ناقشنا سابقا فرص الفوز في عدة فروع الأوسكار، ونستكمل هنا لعبة التوقعات في مرحلتها الأهم الأخيرة، الخاصة بالجائزتين الأكبر (فيلم - اخراج).
طالع أيضا
توقعات نتائج الأوسكار ٢٠١٦: جزء أول
توقعات نتائج الأوسكار ٢٠١٦: سباق التمثيل
توقعات نتائج الأوسكار ٢٠١٦: الفروع التقنية
يضاف عليهم هنا فرعى السيناريو (أصلي - مقتبس). غالبا يتساءل البعض عن الحكمة من هذا الدمج، والاجابة سهلة:
١) السيناريو هو حجر الأساس الأول لأى فيلم، وبدونه لا يوجد بناء من الأصل.
٢) أثناء الاختيار والتصويت، يميل البعض لعملية توزيع بخصوص صوته للأفلام، التي يصنفها كأفضل ما في العام. بمعنى أخر قد يميل لمنح صوته في فئة السيناريو والاخراج مثلا، لفيلم أخر مختلف عن الذي يمنحه صوته في فئة (أفضل فيلم).
الاجراء قد يكون غير عادل نظريا، على اعتبار أن المهمة ببساطة يجب أن تكون اختيار (الأفضل في كل فرع) دون مراعاة للباقي. من الظلم مثلا أن تحرم كاتب السيناريو الأفضل فعلا من وجهة نظرك، لمجرد أن فيلمه سينال صوتك في فئة أخرى. لكن هذا ما يحدث على أى حال، ويتم تبريره تحت مسميات (العدالة - الإنصاف).
العكس صحيح أيضا. عادة يميل كل مصوت لمنح الفيلم الذي سيصنفه كأفضل أفلام العام، صوته في فرعين أخرين على الأقل. اذا اتفقنا أن السيناريو حجر الأساس لأى فيلم، من المنطقي اذا أن يصبح الفرع الأقرب لانتزاع صوت في هذة الحالة.
لهذة الأسباب، وفي هذا العام بالأخص أكثر من غيره، أرى تفضيلات (فيلم - إخراج - سيناريو) مترابطة جدا، ولا يجوز تحليل الفرص فيها بشكل منفصل.
١) "أوسكار أفضل كتابة (سيناريو مقتبس)"
١) Brooklyn
٢) The Martian
٣) Room
٤) The Big Short
٥) Carol
باستثناء Carol باقي القائمة مرشح كله لجائزة أفضل فيلم، لكن أرى المرشح الوحيد المحتمل فوزه فعلا بجائزة أفضل فيلم فيها هو The Big Short. سيناريو الفيلم المقتبس من كتاب مايكل لويس الذي حمل نفس العنوان، ساخر وقوي ويحتوي على بعض الألاعيب المبتكرة، لتبسيط مصطلحات اقتصادية صعبة.
بالنظر لتصنيفه كمنافس شرس على الجائزة الرئيسية، يملك الفيلم هنا فرصة قوية جدا عملا بنظرية (الصوتين الأخرين) التي ناقشناها سابقا.
اقرأ أيضا- تراجيديا الاقتصاد وكوميديا النجوم في The Big Short
سيناريو "الغرفة" Room قد يكون أجود ما فيه. فرصته غير معدومة. وعلى العكس منه لا أرى فرص تُذكر لـ "كارول" أو "بروكلين".
المريخي The Martian يمتاز بسيناريو متماسك، ومرشح لـ ٧ جوائز اجمالا، وبالنظر لضآلة فرصته في أغلبها، قد يرى البعض السيناريو محطة مناسبة لتكريمه.
الأقرب للفوز: The Big Short
ربما: The Martian
تفضيلي الشخصي: Room
٢) "أوسكار أفضل كتابة (سيناريو أصلي)"
١) Spotlight
٢) Bridge of Spies
٣) Straight Outta Compton
٤) Inside Out
٥) Ex Machina
أول اسمين مرشحين لأوسكار أفضل فيلم، لكن فيلم سبيلبرج "جسر الجواسيس" Bridge of Spies غير مصنف كمنافس شرس على الجائزة الرئيسية، على العكس من Spotlight.
سيناريو Spotlight أكثر من ممتاز. وبالتأكيد الأقرب للفوز هنا، خصوصا أن فرص الفيلم تكاد تنحصر في فرعين فقط (فيلم - سيناريو). هذا الوضع يكسبه ثقل استثنائي في فئة السيناريو. من الصعب تخيل احتمالات فوز جدية لباقي المنافسين.
رغم هذا أصنف سيناريو فيلم بيكسار الكارتوني Inside Out كعمل أقوى وأكثر ابتكارا بمراحل، سواء من حيث ترابط الأحداث، أو بناء الشخصيات والفكرة. لكن غالبا ستكتفي الأكاديمية بمنحه (جائزة أفضل فيلم كارتوني) فقط.
الأقرب للفوز: Spotlight
ربما: شبه محسومة
تفضيلي الشخصي: Inside Out
٣) أوسكار أفضل اخراج
١) جورج ميللر عن Mad Max: Fury Road
٢) أليخاندرو إناريتو عن The Revenant
٣) توم مكارثي عن Spotlight
٤) ليني ابرامسون عن Room
٥) آدم مكاي عن The Big Short
المنافسة هنا تنحصر بين أول اسمين فقط أعتقد. رغم جودة ما قدمه الباقين، لا يمكن اعتبار عملهم أكثر ابتكارا أو اتقانا من جورج ميللر وإناريتو. الطريف رغم ذلك أن لكل منهما معضلة تصويتية!
ماد ماكس عمل ينتمي الى فئات (الخيال العلمي - الأكشن)، وهى فئة اعتاد البعض على معاملتها بازدراء في الفروع الرئيسية. فرص الفيلم القوية في أغلب الفروع التقنية، من الوارد أن تحرمه من بعض الأصوات في الاخراج، باعتباره نال ما يكفي بالفعل. رغم ان العدالة تقتضي عملا بالملاحظة السابقة، تكريم مخرجه أكثر وأكثر، باعتباره المايسترو الذي قاد هذا الفريق.
ميللر قدم درس لا ينسى في كيفية توظيف أدق وأصغر التفاصيل، لسرد قصة ثرية جدا من حيث الاسقاطات والأبعاد، رغم حقيقة اعتمادها على مطاردة جنونية واحدة طوال الفيلم. قصة تعتمد على الصورة كأساس للسرد، والصورة هى أصل السينما. على صعيد التفاصيل، هل يوجد في العام كله شخصية جانبية تركت تأثير مماثل، يجوز مقارنته بشخصية عازف الجيتار الأعمى في الفيلم؟
اقرأ أيضا- ١٠ شخصيات سينمائية خالدة في هوليوود ٢٠١٥
انجاز ميللر الحقيقي يكمن في احترامه لإطار السينما التجارية. في نظرته للأكشن كلغة حوار وسرد. ربما مع مخرج أخر من مدرسة الأوسكار الدرامية التقليدية، سيجنح الفيلم لحوارات درامية مبتذلة، ومشاهد تمثيلية مصطنعة. لكن تأمل مثلا كيف لخص الكثير والكثير عن 7 شخصيات بالتمام والكمال، في مشهد أكشن وصراع بين ماكس (توم هاردي)، وفيريوسا (شارليز ثيرون)، وناكس (نيكوﻻس هولت) و٤ شخصيات نسائية أخرى.
في دقيقتين فقط تقريبا من الأكشن الصافي وبدون حوارات تذكر، يرسم ميللر للمتفرج، خريطة علاقات ومعلومات كاملة لـ ٧ شخصيات.
الجملة التالية من مأثوراته السينمائية، وتلخص ربما فلسفته في اخراج الفيلم، بشكل أقوى من أى عبارة أخرى يمكن أن أكتبها: "أحب أفلام الأكشن. بالنسبة لي فإن أكثر اللغات السينمائية انتشارا وفهما، وأنقى بناء للجُمل، يوجد دائما في أفلام الأكشن".
على الجانب الأخر قاد أليخاندرو إناريتو في The Revenant فريقه في البرية، وفي أكثر الأجواء برودة وقسوة، ليصنع ملحمة بقاء مميزة وثرية على كافة النواحي السينمائية والتقنية، بغض النظر عن تحفظي على طابع اخراجي استعراضي غير مبرر، في كثير من المقاطع. وبعض العيوب الأخرى التي سنؤجل نقاشها الى مراجعة الفيلم.
رغم امتداد مدة التصوير لضعف المخطط له في البداية، بحوالي ٣ مرات، وارتفاع الميزانية من ٦٠ مليون دولار إلى ١٣٥ مليون، أكمل مشروعه بنجاح. وأثبت في النهاية أن قراره بتصوير الفيلم كله في اضاءة طبيعية، سيكفل فعلا تأثير مختلف بصريا.
الحملة الدعائية للفيلم وضعته قبل العرض في مكانة (الفيلم الإعجازي في التنفيذ). وحقيقة حصوله على الرقم الأعلى في الأوسكار (١٢ ترشيحا) تكفل له كمخرج أيضا وزن اضافي في هذة المنافسة. إناريتو بالنسبة لكثيرين رمز لفكرة (الفنان صاحب الرؤيا الذي لا يقدم تنازلات).
على صعيد الجوائز التي يمكن اعتبارها مؤشر، فاز بالفعل بحصيلة أكثر من جورج ميللر. المعضلة بخصوصه أنه فاز العام الماضي بـ ٣ جوائز أوسكار دفعة واحدة، عن فيلمه بيردمان (سيناريو أصلي - اخراج - فيلم).
الغالبية ترى أن هذا يضعف فرصته هذا العام. الحصول على أوسكار الإخراج لعامين متتاليين، انجاز لم يتحقق سوى مرتين سابقا منذ عقود عديدة. جون فورد (١٩٤١ - ١٩٤٢). وجوزيف مانكيفيتس (١٩٤٩ - ١٩٥٠). اذا صحت هذة الفرضية سينال الجائزة اذا جورج ميللر. لكن على العكس منهم، أرى اناريتو الأوفر حظا هنا، وأرى وجة أخر للعملة بخصوص معضلته. سنناقش هذا لاحقا في فقرة (أحسن فيلم).
الأقرب للفوز: أليخاندرو إناريتو عن The Revenant
ربما: جورج ميللر عن Mad Max: Fury Road
تفضيلي الشخصي: جورج ميللر
٤) أفضل فيلم
١) The Big Short
٢) Bridge of Spies
٣) Spotlight
٤) Mad Max: Fury Road
٥) The Martian
٦) The Revenant
٧) Brooklyn
٨) Room
على مدار ما يقرب من ٢٠ سنة في متابعة الأوسكار، لا أبالغ إذا قلت أن هذا هو العام الأصعب على الاطلاق في توقع جائزة أفضل فيلم!.. كل شيء وارد. عادة يوجد فيلم متقدم وأخر يلاحقه. أو فيلمين متعادلين. هذا العام لا يوجد فارس متقدم بوضوح، والتنافس يدور جديا بين ٣ أفلام على الأقل.
من ناحية لدينا (The Big Short و Spotlight). أحدهما عن الكارثة الاقتصادية عام ٢٠٠٨ والثاني عن فضيحة تحرش جنسي حقيقية، تورطت فيها الكنيسة الكاثوليكية، وكشفها محرري صحيفة بوسطون جلوب.
الفيلمان يشبعان نوعية من المصوتين تميل للقضايا السياسية والاجتماعية، وتحتاج إلى عمل مترابط بوضوح بعالمنا المعاصر. وبالتأكيد يملك كلا منهما فرصة قوية جدا في الفوز، خصوصا اذا نظرنا الى سجل الجوائز التي يمكن اعتبارها مؤشر.
رغم هذا يعيب الاثنين، ضعف الفرص في باقي الجوائز، باستثناء جائزة السيناريو. بصياغة أخرى: هل من السهل أن تمنح الأكاديمية الجائزة الكبرى لاختيار، لن يفوز اجمالا إلا بجائزتين في النهاية؟
على كل لا يمكن اعتبار هذا مستحيل. ويظل مارك روفاللو المرشح كأفضل ممثل مساعد عن سبوتلايت، فوز اضافي وارد اذا صمم المصوتون على اضافة جائزة ثالثة للفيلم. ويوازيه من نفس المُنطلق، وبنفس الترشيح كريستان بيل عن فيلم The Big Short. الأخير يملك أيضا فرصة اضافية بديلة في المونتاج.
من ناحية أخرى لدينا The Revenant. متصدر الترشيحات من حيث العدد. العمل الأنجح تجاريا في الثلاثة، والأكثر ابتكارا أيضا على المستوى البصري. مع سجل جوائز لا بأس به نهائيا. ولا يعيبه تقريبا الا المعضلة التي تحدثنا عنها سابقا (فوز اناريتو بنفس الجائزة العام الماضي).
وبفرص أقل من كل سبق، يمكن اعتبار ماد ماكس ضمن السباق أيضا. اذا أرادت الأكاديمية أن تصعقنا أخيرا باللحظة العظيمة الفارقة، التي سيحتل فيها فيلم خيال علمي الجائزة الكبرى!
اقرأ أيضا- هل يصبح ماكس المجنون ملكا في "لعبة ترشيحات" الأوسكار ٢٠١٦؟
كيف يمكن اذا فض هذا الاشتباك، لاستنتاج صاحب الفرصة الأفضل؟
قبل عرض The Big Short احتفظ سبوتلايت بمكانة متقدمة في هذا السباق. واللطيف أن كلاهما ينتزع غالبا أصوات كانت ستذهب للأخر!.. هذا مفيد جدا للباقين. من الوارد أن يمحو كلاهما فرص الأخر، ويتركان فرصة الصدارة لاختيار ثالث.
اذا حدث هذا سيصبح ريفنانت غالبا، صاحب الفرصة الأفضل. نعود الأن للوجة الأخر لمعضلة اناريتو. هل هى معضلة فعلا؟.. بمعنى أخر، أليس من الوارد مثلا أن يرى بعض المصوتون أن فوزه للعام الثاني على التوالي، فرصة لاثبات أن لكل مبدع نصيب؟.. أن ما حققه البعض في عصر هوليوود الذهبي في الأربعينات والخمسينات، يمكن تكراره في عصرنا؟
اذا أضفنا للنقطة السابقة أن اناريتو مكسيكي الأصل، وأنه يميل دائما لذكر فقرة متعلقة بالمهاجرين في خطب فوزه، يصبح أمامنا دافع اضافي أخر مهم. فوز اناريتو المكسيكي الأصل بتكريم استثنائي في تاريخ الأوسكار المعاصر، رد مهذب لنفى تهم العنصرية الموجهة حاليا للأكاديمية، بعد اعلان ترشيحاتها الخالية من النجوم السود.
لقد منحنا هذا المكسيكي المهاجر ما لم نمنحه لأى مخرج أخر منذ ٦٥ عاما!.. رسالة لا بأس بها. جدير بالذكر أن الفوز بجائزتى أفضل (فيلم - اخراج) سويا عامين متتاليين، انجاز لم يتحقق نهائيا من قبل. واذا حصد ريفنانت الجائزتين فعلا، سيصبح اناريتو أول من يحققه.
البعض يرى عدم ترشيح الفيلم لجائزة السيناريو، نقطة سلبية أخرى تضعف فرصته. آخر مرة فاز فيها فيلم بالجائزة الكبرى دون ترشيح سيناريو، كانت في تيتانك. أى ما يقرب من ٢٠ سنة. وكلنا نعرف إلى أي مدى كان وزن تيتانك ثقيل، مع نجاحه الجماهيري الهائل. لكن شخصيا لا أميل لهذة الطريقة في الحسابات، وأرى في هذا العام ظروف استثنائية.
تفضيلي الشخصي لا يحتاج لتوضيح غالبا. لا يوجد سباق من الأساس. ماد ماكس يحلق في مكانة مختلفة تماما. الأفلام الثلاثة الأخرى تمثل حاضر هوليوود. ماد ماكس يمثل مستقبلها. بعد ٢٠ و ٣٠ عاما من الأن، سيظل ماد ماكس جوهرة ٢٠١٥ الحقيقية.
إلى حد كبير سأتقبل فوز ريفنانت بالجائزة، وبدرجة أقل سبوتلايت. أما اذا فاز The Big Short فستصبح النتيجة من وجهة نظري، أسوأ نتيجة (أفضل فيلم) في تاريخ الأوسكار، منذ فوز "شكسبير عاشقا" Shakespeare in Love على تحفة سبيلبرج "انقاذ الجندي ريان".
الأقرب للفوز: The Revenant
ربما: Spotlight و The Big Short
ترتيبي للقائمة من الأفضل للأقل:
Mad Max: Fury Road
The Revenant
Spotlight
Room
Bridge of Spies
The Big Short
The Martian
Brooklyn
ملاحظات ختامية
١) اذا صحت توقعاتي سيفوز ماد ماكس بـ ٥ جوائز في المتوسط، كلها في الفروع التقنية. فيلم ريفنانت سيفوز بأربعة على الأقل في فئات أهم (فيلم - اخراج - ممثل - تصوير). اذا انتزع ما هو أكثر، سيسحب من رصيد ماد ماكس بالتأكيد. أخص بالذكر هنا فرعى الصوت كمحل نزاع، لأن المستوى متقارب جدا.
٢) أفلام (Spotlight - The Big Short) سيخرجان بجائزة واحدة (السيناريو). مع احتمال بسيط للثاني في انتزاع جائزة المونتاج أيضا.
٣) الخسارة الأكبر قد تكون من نصيب فيلم سبيلبرج "جسر الجواسيس" المرشح لـ ٦ جوائز. فرصة ضعيفة واحدة في جائزة أفضل ممثل مساعد، لكن الاحتمال الأكبر أن يخرج بصفر.
٤) أتوقع صفر أيضا لأفلام المريخي (٧ ترشيحات). كارول (٦ ترشيحات). بروكلين (٣ ترشيحات). سيكاريو (٣ ترشيحات). مع فرصة بسيطة لأول اثنين في انتزاع جائزة واحدة ما.
انتهت التوقعات في ٢٤ فرع بالتمام والكمال، وأنتظر قراءة مشاركاتكم. أي من التوقعات السابقة غير منطقي نهائيا من وجهة نظركم؟.. ومن هو المرشح البديل الذي تتوقعون فوزه فيها؟.. وأخيرا: ما هو فيلمكم المفضل وسط القائمة المرشحة لأوسكار أفضل فيلم؟