حمزة نمرة واحد من الأصوات التي لفتت الأنظار لها لما يقدمه من شكل غنائي مختلف، ويتضمن أفكار وموضوعات اجتماعية وأخلاقية، تنتقض مشاكل عامة وليست خاصة.
كما تألق بشكل كبير وعلى نطاق أوسع منذ ثورة يناير، التي أتاحت له التواصل مع الجمهور لأغانيه التي قدمها في ميدان التحرير، والتي كانت بمثابة تحفيز للمعتصمين في الميدان طوال أيام الثورة، للشد من عزيمتهم.
وبعد الثورة انتشر وحلق حمزة نمرة بصوته وحفلاته في العديد من الأماكن والمحافظات، لكي يشدو بأغانيه التي لم يعتبرها أي من جمهوره أغاني محرضة لشيء أو ضد شيء، ولم يلاحظ أي مسؤول وقتها أن هذه الأغاني قد تشكل خطرا على أمن الدولة أو استقرار أراضيه.
ومع تواجد حمزة نمرة ونجاحه، انتشر أيضا عدد من المطربين والفرق التي قدمت أشكالا فنية تتشابه مع نوعية اغاني حمزة نمرة، وتختلف فقط في شكل التناول، واستطاعوا أيضا أن يحققوا نجاحا وانتشارا، مما اعتبره البعض نتاج رائع للثورة، التي أفرزت أشكالا فنية جديدة ومختلفة.
ولكن مع الوقت وفي ظل تغير الحكومات المصرية باستمرار، وتغير السياسات، والانفلات الأمني، قلت الحفلات التي ساعدت على تواجد هذه الفنون، إما لأسباب أمنية أو لأسباب إنتاجية، ولكن ظل الجمهور يستمتع بهذه الأعمال من خلال الإذاعات والفضائيات ليعوض هذا الغياب، ولكن الجديد هو قرار وقف حمزة نمرة عن الغناء من قبل نقابة الموسيقيين، بسبب أفكاره السياسية.
هذا القرار- الذي لا أجد مبررا لاتخاذه - يدل على مدى ضعف المسؤولين، الذين يلجأون للمنع بدلا من المواجهة، والذي أعتقد أنه اجتهاد شخصي منهم، للتقرب من السلطة فقط، دون توجهات أو طلب من رجال الدولة، ظنا منهم أن ذلك سيساعد في الحفاظ على الوطن.
والغريب أن الشخص الذي اتخد القرار هو شخص غير مسؤول بالفعل، لأن نقيب الموسيقيين الفعلي إيمان البحر درويش لم يتمكن من تنفيذ قرار العودة للنقابة حتى الآن.
ورئيس النقابة الحالي قال إنه لم يصدر القرار وأنه ضده، ولم يدخل النقابة منذ فترة بسبب إجرائه لجراحة في عينه، إذا من الذي أصدر هذا القرار؟ وهل له الحق في اتخاذه والعمل به؟
إصدار هذا القرار يؤكد أنه قرار عشوائي من شخص غير مسؤول، وليس له الحق في إصداره، ويجب توضيح أسبابه الفعلية وإعلانها، بدلا من حالة الفوضى التي نعيشها.
وما أخشاه أن تكون هذه هي الطريقة التي سيتم إتباعها في الفترة المقبلة، لتصفية حسابات مع كل من يتبنى وجهة نظر لا تتوافق مع المسؤولين، ويكون الحل هو المنع، والذي اعتبره حل غبي، لأن هذه الأغاني موجودة بالفعل ولا يمكن وقف تداولها، حتى الحفلات من الممكن أن تقام في أماكن خاصة، ولا يمكن منعها، فما سبب إصدار هذا القرار.
وهل سيكون هذا هو مصير كل المطربين والفرق التي ظهرت مع الثورة، والتي قدمت أشكالا فنية محترمة، أو تحمل فكر مغاير، هل سيكون القرار هو المنع والإيقاف، إذا فلتعلن لنا "الجهة غير المسؤولة" عن قائمة الأسماء التي سيتم حجبها مرة واحدة دون خجل.