على الرغم من تقديم المخرج جيمس كاميرون لفيلمه الأخير Avatar في سنة 2009، إلا أنه بدأ التحضير له قبلها بـ 15 عاما، ففي سنة 1994 كتب كاميرون معالجة درامية مكونة من 80 صفحة لفيلم خيال علمي مستوحى من قصص المغامرات والخيال التي كان قرأها في طقولته، وقرر من بعدها أن يبدأ العمل على هذا الفيلم بعد انتهائه من تصوير فيلم Titanic.
واتفق جيمس كاميرون مع شركة Digital Domain المتخصصة في المؤثرات البصرية لوضع آلية العمل والتخطيط لهذا الفيلم، والصورة التي سيخرج بها، ولكن كاميرون شعر أن التكنولوجيا في تلك الفترة غير متطورة بالشكل الكافي، ولا ترضي تصوره، التي لا يرغب في تقديمها للجمهور، لذلك قرر أن يؤجل المشروع حتى إشعار آخر، منتظرا نشوب ثورة وتقدم كبير في التكنولوجيا وشركات المؤثرات البصرية.
جيمس كاميرون بجوار ملصق فيلمه Avatar
وفي سنة 2005، بدأت الخطوة الأولى لإعادة إحياء فكرة فيلم Avatar، عندما منحت شركة "فوكس القرن الـ 20" مليون دولارا لكاميرون لكي يصور بها مشاهد ليعرضها على المنتجين المنفذين في الشركة، وبالفعل منحوه الضوء الأخضر كي يباشر العمل في السيناريو مرة أخرى.
وكان جيمس كاميرون قبلها بأشهر على بُعد خطوة من الدخول في مشروع فيلم جديد عن سلسلة قصص "مانجا" اليابانية تحمل اسم Battle Angel Alita، ولكنه أجّل المشروع إلى أجل غير مسمّى بعد عودة Avatar إلى المشهد من جديد.
وأراد جيمس كاميرون في Avatar أن يقدم عالم متكامل وليس مجرد فيلم، ولأن أحداثه تدور في كوكب مشابه لكوكب الأرض ويحمل اسم "باندورا"، فكان يجب على سكانه أن يمتلكوا لغة خاصة بهم مختلفة عن سكان كوكب الأرض، وكان في استطاعة كاميرون أن يضع بعض الكلمات العشوائية، أو بعض "التهتهات" مع ترجمة مصاحبة لها، اختصارا للوقت والمجهود، ولكن شغفه وحبه للسينما وللابتكار وللعلم بمختلف أنواعه جعله يبتكر لغة جديدة حقيقية متكاملة.. إنها لغة "النافي".
"باندورا" كوكب فيلم Avatar
ولغة "النافي" تم ابتكارها بداية من سنة 2006، عندما استعان كاميرون بعالم اللغويات في جامعة كاليفورنيا الجنوبية بول فرومر، والذي طلب منه أن يبتكر لغة جديده من الصفر، لكي يستخدمها في فيلمه القادم، واشترط أن تحتوي على كم كبير من الكلمات، بالإضافة إلى قواعد نحوية متماسكة ومضبوطة، وتشمل 1000 كلمة.
ويعمل جيمس كاميرون مع بول فرومر حاليا على تطوير لغة "النافي" وتعقيدها بصورة أكبر، استعدادا للأجزاء القادمة من الفيلم!
ولكونه "فنانا متكاملا" فلم يكتفِ جيمس كاميرون بهذا؛ إذ بدأ العمل مع جميع المصممين بشكل يدوي لرسم ملامح العالم الجديد بالقلم الرصاص، ولم يكتفِ فقط بالملاحظة أو إعطاء الأوامر مثل بعض المخرجين الآخرين، ولكنه كان يشترك بنفسه ويرسم بيده العديد من الرسومات، كما أرسل أحد المصممين لمقابلة العديد من علماء النباتات، لكي يخلو الفيلم من أي أخطاء على صعيد التصميم والصورة، ما دفع كاميرون إلى تأجيل ميعاد تصوير العمل أكثر من مرة حتى الانتهاء من التحضير له بشكل تام.
وعلى الرغم من من النجاح الأسطوري لفيلم Titanic من الناحية التجارية، رغم مخاوف المسؤولين في شركة "فوكس القرن ال، 20"، إلا أنهم لم يتعلموا من خطأهم في الماضي؛ إذ عبّر المنتجون المنفذون لجيمس كاميرون عن قلقهم من كثرة تأجيلات تصوير Avatar والأرتفاع في ميزانيته، والتي وصلت إلى أكثر من 240 مليون دولار، بالإضافة إلى أن مدة الفيلم التي كان من المقرر أن تصل لأكثر من 3 ساعات، ولكن كسب جيمس كاميرون رهانه كالعادة، وأزاح فيلمه السابق Titanic من على قمة الإيرادات تاريخيا، ليضع مكانه فيلمه Avatar، بإيرادات بلغت 2 مليار و788 مليون دولار.
وأرد جيمس كاميرون عدم الاستعانة بنجوم الصف الأول في فيلمه Avatar، ومنح الفرصة لممثلين يرى فيهم الموهبة، وغير مكلّفين لكي يوظف ميزانية الفيلم في المؤثرات البصرية والتحضيرات الأخرى، وفي دور البطولة أراد كاميرون الاستعانة بممثل يرغب في استغلال الفرصة التي سيتيحها له، وأن يكون متعطشا للتمثيل، ولدور كبير حتى يقدم أفضل ما عنده، لذلك استعان بالممثل الأسترالي سام وورثنجتون، الذي كان حينها بلا مأوى ويعيش في سيارته، ومنحه فرصتين في اختبارات الأداء، ليمضي معه العقد بعدها.
الممثل سام وورثنجتون يستمع إلى نصائح المخرج جيمس كاميرون خلال تصوير Avatar
أما ثانِ الأدوار من حيث الأهمية في الفيلم، فهي "الكولونيل مايلز"، وكان يفكر جيمس كاميرون في الممثل مايكل بين لتأدية الدور، ليشكل بذلك خامس تعاون بينهما، ولكنه لم يحدث بسبب عدم وصول الطرفين إلى اتفاق يرضيهما، ليؤول الدور إلى ستيفن لانج، والذي كان اختبره كاميرون في فيلم Aleins، ولكنه لم ينجح في اقتناص الدور.
حرصت شركة "فوكس القرن الـ 20" بشدة على عملية التسويق لفيلم Avatar، وبلغت ميزانية تسويقه 150 مليون دولار، فقاموا بإصدار كتاب مكون من 224 صفحة حمل اسم "أفاتار: تقرير سري عن التاريخ الاجتماعي لباندورا"، والذي وضعوا فيه كل المعلومات الممكنة عن عالم كوكب "باندورا" بالتفاصيل، لكي يصبح المشاهد على دراية تامة بهذا العالم.
كما أنه تم إصدار لعبة فيديو على أجهزة الكمبيوتر، وأجهزة "البلاي ستيشن" و"الإكس بوكس"، وتم العمل على تطويرها من شركة Ubisoft Montreal منذ سنة 2007، وتم طرحها في الأول من ديسمبر، أي قبل عرض الفيلم في السينمات بـ 10 أيام.
ومن الناحية الفنية، فنال فيلم Avatar تسعة ترشيحات لنيل جوائز الأوسكار، من ضمنها أفضل فيلم، وأفضل إخراج، فيما حصد 3 جوائز منها في فئات المؤثرات البصرية، والتصوير والإخراج الفني، كما حصل الفيلم على درجة 4/4 من الناقد الأمريكي الشهير روجر إيبرت، والذي قال في مقاله عن الفيلم بأنه شعر وكأنه عاد بالزمن لسنة 1977، وأنه يشاهد الجزء الأول من سلسلة أفلام Star Wars.
شاهد إعلان فيلم Avatar من إخراج جيمس كاميرون
والجدير بالذكر أن Star Wars هو الفيلم الذي ألهم جيمس كاميرون، وقاده إلى العمل كمخرج.
ولم ينتهي عالم Avatar عند هذا الحد، فجيمس كاميرون مازال أمامه رحلة طويلة مع 3 أجزاء أخرى منه، والتي سيتم عرضها في 2017 و2018 و2019، ليبدأ كاميرون من بعدها العمل مره أخرى على فيلمه Battle Angel Alita، بالإضافة إلى احتمالية اقتباسه لرواية The Informationist للروائي تايلور ستيفنز كي يحولها إلى فيلم سينمائي.
طالع أيضا:
المحطة الأولى.. جيمس كاميرون من سائق شاحنة إلى أحد أهم مخرجي العالم
المحطة الثانية.. The Terminator الحلم الذي جعل جيمس كاميرون مخرجا
المحطة الثالثة.. جيمس كاميرون يطوي صفحة "رامبو" ويتحمل مسؤولية Aliens
المحطة الرابعة.. جيمس كاميرون كاد أن يتسبب في غرق إد هاريس في The Abyss!
المحطة الخامسة.. جيمس كاميرون يعيد أمجاد The Terminator.. ويدخل التاريخ مع شوارزنجر
المحطة السادسة.. جيمس كاميرون: هكذا أقنعته كيت وينسليت بنيل البطولة في Titanic
المحطة السابعة.. جيمس كاميرون: كيف قاد Titanic إلى بر المليار؟