شخصيات تارانتينو سر روعة "Django Unchained"

تاريخ النشر: الأربعاء، 20 مارس، 2013 | آخر تحديث:
دي كابريو في Django Unchained

"أعتقد أن المشاهدين الحريصين على متابعة أفلامي منذ 30 عاما حتى الآن يفعلون ذلك بسبب الشخصيات التي أبتكرها، لدي فرصة واحدة لتقديم الشخصية بالشكل الصحيح، لذلك على اختيار الممثلين المناسبين لتجسيد هذه الشخصيات بعناية بالغة، هذه المرة نجحت بالفعل، شكرا لكم "، كان ذلك ضمن خطاب المخرج العالمي كوينتين تارانتينو بعد فوزه بجائزة الأوسكار أفضل سيناريو فيلم أصلي عن فيلمه "Django Unchained"، والمميز في هذا الخطاب أنه لا يلخص فقط أسلوب تارانتينو في الإخراج بل يرفع الستار عن السر وراء روعة فيلم "Django Unchained".

تجسيد الأدوار مليء بالمفاجآت
من المستحيل أن تتخيل نجم بحجم ليوناردو دي كابريو في دور ثانوي بعد أدوار البطولة التي خاضها، ومن الأغرب أن ترى صامويل إل جاكسون في دور لا يتعدى بعض المشاهد، لكن هذا ما يفعله نجوم هوليود ليقينهم أن تجسيد دور صغير في فيلم من أفلام تارانتينو يخلد في ذاكرة المشاهد بشكل أكبر من بطولة أي فيلم أخر، وكان اختيار ديكابريو في دور الشرير أمر غير متوقع لأنه لم يقدم أدوار شر سوى في فيلم "The Man in the Iron Mask"، ويذكر أنه كان خائفا من كراهية الجمهور له بسبب قسوة وعنصرية الشخصية، لكن تارانتينو نصحه بأن يبالغ في الشر قدر استطاعته حتى لا يعلق بالأذهان أنه لم يتمكن من تقديم الشر وكذلك حتى لا يحرمه المخرجون من هذه الأدوار، أما إل جاكسون فاستطاع بمشاهد معدودة أن يتحكم في أحداث الفيلم بل وفي شخصية دي كابريو نفسه، ربما لاعتقاد الأخير أن جاكسون هو الزنجي الذكي الذي يظهر مرة من بين 10 ألاف زنجي.

التعلق بالشخصيات حتى الشريرة منها
الغريب في هذا الفيلم أنه يجعل المشاهد يتعلق بالشخصيات بدرجة كبيرة حتى الشريرة منها، مثل شخصيتي دي كابريو وصامويل إل جاكسون بسبب ثراء الشخصيات، فمشهد مثل مشهد عشاء العمل الذي جمع بين كل الشخصيات المحورية بالفيلم في منزل ديكابريو، من الصعب أن تتوقع أي الشخصيات ستنتصر، بل تكاد لا تعرف أي الشخصيات تتعاطف معها بدرجة أكثر من الأخرى، تشعر وكأنك تود القفز داخل الفيلم لتهدئ الأجواء بينهم خوفا من أن يقتلوا بعضهم البعض فتحرم من مشاهدة أحد هذه الشخصيات الرائعة.


نبذة عن قصة الفيلم
قصة الفيلم يحركها الانتقام كعادة أفلام تارانتينو وهي باختصار تدور حول صائد جوائز ينبذ العبودية، يحرر عبد أسود ويعلمه مهنته، ثم يعرض عليه مساعدته في تحرير زوجته من الثري كالفن كاندي.


أفضل فريق عمل يجمع خيرة نجوم هوليود في أدوار ثانوية
الفيلم شارك به سبعة ممثلين سبق لهم الترشح لأوسكار أفضل ممثل مساعد، فجيمي فوكس ترشح عن فيلم "Collateral" وكريستوف واتز عن فيلمي "Basterds Inglourious" وهذا الفيلم وحصل علي الجائزتين، بينما رشح ليوناردو دي كابريو عن فيلم "What's Eating Gilbert Grape" وصامويل إل جاكسون عن فيلم "Pulp Fiction" وجونا هيل عن فيلم "Moneyball"، ولم يفز بالجائزة سوى كريستوف واتز بينما حصل جيمي فوكس على أوسكار أفضل ممثل عن فيلم "Ray"، وكان من المفترض أن يقول بويل سميث بدور جانجو لكنه اعتذر، كما عرض دور شقيقة دي كابريو على المغنية ليدي جاجا لكنها رفضت، فبهذه الترسانة من النجوم في أدوار ثانوية وقدرة تارانتينو على رسم شخصياته، تضمن لك جمهورا محدقا أمام الشاشة في كل "كادر"، حتى لو كان تارانتيو قد صور لقطات فوتوغرافية وليس فيلما.

البطولة موزعة بين الممثلين على عكس البطولة المطلقة
الفيلم أتاح الفرصة لكل ممثل لجذب الأضواء إليه والسيطرة على الأحداث في فترة من فترات الفيلم، فكريستوف والتز سرق الشاشة منذ اللحظة الأولى خاصة في بداية الفيلم عندمل قدم دور صائد الجوائز ذو الأصول الألمانية (كعادة أفلام تارانتينو التي تعتمد على شخصية ألمانية) الذي يحرر جانجو ويعلمه فنون مهنته، لكن مع بداية ظهور دي كابريو سحب البساط منه بعض الشيء وسيطر بأدائه الشرير على مجريات الأمور، ثم بلغ أداء جيمي فوكس ذروته في النهاية بعدما تحول على النقيض من عبد ساذج إلى منتقم يهابه الجميع، دون إغفال دور صامويل إل جاكسون الذي أضاف للفيلم السذاجة والدهاء معا.


تطور الشخصيات
التحول في الشخصيات لم يكن سهلا على الممثلين خاصة في حالة تقديم دور ثاني بسبب قلة عدد المشاهد التي تمهد لتطور الشخصية، فصامويل إل جاكسون جسد شخصية معقدة ونجح في التحول من خادم ساذج ومرح إلى أن أظهر حقيقته بأنه داهية يتفنن في الكيد للآخرين لدرجة التحكم في دي كابريو نفسه، بينما كريستوف والتز ظهر في أول الفيلم بدور شخص نفعي براجماتي يقتل من أجل المال إلى أن أظهر الجانب الإنساني بداخله في محاولته للجمع بين فوكس وزوجته في النهاية وحبه للموسيقى والأدب، وكان فوكس بدوره مجرد عبد زنجي خاضع في البداية إلى أن تحول إلى أسرع مطلق للنار في جنوب أمريكا يهابه الجميع ويتطلع إليه بقية العبيد، وعلى الرغم أن دي كابريو لم تتحول شخصيته لكنه قدم شخصية الشرير في أفضل ما يكون، محطما الشكل الكلاسيكي للشرير والذي حصره المخرجون في شخص قبيح الوجه وصوته جهور.

أغاني الفيلم متنوعة وتظهر حتى في المعارك
أما الأغاني في الفيلم فكانت رائعة وتتنوع بين القديم والحديث وتظهر فجأة بدون مقدمات حتى أثناء المعارك الجادة لتجعلها تبدو وكأنها معركة في فيلم لفؤاد المهندس، فكعادة أفلام تارانتينو لا تستطيع أن تميز ما إذا كان يقدم فيلما جادا أم هزليا، ولا يمكنك أيضا تصنيف هذا الفيلم فهو خليط بين الدراما والأكشن والرومانسية وأفلام رعاة البقر، ويتخلله بعض الكوميديا.

طول مدة العرض أحد مساوئ الفيلم
يعاب فقط على الفيلم الإفراط في مشاهد العنف التي صرح تارانتيو أنه حذف بعض اللقطات منها بسبب قسوتها، وكذلك استخدام كلمة زنجي بكثرة والتي وردت في الفيلم حوالي 110 مرة، ولكن الأمر يعتبر داخل الإطار الدرامي بالنسبة لفيلم يتحدث عن العبودية، بالإضافة إلى طول مدة العرض التي تقارب الثلاث ساعات، والمشاهد الطويلة التي يتفرد بها تارانتينو في الإخراج، لكن على أية حال من المستحيل أن تشعر بالملل بسبب روعة تجسيد الشخصيات.

الفيلم لا يمت بصلة لفيلم " Django" إنتاج 1966
يذكر أن الفيلم حاز على أوسكار أفضل سيناريو أصلي لكوينتين تارانتينو مما يعني أن الفيلم لا علاقة له بفيلم "Django" الأصلي الذي انتج عام 1966، لكن هذا لم يمنع تارانتينو من مداعبة الفيلم الأصلي حيث استخدم في كتابة أسماء المشاركين بالفيلم في مقدمته نفس الخط المميز الذي استخدم في فيلم "Django" القديم، بل ذهب خيال تارانتينو إلى إشراك بطل فيلم "Django" فرانكو نيرو كضيف شرف بالفيلم حيث ظهر بدور الثري صاحب العبد الذي تغلب عليه العبد الخاص بدي كابريو في المصارعة، والطريف في الأمر أنه بعد خسارته ذهب فرانكو إلى جيمي فوكس ليسأله عن كيفية نطق اسمه، وعندما رد فوكس قائلا: "جانجو، حرف الـ D صامت" رد عليه نيرو: "أعرف"، قد يكون الأمر غير مقصود لكن مع تارانتينو لا يمكنك أن تتوقع ما يدور برأسه على أية حال.

شاهد تارانتينو ودي كابريو وفوكس يجيبون على أسئلة النقاد