في منتصف شهر يوليو الماضي قامت شبكة Netflix بعرض مسلسل الإثارة والرعب "Stranger Things" حصرياً لأول مرة، ولم يكن من المتوقع له تحقيق هذا النجاح الكبير لعدة أسباب أهمها أن Netflix لم تقدم دعاية كافية للمسلسل قبل عرضه بجانب أن أبطال العمل لم يكونوا من المشاهير ما عدا الممثلة وينونا رايدر، وبالرغم من ذلك إلا أن المسلسل تحول إلى ظاهرة عبر الإنترنت ونال استحسان الكثيرين وحصل على تقييمات عالية وصلت إلى 9.1 على الموقع الشهير IMDB.
القصة
تدور أحداث المسلسل في مدينة "هوكينز" بولاية أنديانا عام 1983، بعد اختفاء الصبي "ويل" في ظروف غامضة، يقوم أصدقاؤه "مايك - لوكاس - دستن" إلى جانب سكان البلدة بالبحث عنه بمساعدة رجال الشرطة أملاً في الوصول إليه، وأثناء بحث الأصدقاء تظهر فتاة صغيرة غريبة الأطوار"إليفين" ليقوموا بمساعدتها وإخفائها في منزل "مايك" مع متابعة البحث عن صديقهم المفقود ويكتشفوا أن تلك الفتاة على علم بمكان الصبي بجانب أنها ليست فتاة عادية وإنما لديها قوى تخاطرية كتحريك الأشياء عن بعد وتحديد أماكن الأشخاص، وأثناء البحث يجد رجال الشرطة جثة "ويل" عائمة في البحيرة ولكن سرعان ما يكتشف قائد الشرطة "جيم هوبر" أن هذه الجثة مزيفة وليست جثة الصبي المفقود لتبدأ الأحداث في الإثارة عندما يتورط الأصدقاء الثلاثة مع منظمة أبحاث سرية تابعة للحكومة تقوم بخطف الأطفال وإجراء التجارب العلمية عليهم واكتشاف أسرار مرعبة لم يكن من المفترض معرفتها.
شاهد إعلان مسلسل الإثارة والغموض "Stranger Things"
التمثيل
الاختلاف في أعمار أبطال العمل جزء أساسي من مخاطبة شرائح متعددة من الجمهور في وقت واحد، فنجد مثلا وينونا رايدر التي قدمت أداء استثنائي وأجبرت الجميع على التعاطف معها في تجسيد شخصية "جوسي بيرس" الأم المفجوعة باختفاء ابنها والتي ترفض فكرة موته لتقرر البحث عنه بشتى الطرق.
ولا يقل الأبطال الأربعة "وين وولفهارد، ميلي بوبي براون، غاتين ماتارازو، كاليب ماكلولين" عنها في شيء رغم سنهم الصغير بل يظهرون كمواهب تمثيلية رائعة من خلال تقديم شخصيات مختلفة عن بعضها اختلافاً تاماً، في إطار كوميدي بسبب شخصياتهم الطفولية المرحة والتي تتنبأ بمستقبل باهر لهؤلاء الأطفال.
ومن ناحية أخرى نجد بعد الشخصيات المميزة في المسلسل كشخصية قائد الشرطة "جيم هوبر" التي يجسدها الممثل دافيد هاربور ببراعة، بجانب شخصية "نانسي" أخت مايك التي قامت بأدائها الممثلة ناتاليا دير، ولا ننسى الممثل تشارلي هيتون الذي لعب دور "جوناثان" شقيق الصبي المفقود والذي يحاول البحث عن شقيقه بمساعدة الأم.
الإخراج
قام الأخوين دافر بإخراج المسلسل بالإضافة أنهم كتبوا أغلب الحلقات وهو ما شكّل عاملاً إضافياً لفهم عناصر كل مشهد واستخدام العوامل المحيطة بطريقة تجعل العمل الدرامي أكثر إقناعاً للمشاهد والخروج في أفضل صورة ممكنة، فكل ما نجده في أحداث المسلسل هو تأكيد واضح على حقبة الثمانينات بدء من الموسيقى الكلاسيكية ومنظر المنازل والغابة المحيطة بالبلدة بالإضافة إلى غياب التكنولوجيا الحديثة في ذلك الوقت، فنجد أن وسيلة التواصل الوحيدة بين أبطال المسلسل هو جهاز اللاسلكي.
رسائل لابد من التركيز عليها أثناء مشاهدة Stranger Things:
الضوء طُوّق نجاتك
الظلام دوماً ما يكون التوقيت المثالي لظهور الأشياء المرعبة الخارقة للطبيعة وهذا ما نجده مبكراً في أول مشهد من المسلسل عندما تعرض أحد علماء المنظمة السرية للهجوم من قبل وحش قادم من عالم موازي لم تظهر ملامحه ولكننا سنتعرف عليه بمرور الأحداث، فمن أجل إنقاذ نفسك من الموت المحقق عليك بمراقبة الأضواء التي تومض وتنطفئ باستمرار عند اقتراب أي شيء من هذا العالم.
لا تثق بِأحد
إذا علمت حقيقة تلك المنظمة فمن الصعب عليك إثبات ذلك بسبب قوة مصادرها وعلاقتها بالحكومة، وهنا ستكون في صراع شرس بين محاولة كشف الأسرار ومحاربة كل من يتّهمك بالشك والجنون حتى تستطيع إثبات العكس والوصول إلى الحقائق.
لا تستهين بقدرة الأطفال
يلعب أبطال العمل الصغار دوراً هاماً في إنقاذ الصبي "ويل" والمساعدة في كشف حقيقة المنظمة السرية بسبب ذكائهم الحاد وروح الفريق التي يتميزون بها في مواجهة تهديدات المنظمة.
تجربة ناجحة ولكن ..!
يمكننا القول بأن أكثر ما يميز هذا المسلسل هو العدد القليل للحلقات - 8 حلقات فقط - والذي أنقذ العمل من خطأ الحشو والمماطلة بالإضافة إلى أنك لن تشعر بالملل بوجود شخصيات وأحداث ليس لها علاقة بمضمون المسلسل فبعض المسلسلات تحتاج أن تتابع منها أربع أو خمس حلقات لتفهم مغزى القصّة على عكس Stranger Things الذي سيخطف اهتمامك من أول مشهد وهو ما حظى إعجاب الكثيرين، ولكن بعض النقاد سلطوا الضوء على استخدام الأطفال لبعض الشتائم والعبارات المسيئة والتي لم نعتد سماعها من أطفال في مثل هذا العمر واعتبروه أمراً مزعجاً لبعض المشاهدين لكنه لن يؤثر بالسلب على العمل الدرامي ككل.
في النهاية مسلسل Stranger Things ليس كمسلسلات الإثارة والغموض التقليدية التي تعتمد على الفانتازيا والخيال، لكنه يناقش في الأساس فكرة الصداقة ومدى تأثير روح التعاون في حل الأزمات مهما بدت خطرة، والأمر الجيد أن شبكة Netflix قد أعلنت عن إنتاج جزء ثانٍ من المسلسل القصير وعرضه في عام 2017 بعد النجاح الذي حققه الجزء الأول.