هاتولي منتج (1)

تاريخ النشر: الجمعة، 25 ديسمبر، 2015 | آخر تحديث:

ظروف السينما الحالية، وخصوصا في مسألة الجهات المنتجة، صارت صعبة جدا، لأن من تبقى من المنتجين الكبار في عالم ما بعد سينما التسعينيات صار يتحكم في مزاج الأعمال التي تـُقدم، ويزنها بالميزان التجاري البحت، لذا ابتعد كثير من نجوم الإخراج والكتابة والتمثيل عن الساحة.

طالع أيضا
هاتولي مخرج (2)

تفكك الثلاثي "أوسكار والنصر والماسة"، وابتعاد الشركة العربية التي كانت تديرها إسعاد يونس، واختفاء آل العدل السينمائي لصالح التلفزيون، جعل السبكية هم فرس الرهان ربما الوحيد في السوق، مع مناوشات هنا أو هناك من دولار فيلم ونيوسينشري، تعتمد أحيانا على المختلف، لكنها لا تدخل حتى الآن في إطار المنافس الحقيقي، لاسيما أن الأفلام التي تقدمها، سواء إحداها من يقوم بالإنتاج والآخر بالتوزيع، أو تشاركا في الإنتاج والتوزيع معا، لا تلقى النجاح الجماهيري الذي يمكنها من الاستمرار في هذا الطريق.

لكن يحسب لهما جرأتهما على إنتاج المختلف، مثل "قدرات غير عادية" و"قبل زحمة الصيف" للمخرجين الكبيرين داود عبدالسيد ومحمد خان.

أول من يصرخون من أحوال الإنتاج السينمائي ربما يكونا الاسمين السابق ذكرهما، داود وخان، حيث أنهما من استمرا سينمائيين خالصين من جيل اتجه بعضه للدراما، ولم يحالف القدر البعض الآخر فوافته المنية.

وعلى الرغم من أن أعمال عبدالسيد قليلة جدا، إلا أنها تحتاج إلى جهة إنتاج متحمسة لهذا النوع من الأعمال الخاصة التي يقدم فيها شكلا ومضمونا سينمائيا مختلفا، وكذلك خان، الذي يحاول أن يمزج بين جمهور راغب للمتعة السينمائية، وكذلك جمهور راغب في التسلية ومشاهدة فيلم أقرب للواقع الذي يعيشه.

قد ينضم للقائمة أيضا، المخرج يسري نصر الله، إلا أنه بدأ يتأقلم مع أفكار العصر، بداية من فيلم "احكي يا شهر زاد" حيث خرج من العباءة التي كان يرتديها في أعماله الأولى "مرسيدس" و"المدينة"، وعمله الملحمي الكبير "باب الشمس"، لعباءة أخرى أكثر اتساعا لأصناف أخرى من الجمهور والنقاد، بل إنه في فيلمه الذي مازال تحت الإعداد الآن "الماء والخضرة والوجه الحسن" ربما يكون خلع العباءة تماما، لتعاونه مع أحمد السبكي، وعدد كبير من النجوم، وهي ليست عادته بالمناسبة.

خيري بشارة وعلى الرغم من أنه أحد مبدعي هذا الجيل من السينمائيين الكبار، وبالرغم أيضا من انشغاله بأعماله التلفزيونية، إلا أنه ولا شك ينتظر فرصة أن يتحسن قليلا مناخ الإنتاج السينمائي، الذي يسمح بالتعددية.

السيناريست الكبير وحيد حامد، ربما يكون أحد من يشتكون أيضا من سيطرة جهات بعينها على الإنتاج السينمائي. فيلمه الأخير "قط وفار" الذي قام ببطولته محمود حميدة ومحمد فراج، لم يستطع أن يحقق أي نجاح يذكر، وقد يُصدم الجميع أن آخر أفلام وحيد السينمائية قبل الفيلم المذكور هو "احكي يا شهر زاد" عام 2009، أي منذ 7 سنوات، قدم خلالها مسلسلين. حامد اعتمد في منتصف الألفية على إنتاج أعماله السينمائية بنفسه، للهرب من أزمات الإنتاج، لكن التجربة لم تستمر، ربما لأنه اكتشف أن "صاحب بالين كداب".

أما النجوم، فثلة قليلة فقط هي من تعاني، بعد انضمام معظم نجوم الشباك وغير الشباك إلى امبراطورية السبكي السينمائية، وآخرهم محمود حميدة وليلى علوي وغيرهم.
ويظل النجمان الكبيران عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، حالات استثنائية في تاريخ الفن المصري، لتاريخهما العريض والمتعدد. لكن في الظروف الحالية، فالأول يرتاح كثيرا في العمل مع نيوسينشري، والثاني يعتمد على شركة فنون التي أسسها ابنه محمد ودخل شريكا فيها ريمون مقار، إلا أنهما يبتعدان عن السينما شيئا فشيئا، وإذا حدث وعادا إلى السينما فسيكون بالتأكيد من خلال هاتين الشركتين أيضا.

نجم الكوميديا محمد هنيدي، ربما يكون المتضرر الأكبر من تفكك الأخوة المتحدين، ومن ابتعاد الشركة العربية عن الإنتاج، إلا أن الغد القريب ربما يشهد لقاء بينه وبين السبكي، من يعلم؟.