يدهشني أحياناً بل يصدمني رأي بعض الممثلين في الجمهور وأنه لايهتم بالفن الجيد وأنا لا أتذكرهم جميعاً من كثرتهم ، ولكن مؤخراً أكدت الفنانة روجينا - التي لاأتذكر لها إلا بعض الأعمال التقليدية - في شموخ عدم إهتمام المشاهد المصري بالأعمال الجيدة، بعد عدم نجاح الفيلم التليفزيوني الأخير "يوم الكرامة" في دور السينما.
و قد تكرر الموقف مع ممدوح عبد العليم نجم رمضان الدائم منذ فترة على أحد البرامج في التليفزيون المصري بعد أن لفظته السينما وبدأ يشن هجوماً عنيفاً على الجمهور والسينما ويصل به الأمر لوصف "فنه العظيم" بأنه أفضل من الصناعة بأكملها!! فهذا هو الغرور ذاته ، وهذه ليست جميع الأمثلة فأصبحت تلك الإجابة حجة كل غير المطلوبين سينمائياً.
لماذا لم تتفتق هذه الآراء "العجيبة" إلى ذهن عبد العليم في الفترة التي كان يقدم فيها أفلاماً حققت أرباحاً وأخرى فاشلة أتغيرالشعب المصري الآن ، ألم تكن السينما تمر بأزمة مماثلة من وجود منتجي أفلام المقاولات؟
ليتكم لا تتجنوا على الجمهور بقولكم "الناس عايزة كده" فلا أساس له من الصحة ، فكل أنصاف المواهب أو الفارين من المنافسة في شباك التذاكر نتيجة ملل الجمهور مما يقدمونه ، حين يسألهم أحد المذيعين السؤال السخيف المعتاد عن سبب إبتعاده عن السينما ، فيجيب "العملاق الفني" تلك الإجابة الدائمة : إن الجمهور عايز كده ولا يريد إلا الضحك ولا يلتفت إلى الفن الحقيقي".
فكل من هو ليس قادر على العمل من الأفضل ألا يلقي التهمة على عاتق الأخرين فإما أن يعمل جيداً أو لا يتحدث أو على أقل تقدير يجيب عن السؤال بإجابته الحقيقية والمنطقية مثل لا يعرض علي سيناريوهات سينمائية، أو العمل المقدم لا يناسبني كماً أو كيفاً رغم إعتقادي أن هذه النوعية من الممثلين لا تهتم بكيفية الأدوار.
والسؤال الذي تلح علي إجابته هو من إين جاء هذا الأستاذ بتلك الإجابة الظالمة للناس؟ ، وإذا كان هذا هو رأيه فلمن إذن يقدم أعماله الرائعة ، و إذا كان هذا هو حال جمهورنا "الذواق" فلماذا إذن تنجح أفلاماً كثيرةلا تبعث على الضحك وإنما بها أفكار تستحق الإحترام حتى إذا لم يتفق الجميع حولها؟ والأمثلة عديدة ، فمن الأفضل أن تعمل بدلاً من لعن المناخ الفاسدو إتهام الجمهور بالغباء ...إلخ من تلك الشماعات التي يعلق عليها الكسالى فشلهم.
و للأسف هذه الإجابة واضحة ومتفشية في الكثير من ممثلي التليفزيون الزاعمين إنهم إتجهوا له ليقدموا فناً حقيقياً متناسين أن الشاشة الفضية هي المحك الأساسي لقياس قدرة الفنان وهي التي تسطر له تاريخاً في الأذهان.
وتجربة "الفنان" شريف منير خير دليل على العمل الجاد دون ضجة إعلامية ولعن الجمهور والسينما والمنتجين والعنجهية الفارغة فبعد فيلم "الكيت كات" توقع الجميع لهذا الشاب الكثير ، ولكن لظروف السوق وتغيراته إنطفأ نجمه قليلاً ولكنه عاد الأن أكثر لمعاناً ، فهو لم يخجل من عدم القيام بأدوار البطولة المطلقة- هاجس جميع الممثلين حالياً، ولم يعتبر العمل مع الممثلين الجدد عار لا يمحوه إلا الدم ومع ذلك لم يتنازل عن فنه أو ينجرف في تيار سينما اللا هدف.
وفي السنوات الأخيرة أثبت الجمهور للمشككين في تذوقه للفن الجيد ، واتفق تماماً مع الأراء النقدية في الكثير من الأحيان فكان أعلى إيرادات شباك التذاكر عام 2003 سهر الليالي و 2004 تيتو و 2005 إنت عمري وهي جميعاً بالإضافة لأفلام أخرى مثل" بحب السيما" و"إسكندرية نيويورك" و"أحلى الأوقات" حصدت معظم الجوائز في الأعوام الأخيرة داخل مصر أو خارجها.
الجمهور المصري به طوائف عديدة ولايمكن إخضاعها جميعاً لحكم واحد فمنهم من لا يهتم إلا بالتسلية والضحك وهو ليس بسطحي ولكن لكل شخص إهتماماته ، ومنهم من يتعامل مع السينما كوسيلة تثقيفية بالفعل ومن غير المنصف ألا نتعامل مع هذه الفئة.
كان فنان الماضي يعمل من أجل الجمهور وكنا نسمع دائماً من العاملين بالسينما مقولة "جائزة الجمهور أكبر تقدير لي" فلماذا إختفى هذا التفكير.
من الأفضل ألا نتبع سياسة التعميم الراسخة في الأذهان حتى نستطيع الخروج من المناخ الذي يتسم بإلقاء التهم على الآخرين فدائماً يقال "الجمهور عايز كده" – الممثلون الجدد مهتمون بشباك التذاكر على حساب الفن الجيد – الممثلون القدامى إتجهوا إلى التليفزيون خوفاً من المنافسة – المنتجون يريدون تقديم الضحك فقط – السيناريوهات الموجودة ضعيفة".