"هوانم جاردن سيتي" ما بين النسوية والجنسانية

تاريخ النشر: الخميس، 17 مارس، 2016 | آخر تحديث:
صفية العمري

تتنافر المجتمعات وتتفق في نقاط عدة، أهمها الإجماع على سطحية الكتابة الرومانسية النسائية. مثلما يعامل أدب الرعب على أنه درجة ثانية، تعامل كتابات النساء لقصص الحب والغرام بداية من القصص المروضة لتلك التي تصف الجنس الصريح بكل أطيافه، على أنها قصص تافهة، كتبت لإشباع طائفة معينة من الجماهير؛ ال cat ladies، المراهقات البلهاوات، ربات المنازل التعيسات، وغيرهن من النساء التي على آهاتهن وثرثرتهن تبنى المجتمعات شئنا أم أبينا.

كاتبات مثل نورا روبرتس، دانيال ستيل، باربارا كارتلند، جود ديفروكس، وغيرهن تتم معاملتهن باستهانة من قبل النقاد. أتخيل دومًا أولئك النقاد مثل ذلك الكاتب المصري البائس، الأشبه بموظف حكومي خرج للتو من قصر الكونت دراكيولا بعد أن فرغ من التغذي عليه والذي أخبرني –الكاتب لا دراكيولا- أنه لم يقرأ كتاب "قواعد العشق الأربعون" لأنه "نسائي تافه" وهو وجميع الرجال من معارفه لا يقرأون أو يشاهدون أدبًا نسائيًا. إنهم يقضون أوقاتهم في قراءة تشارلز بوكوفسكي أو إرنست همينجواي، وعندما يريدون القراءة للمرأة فليس هناك سوى فيرجينيا وولف أو سيلفيا بلاث.

إنها معضلة الـ High art vs. Low art مرة أخرى؛ هل الفن المسلي سبة؟ ألا يمكن أن يخرج امرء من فيلم مثل Chasing Amy (١٩٩٧) للمخرج كيفن سميث بنظرة عميقة على العلاقات النسائية/الرجولية سواء جنسية أو عاطفية مثلما خرج بها من فيلم Annie Hall (١٩٧٧) لوودي آلان؟ لكن هناك أفلام شديدة السوء لآلان أيضًا؛ مثل Anything Else (٢٠٠٣)؟ دعك من الذين ينظرون لآلان على أنه low art مقارنة بتاركوفسكي وبيرجمان مثلًا!

هاته الكاتبات الرومانسيات الحالمات واللاتي يصفهن البعض بأنهن يعشن في "لا لا لاند" حيث الرجال لا يخرجون عن إطار الوغد الوسيم، أو الزوج الحنون، أو قنبلة الجنس sex bomb، والفتيات كاتبات أو طاهيات أو عاهرات أو أميرات مرهفات، جميلات، مثيرات، يثرن حنق الناقدات الفيمينست قبل النقاد الذكور. بعيدًا عن العالم الغربي، فلنأخذ مثالًا مصريًا شديد الخصوصية والنسائية والنسوية؛ منى نور الدين، الصحفية والكاتبة والسيناريست المصرية التي حاولت نقل ما يدور وراء أبواب قصور وفيلات المجتمع المخملي.

مسافرة بمشاهديها إلى أرض لم تطأها بشر، سواء قصر تضطر فيه النسوة جميعًا للحياة سويًا تنفيذًا لوصية "الحرملك"، أو صراعات الهوانم على قلوب الرجال والكلمة العليا في السرايا "هوانم جاردن سيتي" أو حتى الألعاب الكلامية بين العشاق؛ دومًا هناك رجل وامرأة في قلب صراع منى نور الدين الدرامي، يلعبان بينج بونج، يتحاوران في مواضيع شتى، من العام للخاص جدًا، وتجد نفسك مشدوهًا لمتابعة ما يقولان بينما تسخر في سرك من لامعقولية الموقف.

في حياتي لم أتخيل أن أتحدث مع حبيبي مثلما تتحدث شهرت رستم مع حسين الشاذلي، أو نعمت كاظم مع عمر عز الدين في "هوانم جاردن سيتي"، أو مشيرة مع كابتن رأفت عز الدين في "امرأة مختلفة"، أو نرمين وكمال في "الحرملك". كل هذا الكلام الذي يردد فيه الناس أسمائهم الثلاثية "عمّال على بطّال" بينما يتشاجرون أو يتحابون قد يكون مثير للسخرية على يد كاتبة أخرى غير منى نور الدين، أو ربما لو انتزعنا موسيقى راجح داوود من "هوانم جاردن سيتي" (١٩٩٧-١٩٩٨) وموسيقى ياسر عبد الرحمن من "همسات في العاصمة" (٢٠٠١)، لكنه بينما يقتلنا النعاس إذ نتسمر أمام شاشات التلفزيون في رمضان عند عرض الحلقة الجديدة من مسلسل نعلم جيدًا أننا لو فوتناها لن نستطيع مشاهدتها على YouTube، يصبح أشبه بحكايات شهرزاد؛ اسطورة تحمل ريشة الواقع.

أساطير منى نور الدين ليس بها وحوشًا أو جنيات أو أمير يتحول لطاووس، لكنها عن بشر يحملون كل التعقيدات، وعن نساء حقيقيات، أبعد ما يكن عن التمثيل المزري للمرأة على معظم –ولم أقل كل- مسلسلات ما بعد ٢٠١٠ وعن كاريكاتورات ناقدات الفيمينست المضحكة كنموذج المرأة المثالية، والتي لو حاولنا إيجاد مثيل لها على الشاشة، فلتكن نادية الجندي في جميع أفلامها تقريبًا.

ملحوظة المحرر: المقال يتضمن تشريح الشخصيات في الجزء الأول من مسلسل "هوانم جاردن سيتي" والذي أعتبره أكثر جودة بكثير من الجزء الثاني شديد الركاكة لأنه مجرد استثمار لنجاح الجزء الأول.

امرأة شبقة – شهرت هانم رستم
شخصية مثل شهرت رستم، امرأة حقيقية مائة في المائة، بغض النظر عن كونها هانم من جاردن سيتي، بقليل من التغيير يمكن أن تكون امرأة من الطبقة المتوسطة؛ هي قالب نسائي شديد الشهرة والتعقيد في نفس الوقت؛ امرأة معتدة بجمالها وجنسانيتها، تستخدم الشبق والإثارة اللتان تتمتع بهما للسيطرة على معظم الرجال الذين يدورون في فلك حياتها، فتنجح أحيانًا في حالة ابن عمها حسين، وتفشل مع الرجل الذي أحبته أكثر من أي شيء؛ الصحفي عمر عز الدين. صفية العمري بالعيون السموكي الشهيرة، وملابسها المميزة وماكياجها الصارخ، استطاعت أن تخطف الأنظار كشهرت، ولو حاولت ناقدات الفيمينست استقراء هذه الشخصية لانحنين أمام الفيمينزم التي تنساب من بين نظراتها الناعمة ونوبات غضبها أو غيرتها المتكررة ولحظات انكسارها القليلة والتي قد تموت قبل أن تظهرها أمام أولئك الرجال الذين يحبونها ويستهينون بها في ذات الوقت.

ما الذي يميز الشخصية النسوية؟
طبقًا لمقالات تحليلية في مجلات نسوية أمريكية شهيرة على غرار Jezebel، نجد الشخصية النسوية تتنوع في وصفها. هي الشخصية المخالفة للعرف (antihero) بلا جدال، لو كان مشاهدو التليفزيون سيقبلون شخصيات مثل دون درابر من Mad Men (٢٠٠٧-٢٠١٥)، ووالتر وايت من Breaking Bad (٢٠٠٨-٢٠١٣) بلحظات انكساراتهم وضعفهم ولاأخلاقياتهم، فلنهلل عندما يقبلون أوليفيا بوب في Scandal (٢٠١٢- حتى الآن)، وكلير أندروود في House of Cards (٢٠١٣- حتى الآن)، وأناليز كيتنج في How to Get Away with Murder (٢٠١٤- حتى الآن).

الشخصية النسوية الحقيقية أيضًا هي أبعد ما تكون عن الشيطانة التي بلا هدف على غرار ساحرات ديزني الشريرات أو عدوات جيمس بوند جميلات الجسد، فارغات العقل. هي امرأة تملك كل ألوان الطيف، تصرفاتها متوافقة مع بيئتها الاجتماعية ومع كونها انسانة، ومع أيضًا كونها امرأة، حتى إذا تمردت على وضعها فهي في مجتمع ووسط اجتماعي يجب مراعاتهما عند كتابة انفعالاتها الداخلية وتفاعلها مع من حولها من رجال.

هي انسانة سواء تنجح في المآزق الأخلاقية التي تمر بها، أو تفشل وتفقد انسانيتها، ولنأخذ مثلًا أوليفيا بوب، فأنت ستصدقها وهي تبكي إيذاء والدها النفسي لها وتخبر حبيبها أنها شديدة الخوف، ووهي تتعامل بمبادئ مزدوجة فتهدد أندرو عشيق زوجة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية –وأوليفيا أصلًا عشيقته- بأن يتركها وإلا ستدمره، فتدمر علاقة مماثلة لعلاقة هي تتمتع بمزاياها القذرة، وستصدقها أيضًا بينما تقاوم مختطفيها، وتفشل، لأنها انسانة عادية تحتاج للإنقاذ من وقت لآخر وليست "المرأة القطة" (Catwoman).

شهرت رستم ما بين النسوية والجنسانية
دعونا نطبق مثال الشخصية النسوية على شهرت رستم؛ فهي جميلة ومثيرة، لكنها ليست أجمل امرأة في المكان، وحتى لو كانت، فلا يقع جميع الرجال في هواها، يستخدمها الرجال الذين في حياتها مستغلين هذا الجمال والشبق، وهي تعلم هذا، وتسمح به أيضًا في حالة عمر عز الدين، كونها امرأة واقعة في الغرام، مما يجعلها ولو مؤقتًا غير قادرة على فرض سيطرتها الجنسية والشعورية عليه. تستغل شهرت جنسانيتها للتأثير على الرجال الذين يحبونها، إذًا فهي واعية تمامًا بجسدها وتأثيره كامرأة، وهي غيورة جدًا، قد تدفعها غيرتها للانتقام الأعمى، أو دهس من تتخيل أنه يهدد عرشها، خاصة لو كانت امرأة أخرى مثل منيرة الصغيرة الجميلة زوجة عمها الباشا.

في نفس الوقت، يتم تصوير شهرت على أنها امرأة تافهة مدللة، مما يثير انتقادات كثيرة لها من ابن عمها الدكتور حسين المفتون بنموذج المرأة الأوروبية كونه قضى شطرًا كبيرًا من حياته في باريس، وفي نفس الوقت غير قادر على التوقف عن حبها. قوة شهرت تكمن في أنها على الرغم من ضيقها بالتحكمات الذكورية التي يفرضها عليها الباشا الكبير، واضطرارها لاصطحاب آخرين للخروج معها إلى الحفلات التي تقيمها صديقتها البرنسيسة شاهندة، إلا أنها لا تستغل حب حسين فتتزوجه للهروب من جحيم السرايا. هنا تكمن نسوية شهرت في كونها ليست شيطانة كاريكاتورية نتاج كتابة رديئة ونظرة أحادية للمرأة كسنوهوايت أو زوجة أبيها. نعم هي أنانية قاسية، تتزوج لتهرب من المنزل، وهي صفة أبعد ما تكون عن التحرر أو القوة، لكنها لا تتزوج حسين بالذات كونها تعرف مدى إخلاصه وحبه لها، وكونها ولو بصورة ضئيلة لا تتمنى أن تحطمه كما تحطم قلبها على يد عمر.

المثير أيضًا في شخصية شهرت، هي أنها شخصية غير محبوبة، لا تستطيع كمشاهد أن تحبها لو تخيلت نفسك تحيا معها تحت سقف واحد، لو كنت رجلًا لن تسلم من تقلباتها ومحاولاتها لإغرائك، ولو كنتِ امرأة فياويلك لو لم تصبحي في صفها، أؤكد لكِ أنها ستحيل حياتك جحيمًا. لكنك كناقد تعشق هذه الفرضية، التي تنزع عنها صفة الفيللينة أو الطيبة. ليست شهرت عاهرة slut كما يحب صناع المسلسلات تصوير امرأة بمثل مواصفاتها؛ فلنراجع مثلًا مسلسلات مثل "ريش نعام" ودور نجلاء بدر فيها، وأي دور لسارة سلامة في جميع المسلسلات التي شاركت في بطولتها، ومسلسل "مجنون ليلى" وشخصية رانيا يوسف فيه، ودور عبير صبري في "مع سبق الإصرار" دومًا هناك البطلة الرئيسية، الجميلة أو البريئة أو القوية، والساقطة المنحطة التي لا حياة لها سواء غواية الرجال وتدبير المكائد.

شهرت أيضًا لا تقطع علاقتها بعمر رغم كونها تعلم أنها ليست الوحيدة في حياته، بل إن قلبه متعلق بعيدًا عن نزواته الجنسية بنعمت كاظم، الصحفية المستقلة الناجحة مهنيًا و "الموكوسة" عاطفيًا. نرى أيضًا شهرت وقد انتابها الغيظ والغيرة من بقية فتيات السرايا، وخوفها من أن يتزوجن كلهن بينما تبقى هي العزباء الوحيدة. تفكيرها ملائم تمامًا لعصرها وتركيبة شخصيتها، ووعيها بجسدها وجمالها لا يحميها من مشاعر انعدام الأمن (Insecurity) التي تتعلق بكيان امرأة تكبر في المجتمع الشرقي دون زوج.

هي أيضًا امرأة مطلقة، أول واحدة تجرب الطلاق في عائلة الشاذلي العريقة، مما يضعها موضع نقد هي لا تستسلم له، لكنها أيضًا ترفض أن يتم تأويل شخصيتها الشبقة على أنها امرأة سيئة السمعة، ساقطة. ما فعلته منى نور الدين هي أنها رسمت خطًا وهميًا ما بين الشخصية الشبقة المثيرة وكونها عاهرة من عدمه، تبدو مشاهد شهرت وحسين بالذات شديدة الخصوصية والإمتاع كونها بين رجل مثقف، منفتح، وسيم لكنه غير خبير بالنساء، مع امرأة مثيرة، شهية، راقية لكنها خبيرة بالرجال، خبرتها مقابل تحسس خطواته في عالم المرأة والمشاعر، هما ما يعطيان لتلك العلاقة المعقدة مذاقًا مختلفًا.

نساء جاردن سيتي – من امرأة عاملة إلى عالمة رومانسية
نعمت كاظم مثال نسوي رائع في "هوانم جاردن سيتي"، تلك الصحفية الناجحة التي سبقت زمنها، الوحيدة التي خرجت للعمل من عائلة كاظم الراقية، مما يثير فخر ابنة أخيها منيرة وتمنيها أن تكون مثلها، متعلمة ومثقفة ومستقلة. لكن نعمت أبعد ما تكون عن السوبر هيرو الكاملة، هي غارقة حتى أذنيها في حب رجل تعلم جيدًا أنه يخونها، ويستثار بأكثر من امرأة سواها. حتى أنها في أكثر من مشهد تخبره بأنها تعلم جيدًا بنزواته، لكنها لا تريد أن تتركه وهي لا تريد أن تتوقف عن حبه، رغم أنها قد تستطيع أن تضغط على قلبها وتهجره. في أحد المشاهد، تخبرها منيرة أن الحب لا يهم، لكن الأمان مع رجل يحميها هو الشيء الذي يجب أن تطمح له كل امرأة، لكن نعمت تختار الحب والخوف كل يوم من مراوغة الحبيب على الاستقرار مع رجل يمنحها الأمان.

حرية الاختيار تغلف عائلة كاظم بصورة عامة؛ خديجة هانم –والتي أدت دورها القديرة مديحة يسري فنافست الممثلات الصغيرات في الأناقة والذوق العال- ربت كل الفتيات على أنهن مساويات للرجال، ولم تجعلهن يشعرن بأنهن أقل من أحد، وتركت لهن حرية الاختيار والخطأ؛ فمنيرة تخطئ بالزواج من رجل في عمر والدها وهو الباشا، لكن خديجة هانم لا تمنعها على الرغم من اعتراضها على تلك الخطوة، وعندما تغادر منيرة منزل الباشا بعد أن طلقها، وترفض العودة إليه وهو يتوسل إليها على فراش الموت، حفاظًا على كرامتها، فإن خديجة هانم لا تتدخل تمامًا في ذلك القرار بل وتؤازرها، وهي أيضًا رغم اعتراضها على ما تفعله نعمت بحياتها، خاصة فيما يتعلق بالشق العاطفي، إلا أنها لا تجبرها على قطع علاقتها بعمر، وتشجع بناتها على التطوع للهلال الأحمر، وترى أن العمل العام أهم بكثير من المظاهر الفارغة، التي يتمسك بها معظم أفراد أسرة الشاذلي باشا.

حتى العالمة نوال، لا تصور على أنها الشيطانة التي تسرق محسن ابن الباشا من شوكران الفتاة المطيعة وقالب الزوجة المثالي الذي يرى الباشا أنه الحل الوحيد الذي سيضع حدًا لانحراف ابنه. نوال امرأة عاشقة، عالمة من العوالم تقع في حب تعلم أنه محكوم عليه بالفشل، كون رجلها من طبقة بعيدة كل البعد عن طبقتها. عندما تعلم أنه سيتزوج بأخرى، وقد تصبح أسوة بأمها، مجرد نزوة تموت بحسرتها على قلبها الذي حطمته الفوارق الاجتماعية، فإنها تحارب وبشراسة لئلا تكون ضحية، وتجبر محسن على الزواج بها، وإلا انتقمت لنفسها وهدمت المعبد على رؤوس الجميع. تمر علاقتها به بعدة مراحل، ما بين انصياعها لأوامره واعتزالها الرقص، وتضحيتها بالأمومة فقط لتحظى به. وفي النهاية، هي التي تنهي علاقتهما عندما تخبره بشجاعة أنها اختارت الرقص عليه، كونه لا ينفق عليها، إذن فالكلمة لها وليست له مطبقة نظرية "من يملك رأس المال، هو من يحكم".

وفي النهاية...
نظرة سريعة على مسلسلات منى نور الدين، لن تجد أي نعومة ولا رومانسية مفرطة، ستجد علاقة حب –عذرية في غالب الوقت- ناضجة بين امرأة تخطت الثلاثين ورجل يكبرها بكثير. هذه هي العلاقات التي تفضلها منى، هي نادرًا ما ترسم خط درامي ناجح لعلاقة مراهقين مثلًا، هي تعرف ملعبها جيدًا، كلما خط الشيب رأس الرجل، كلما ازدادت حرارة العلاقة؛ والأمثلة من كرم مطاوع لمحمود قابيل لا تعد ولا تحصى، أما بطلاتها فهن دومًا الجميلات، النساء العاديات لا مكان لهن في فضاء منى نور الدين؛ أسماء لامعة مثل بوسي ومنى جبر ونورا وصفية العمري وليز سركسيان وروجينا ونرمين الفقي قمن ببطولة أساطيرها، لكن واحدة منهن لم تكن امرأة عادية.

منى تتعامل بذكاء شديد مع نفسية النساء اللاتي يقعن دومًا في حيرة ما بين عطائهن اللامتناهي بسبب طبيعتهن الفطرية، ورغبتهن في إلغاء التأثير المدمر لعشق رجال لا يبادلوهن نفس الحب، أو يستخدمون هذا الحب للسيطرة عليهن. تبدو ككاتبة في أفضل حالاتها عندما لا تحسم هذا الصراع؛ لا الزواج ولا الارتباط ولا حتى الفراق يغير طباع البشر، والرابطة التي تنمو ما بين رجل وامرأة لا تغيرهما للأفضل، كما لا يوجههما الفراق للأسوأ، بل تجذبهما للأمام وللوراء، ولا تعطيهما حلول أو إجابات، إما يوافقا على التعايش مع كل هذه التناقضات والعيوب التي لا تتم صنفرتها بمبرد الحب السحري، أو يفترقا وقد رحل وكل منهما في قلبه شيء من الآخر.