها بمساعدة أسرته.
يلجأ السيناريو إلى البناء غير الخطي في عرض القصة والشخصيات، صحيح أن الطفل الصغير هو محور الأحداث لكن الجميع يطوفون حوله، فنرى تأثير حالته الصحية على أفراد العائلة والأصدقاء، وكيف أن وجوده يلعب دورا في حياتهم بشكل أو آخر.
لا يحاول الفيلم استدرار تعاطف المشاهدين، أو التركيز على الجانب المأساوي من القصة، بل يختار بث روح المقاومة والمثابرة على تنمر الآخرين واضطهادهم للآخر. كما أنه يسعى للتأكيد على أن الاختلاف أمر محمود، لا ينتقص من قيمة الشخص بل على العكس يميزه.
صناع الفيلم
تقول جوليا روبرتس، في تصريحات لوكالة The Associated Press، إن بعض المشاهدين وصفوا الفيلم بأنه نموذج للعائلة الصحية الثائرة.
وأضافت: "أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة من القتامة في العالم، تجعل مثل هذه النوعية من الأفلام التي تحمل رسائل جميلة بمثابة نوع من الثورة على الأوضاع".
وتابعت: "الجميع يريد أن يشعر بالراحة، لكننا محاطين بطاقة سلبية، وهذا ما جعل الرواية تمس قلبي، شعرت أنني متفائلة نوعا ما، وسعيدة، وكأن جميع الأخبار السيئة في العالم مجرد رذاذ ممل".
وأشارت إلى أن الفيلم يعتبر وسيلة لطيفة لتعليم الآخرين أن الشيء الواحد يمكن النظر إليه بطرق مختلفة.
فيما يكشف جاكوب تريمبلاي عن السر الذي ساعده على تقمص الدور، في حوار مع شبكة ABC، قائلاً: "وضعت على وجهي قناعًا يجعل عيناي متدليتين، كما استخدمت العدسات اللاصقة، وطاقم أسنان، وشعر مستعار... كل هذه الأشياء ساعدتني على التحول إلى الشخصية".
وأكد أنه أراد المشاركة في الفيلم بعدما عرف رسالته، كما أنه تواصل مع عدد من الأطفال الذين يعانون من متلازمة تريتشر كولينز، أو خلل عظام الوجه والفك، مستدركًا: "طلبت منهم أن يرسلوا لي خطابات عن حالاتهم، وكنت اقرأها باستمرار قبل أداء المشاهد الصعبة".
القصص الحقيقية وراء Wonder
صحيح أن قصة الطفل "أوجست بولمان" خيالية، إلا أن هناك أكثر من 600 ألف شخص داخل الولايات المتحدة الأمريكية يعانون بالفعل من متلازمة تريتشر كولينز، من بينهم الطفل شين فيسوكي البالغ من العمر 7 سنوات و إميلي ميريل صاحبة الـ13 عامًا.
يقول والد شين فيسوكي لموقع CNN، إن هناك تشابه بين حياة ابنه وحياة "أوجست بولمان"، لكنه قرر قضاء أول يوم دراسة بطريقة مختلفة قليلًا عما فعله بطل الفيلم. فقد آخذ معه الفحوصات والأشعة الطبية كي يشرح لزملائه طبيعة مرضه وما مر به خلال فصل الصيف عندما خضع لعملية جراحية.
يوضح الطفل: "أحب أن يرى الناس الأشياء على حقيقتها، أن يعرفوا ما نتعرض له، وما نمر به".
يشير الأب إلى أن نجله أجاب بطريقة ساخرة على عدد من أسئلة زملائه، مؤكدًا أن الثقة التي يتمتع بها في الحديث عن مرضه نابعة من الطريقة التي تتعامل بها أسرته معه.
ويتابع: "لا نتعامل معه بأسلوب مختلف، فهو مثل أي طفل في عمره، عليه إتباع القواعد وأداء الواجبات".
عند ولادته خضع شين لعمليتين جراحيتين، وعندما بلغ الثالثة من عمره أحتاج إلى عملية جراحية ترميمية في جمجمته، ثم واحدة أخرى في عمر ست سنوات، بعد ذلك وضع جهاز على وجهه لمدة 4 أشهر، وأزاله في شهر أغسطس الماضي.
وفيما يخص إميلي، فقد ولدت بندبات جلدية على أذنيها، ودون فك سفلي، وتسبب ذلك في عدم قدرتها على السمع أو تناول الطعام، لكن المشكلة الحقيقية هي أن الأطباء لم يتمكنوا من تشخيص المرض، أو علاجه.
وبعد التردد على الكثير من المستشفيات، عرف الوالدان أن ابنتهما تعاني من متلازمة جولدنهار، ووفقًا للإحصاءات فإن هذا مرض نادر يصيب مولود واحد من (3500 إلى 25000) طفل.
تقول والدة إميلي أن ابنتها تتجنب التجمعات الكبيرة، ولا تفضل من المناسبات سوى الهالوين، مثلما جاء في الفيلم، موضحة: "في عيد الهالوين، ترتدي قناعًا وتتجول بين الناس دون أن يحدق بها أحد".
اقرأ أيضًا:
20 عامًا على Titanic- كيت وينسلت تكشف عن المرشح الأول للدور وهكذا شاهد أطفالها مشهد التعري