FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: السبت، 11 يونيو، 2005 | آخر تحديث: السبت، 11 يونيو، 2005
تمثال الرئيس العراقي المخلوع

روتردام (هولندا) – رويترز : قدم المخرج العراقي باز البازي فيلمه التسجيلي "أين العراق" في مهرجان روتردام الهولندي للفيلم العربي ، وهناك فجر العديد من الستاؤلات ، بعضها خرج من معاناته الشخصية بعد سنوات المنفى في كندا ، وبعضها من قلب الشارع العراقي ، وسجله هو بكاميرته.

وقال البازي في مقابلة مع رويترز إن السينما في بلادي لاتزال جريحة مثل وطننا ، وتمر حالية بمرحلة التجريب ، إلا أن هذه الولادة المتعسرة التي كونتها تركة الماضي ونتائج الحاضر ستخرج في النهاية سينما متميزة بشخصية عراقية تتجاوز قرون الظلم التي عاشها العراق ، "نحن في بداية الطريق ومصممون على الارتقاء بنموذج سينمائي مختلف ومتميز عن السينما التي تعودنا عليها ايرانية كانت أم عربية".

وأكد البازي أنه مع المدافعين عن وحدة العراق بكل طوائفه وأرضه من شماله إلى جنوبه ، رافضاً نهج القتل والذبح المسلط على الإنسان العراقي الفقير ، ووصفه بالإجرام بحق القيم الإنسانية والديانات السماوية "أريد عراقاً حراً ديمقراطياً تتعايش فيه كل ألوانه الطائفية في عدالة وسلام".

وأضاف المخرج العراقي أنه "من دون تعايش طائفي وإجتماعي في العراق سيكون هناك تمزق في الكيان العربي العام ، ليغرق الجميع في دماء لن تستطيع أي قوة إيقافها وسينتشر سرطانها في أرجاء المنطقة ، العراقي اليوم بحاجة إلى التسامح والعدالة والمساواة لينهض ويعالج نفسه ويشفى ليبني مستقبله".

وأوضح البازي أن تكوين شخصية عراقية موحدة الآن مهمة صعبة ومعقدة للغاية ، تشبه ما حدث أيام العهد البائد لصدام حسين وأيام الإحتلالين الإنجليزي والعثماني ، بل تزداد اليوم صعوبة هذه المهمة في ظل مصالح أخطبوطية يتهافت عليها العالم كله في بداية هذا القرن ، والوصول إلى اتفاق سيكون ثمنه باهظاً وضحيته الانسان العراقي.

وشارك البازي في مهرجان روتردام الذي انتهت دورته الخامسة الاحد الماضي بفيلمه التسجيلي "أين العراق" الذي يعد عملا حدوديا إذ جاءته فكرته على حدود العراق مع تركيا ، ونفذه بالفعل على حدود بلاده مع الاردن في سبتمبر 2003 قبل نحو سبعين يوماً من إعلان القبض على صدام.

ويحكي البازي قصة ميلاد فكرة فيلمه بأن مركز الفيلم القومي الكندي حينما وافق قبل نحو ثمانية عشر شهراً بالاشتراك مع قنوات تلفزيونية على إنتاج فيلم وثائقي طويل في العراق ، توجه هو وفريق العمل إلى الحدود العراقية التركية للعبور إلى العراق بعدما انتهت التحضيرات اللازمة لدخول البلاد.

لكنهم لم يسمح لهم بدخول العراق من الحدود التركية ، وانتظر البازي أسبوعين في المناطق الحدودية أملا في سماح السلطات التركية له بعد المحاولات الدبلوماسية الكندية بدخول بلده الذي لم يزره منذ سنوات طويلة جدا ، ويصف البازي تلك الأيام بأنها "كانت تجربة مريرة ومؤلمة ، وأنا أشاهد عراقيين في هذه المناطق الحدودية مذلولين مكسورين ومثقلين بآلام مرعبة ومخيفة ، فكانت الكاميرا هي منفذي الوحيد لتوثيق الحالة التي يعيشها العراقي من الداخل ، والعراقي الذي يريد دخول العراق بعد كل سنوات المنفى".

ويتذكر البازي في ألم تجربته على الحدود "لمدة أسبوعين رأيت ظواهر لم أشاهدها في حياتي ، وصرخت "أين العراق" ، ولماذا يعامل العراقي بهذه الطريقة ، أليس هذا بلده" ، ويقول مواطن في الفيلم "إن كل العالم يدخل العراق ماعدا العراقي ممنوع عليه الدخول ، أنها حالة سيريالية مؤلمة وحزينة يقهر فيها العراقي على يد الجميع".

وفي الفيلم الذي تبلغ مدته أثنين وعشرين دقيقة تتفجر طاقات الغضب العراقية سواء على صدام أو الأمريكيين ، فهناك عراقي يرى أن "صدام دمر العراق ، لم يترك شيئا إلا خربه" ، ويشعر آخر بالامتنان للرئيس الأمريكي بوش الذي "وفر الدولارات ، بوش على رأسي" ، في حين يحسر ثالث على زعيمه "صدام شريف العرب ، أشرف من حكام الخليج ، أشرف زعيم عربي" ، بينما يراه رابع "عميل أمريكي جاءت به أمريكا ثم أخرجته".

وأشار البازي إلى أن فيلمه ولد في الاردن على الخطوط الترابية الحدودية مع العراق ، "في عمان التقيت بمجموعة عراقيين مثقفين وسياسين وسائقي شاحنات ومعدومين وفقراء يتسولون في الشوارع ومنفيين عائدين ومواطنيين يبحثون عن أطفالهم وعائلاتهم المفقودة ، الجميع ينتظرون أن تفتح الحدود ليتسنى لهم الدخول الى بلدهم الكارثي الذي يصنف على أنه أغنى بلد في العالم "ولكننا أفقر ملة خلقها الله اليوم في هذا العالم المجنون".

ويكتب البازي حاليا فيلماً روائياً طويلاً بالاشتراك مع كاتب سيناريو عربي يقيم في لوس أنجليس يعالج نفسية الإنسان العراقي في اللحظة الحاضرة من خلال الاسطورة.