Catching Fire: جينيفر لورانس تحارب "الفاشية" وترفع علامة "تالتة".. والجمهور يضحك!

تاريخ النشر: الأربعاء، 4 ديسمبر، 2013 | آخر تحديث:
جينفير لورانس و جوش هاتشيرسون يلوحان بعلامة "تالتة"!

بعض القصص يتم بناؤها على العاطفة، أو الشجاعة، وربما الأمل، ولكن نادرًا جدًا أن تجد قصة تعتمد على مسابقة حياة أو موت!

الحياة مخاطرة. ويمكن أن تتعرض للأذى فيها. ولكن الناس يموتون في تحطم الطائرات، ويفقدون أيديهم وأرجلهم في حوادث السيارات؛ الناس يموتون كل يوم. ونفس الشيء بالنسبة للمقاتلين: بعضهم يموت، وبعضهم يتعرض للأذى، والبعض الآخر يستمر في الحياة. أنت فقط لا تدع نفسك تعتقد أن هذا سيحدث لك.
-محمد علي كلاي (ملاكم)

كنت من المحظوظين الذين شاهدوا الجزء الأول من سلسلة الأفلام الشهيرة The Hunger Games (مباريات الجوع)، ليس لأنه فيلما جيدًا، ولكن لأنه جعلني أترقب مشاهدة جزئه الثاني Catching Fire (ألسنة اللهب) بلهفة، وكان هذا ممتعًا.

لم اقرأ سلسلة The Hunger Games للكاتبة الأمريكية سوزان كولنز بعد، وأعتقد أن عدم قراءتي للثلاثية التي ترجمت إلى ٤١ لغة وبيع منها أكثر من ١٠ ملايين نسخة كان مفيداً لي على الأقل، خصوصا أن عدد كبير من النقاد اعتبروا الجزء الأول فقيرًا مقارنة بالرواية.

تنبيه: السطور المقبلة ستكشف بطبيعة الحال عن أحداث الفيلم!

يبدأ الجزء الثاني من ألعاب الجوع، بعودة كاتنيس سالمة إلى بيتها جنباً إلى جنب مع صديقها ورفيقها في النصر بيتا، الفوز يعني أنه يجب عليهما أن يتركا عائلتيهما وأصدقائهما المقربين، وهذا للبدء في جولة النصر القاسية بالمقاطعات.

كاتنيس إيفردين (جينيفر لورانس) خرجت من مباريات الجوع في دورتها الـ٧٤ منتصرة، انتصارها لم يتمثل في كونها بقيت حية فقط، بل نجاحها في انقاذ حبيبها بيتا ميلارك (جوش هاتشيرسون)، حيث أصبح ما قاما به الثنائي سابقة في تاريخ مباريات الجوع، أي خروج بطلين منتصرين بدلا من واحد، ولكن قصة الحب الوهمية جعلت هذا ممكنا.

خلال الجولة تستشعر كاتنيس أن حالة التمرد تكتسب زخمًا واسعًا، ولكن العاصمة لا تزال مسيطرة والرئيس "سنو" يستعد لإطلاق الدورة الـ 75 من The Hunger Games في نسختها الخاصة التي تقام كل 25 سنة في ذكرى إخماد تمرد المقاطعات، وقد تؤدي هذه المنافسة إلى تغيير دولة "بانم" إلى الأبد.

الفيلم تناول أغلب الألاعيب التي يمارسها كل نظام فاشي للقضاء على الأصوات الحرة، والثورة

وكما توقع هايميتش أبرناثي (وودي هارلسون) الفائز في الدورة الـ50 لمبارايات الجوع، في نهاية الجزء الأول، أن تصبح كاتنيس هدفًا سياسيًا بعد أن تحدت قادة "الكابيتول" بتلك العلانية، بعدما أخذت كاتنيس كمية من التوت السام وأعطت نصفه لبيتا، وهددت بالانتحار إذا لم يفوزا سويا، وهنا أدرك صانعو المباريات أن انتحارهم سيحرم الجمهور من أي فائز، فقاموا بإعلان فوزهم معا في الدورة الـ74 لمبارايات الجوع.

استوعب الرئيس سنو متأخرًا، أن انتصار كاتنيس بهذا الشكل يمثل تحديًا لـ"الكابيتول"، لذا نراه يذهب إلى منزلها بقرية المنتصرين في المقاطعة ١٢، حيث تقطن هي وبيتا ومعلمهما السكير هايميتش، ويهددها هي وعائلتها بالموت، إن لم تنصاع لأوامره بتهدئة الثورة التي بدأت تتصاعد في المقاطعات.

كاتنيس ذكية بالقدر الذي يجعلها تفهم سريعًا طبيعة دورها بعد زيارة الرئيس لها، وهو محاولة إقناع الناس أثناء زيارة المقاطعات و"الكابيتول" للاحتفاء بانتصارهما ضمن فعاليات جولة النصر، بانها لم تتحدى النظام بفعلتها تلك، ولكن كيف ستنقعهم؟ عليها أن تتزوج حبيبها الوهمي بيتا لإثبات أن ما حدث ما هو إلا قصة حب، لا علاقة له بالثورة من قريب أو من بعيد.

التمثيل والأزياء كانا رائعين في الفيلم. كاتنيس بدت أكثر حيوية هذا الجزء، لأن جينفير لورانس تمكنت من الدور أكثر وفهمته بشكل أعمق.


وهنا مشهد، أعتبره من أجمل مشاهد الفيلم وربما هو نقطة تحول في مجريات الأحداث، عندما تخبر كاتنيس الرئيس أنها ستحاول جاهدة تنفيذ طلباته عن طريق اقناع الناس، ولكنه استوقفها قائلاً: عليك أن تقنعيني أنا لا الناس!

هل ذكاء كاتنيس ساعدها في الخضوع لأوامر الرئيس واقناعه؟ لا لم يسعفها، حيث طغت عليها العاطفة، عند إلقاءها خطابا في المقاطعة 11 حيث تنتمي صديقتها "رو" التي فقدتها في الميدان.

خطاب كاتنيس تسبب في ثورة وموجة قمع كبيرة، عندما رفع أحد الحاضرين يده ملوحًا بإشارة تشبه في مضمونها شعار "رابعة" الذي أطلقه معارضو تنحية الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي وظهر بعد أحداث فض اعتصامات مؤيدي مرسي في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة.

عندما بحثت عن أصل الإشارة وجدت انها تخص فرق الكشافة، وتعني الأخوة، ويتم استخدامها حول العالم لإظهار الحب لشخص ما، أو لترحيب به أو لتوديعه!

ويبدو أن خضم الأحداث السياسية خلال الفترة الماضية، جعلني أصدق للحظة أن الإشارة تعني (عيش، حرية، عدالة إجتماعية) على غرار الشعار والهتاف الذي ردده المتظاهرون الذين خرجوا إلى ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير قاصدين من ذلك تحقيق مطالب مرتبطة بهذا الشعار.

الأهم من كل ذلك بالنسبة لي، هو رد فعل الموجودين في صالة العرض على رفع الرجل المسن لهذه الإشارة، حيث أصابهم هذا المشهد بنوبة من الضحك، بالرغم من أن الرجل قتل على يد رجال "الكابيتول"!

ولا أعرف في الحقيقة عن ماذا ينم ضحك المشاهدين؟ هل هو دلالة على أن عدد كبير من المصريين باتوا ينظرون إلى كل من يرفع هذه الإشارة على أنه مجنون مثلاً؟ أم أنها مجرد ضحكات ساخرة من تشابه إشارة الرجل مع علامة "رابعة"؟ لا أعرف!

لورانس لوحت في الجزء الأول من الفيلم -عرض في مارس ٢٠١٢- بالإشارة نفسها، ولم نتوقف أمامها وقتها ربما لأننا لم نكن أصحاب خبرة في ماهية الإشارات!

تستكمل كاتنيس وبيتا جولتهما، بعدما يقنعهم هايميتش بضرورة الخضوع لما هو مكتوب في الورقة التي تعطي لهم مع كل خطاب دون أية إضافات من شأنها أن تتسبب في إثارة الناس أكثر، ولكن خلال الجولة تشعر كاتنيس بالتغييرات التي تطرأ على مقاطعات "الكابيتول"، تعزيز لقوى الأمن، تكميم للأفواه، وشدة تتسبب في جلد صديقها المقرب جايل (ايل هاوثهورن) وزميلها في الصيد.

إلا أن مقابلة جمعت بين كاتنيس وناجين من المقاطعة ٨ -التي تعرضت على إثر ثورتها إلى قصفًا شديدًا- كشفت لها أنها هي وطائرها المقلد (الشعار الذي ارتدته كاتنيس في الميدان)، صارا رمزاً للثورة، بل وعلمت أيضًا أن المقاطعة ١٣ لم تدمر بالكامل كما روج "الكابيتول"، إنما شعبها لازال يعيش حراً تحت الأرض، ولديه قدارات عسكرية لا بأس بها.

وبحلول العام ٧٥ على خضوع المقاطعات للكابيتول، يفجر الرئيس سنو مفاجأة من العيار الثقيل، حيث يعلن عن تغييراً في قواعد المبارايات الربعية التي تقام كل ٢٥ عاما، حيث جرت العادة أن يتم إرسال ٤٨ مجالداً بدلاً من ٢٤، ولكن هذه المرة قرر الرئيس تغيير قواعد اللعبة للتخلص من كاتنيس، رمز الثورة، عن طريق إقرار مباريات الربعية بين المنتصرين الأحياء في آخر ٢٤ عاماً، أي أنهم سيعودون مجدداً لمواجهة الموت الذي فروا منه.

يحاول مصمم اللعبة هيفينز بيي (فيليب سيمور هوفمان) بمساعدة الرئيس سنو، تقليب الشعب ضد كاتنيس، التي جاء على لسانها جملة خلال حوارها مع الرئيس سنو بما معناها أن النظام الذي لا يحتمل موقف في لعبة لا يستحق أن يحكم، وهذه الجملة ذكرتني بما قاله باسم يوسف مع جون ستيوارت، تعليقًا على ملاحقة نظام مرسي له قضائيا: "النظام الذي لا يحتمل النقد الساخر والنكتة لا يستحق أن يحكم".

"سنو" ليس إلا مجرد رمزا للاستبداد، يشير إلى كل نظام مستبد، يخشى أفرادا، ويخطط للتخلص منهم.

الفيلم تناول أغلب الألاعيب التي يمارسها كل نظام فاشي للقضاء على الأصوات الحرة، والثورة، وتجلي ذلك، في قتل كل من يشير بعلامة "الأخوة"، وقمع القريبين من كاتنيس، ومنهم على سبيل المثال مصمم أزيائها سيّنا (ليني كرافيتز) لمجرد أنه صمم لها فستانا على شكل طائر مقلد!

العوامل الفنية
اختيار فرانسيس لورانس مخرج فيلم  I Am Legend (أنا أسطورة)، و Constantine (قسنطينة) ليقوم بإخراج هذا الجزء كان عظيمًا، ومن شاهد الجزء السابق يعرف جيداً أن جاري روس، مخرج الجزء الأول، لم يقدم الكثير ليضيف إلى القصة الرائعة!

إذا كنت مثلي ممن يكرهون الزواج، ربما ستعيد التفكير في الأمر بعد مشاهدة لورانس بفستان الزفاف!


بعد مشاهدة هذا الجزء، أشعر الآن بالارتياح لتوقيع لورانس عقداً لإخراج آخر فيلمين في السلسلة والمستوحى من آخر كتب السلسلة The Hunger Games: Mockingjay.

التمثيل والأزياء كانا رائعين في الفيلم. كاتنيس بدت أكثر حيوية هذا الجزء، لأن جينفير لورانس تمكنت من الدور أكثر وفهمته بشكل أعمق. فريق العمل بالكامل كان رائعًا خاصة بيتا ميلارك (جوش هاتشيرسون)، فينيك أوداير (سام كلافلن)، و جوانا ماسون (جينا مالون) أضافت لمسة ضاحكة على أدائها لشخصية الماكرة.

المخرج استخدم موسيقى الجزء الأولي دون أي تغيير، وكان ذلك الأمر مصدر حزن بالنسبة لي، خاصة وإني كنت أنتظر الاستماع إلى موسيقي جديدة، ولكن الحقيقة وبالرغم من كل ذلك إلا أنها كانت مناسبة ولم أشعر أنها مقحمة.

نهاية الفيلم، صادمة بعض الشيء، وربما الوصف الأدق لها، انها مفاجئة، ولكنها لا تختلف كثيرًا عن الجزء الأول، ستشعر لوهلة وكأنك كنت تشاهد حلقة من مسلسل تليفزيوني لا فيلمًا، وهذه الطريقة تعجب شركات الإنتاج الكبري ولا ترضي الجمهور بطبيعة الحال.

بعد مشاهدة هذا الجزء، أدعي أننى فهمت السبب وراء جعلها سلسلة أفلام، ربما لأن الثلاثية بها الكثير من التفاصيل التي من الصعب أن يستوعبها المشاهد مرة واحدة، ولكن الأكيد هو أن هذا الفيلم، سيجعلك تعيش في عالم آخر، ستغرق في تفاصيله وتعشقها، وربما ستصاب بالخرس بعد انتهائه، لأنه بمثابة حالة رائعة لن ترغب في الخروج منها.

اسمحوا لي أن أنصحكم: لا تفوتوا فرصة مشاهدة أفضل فيلم هذا العام!

التقييم العام: 8 من 10