إذا كنت تعتقد أن السطور التالية كُتبت للهجوم على لبنان وفنانيها، فاعلم أنك مخطئ بالتأكيد، أما إذا اعتقدت أن ما يلي يأتي دفاعا عن عمرو دياب، فاعلم إن حبك للهضبة هو الذي قادك لذلك.
ونتحدث هنا الهجوم الذي دائما ما يشنه الفنان اللبناني الكبير ملحم بركات ضد مصر ورموزها الفنية، وحملت آخر تصريحاته هجوما كبيرا على الفنان عمرو دياب.
التصريح الأخير الذي خرج به ملحم بركات يعتبر "قطعة" صغيرة في "عُقد" تصريحات مثيرة للجدل يخرج بها الفنان اللبناني من الحين للآخر لمهاجمة الفن المصري بشكل عام، والغريب أن جميع هذه التصريحات تخرج بلا أية مناسبة، ومن دون أن يتعرض ملحم بركات شخصيا أو الفن اللبناني بشكل عام لأية انتقادات مصرية.
لا نريد أن يسير الأمر في صراع بين مصر ولبنان، وهو الغرض الرئيسي من كتابة هذه السطور، ومن المعروف منذ عقود كثيرة أن البلدين هما الأكثر إنجابا لنجوم فنية كبار سواء في مجالي الموسيقى والسينما.
الأمر السابق يعتبر من الأمور المنطقية التي يعلمها الجميع ولا أعتقد أن هناك خلاف بخصوصها، ولكن هناك حقيقة أخرى أيضا لابد من ذكرها.
إذا كانت مصر ولبنان تشتركان في امتلاكهما النسبة الأكبر من النجوم الأشهر في الوطن العربي، فإن الوضع بالنسبة لمصر يختلف بعض الشيء، فدائما ما تستقطب النجوم من مختلف البلاد العربية، سواء من لبنان أو غيره من البلاد، وهي الحقيقة المدعومة بقائمة طويلة من أسماء مطربين وممثلين حضرو لمصر بحثا عن الشهرة.
إذن، ماذا يريد ملحم بركات في تصريحاته؟
إذا تتبعنا تصريحات الفنان اللبناني الكبير من بدايتها، سنجده يتحدث في أحد الأفكار العامة دون أن يذكر فيها اسم مصر، قبل أن ينتهي به الحال في نهاية التصريح بالهجوم الشديد والمباشر على مصر.
يتحدث ملحم بركات عن عدم هوية الفن، وعن ضرورة تمسك الفنانين اللبنانيين بهويتهم الخاصة وعدم الغناء بلهجات أخرى كالمصرية، وهو بالطبع له مطلق الحرية في الخروج بمثل هذه التصريحات، ولكن الفنان الكبير يجهل إحدى الحقائق الهامة، وهي أن ما فعله فنانو لبنان مؤخرا ماهو إلا استكمالا لما أقدم عليه سابقيهم، والتاريخ مليء بمطربين وممثلين لبنانين لم يحققوا الشهرة الواسعة سوى في مصر، وعندما عادوا إلى لبنان لظروف مختلفة، انطفئ نجمهم وغاب بريقهم، باعترافهم هم شخصيا.
يتساءل بركات عن الأسباب في تصريحات أخرى عن الأسباب التي تدفع مطربين لبنانيين للغناء باللهجة المصرية، والسؤال هنا، هل بالفعل لا يعلم أم أنه في غفلة عن السبب الحقيقي؟
يقول ملحم أيضا إن المصريين يحاربون أي فنان لبناني، ويدعم اللبناني الكبير قوله بإن القنوات المصرية لا تعرض أغنيات لبنانية على الإطلاق، وعنما يعرضون أغنية لمطرب لبناني تكون باللهجة المصرية.
ويحتاج بركات هنا للحديث بشكل أكبر مع نجوم ونجمات بلاده، والنظر في أغلفة ألبوماتهم لحساب عدد الأغنيات باللهجة المصرية في كل ألبوم، وأن يشاهد القنوات غير المصرية ليجدها تعرض الأغنيات باللهجة المصرية، وذلك ليعلم أن من الطبيعي أن تعرض قنوات مصر تلك الأغنيات.
وأيضا ليست القنوات المصرية هي التي أجبرت فنانو لبنان على اختزال أغلب أغنياتهم المصورة في أغنيات مصرية، ولنا في هيفاء وهبي وإليسا ووائل جسار وغيرهم خير مثال.
يا سيد بركات، مصر لا تحارب أحدا، مصر تفتح ذراعيها للجميع سواء كان من لبنان أو غيره من البلاد، وما كانت الأغنيات المصرية لنجوم لبنان ستنجح سوى بمساندة وتشجيع جهات مصرية إعلامية وإنتاجية.
أما عن التصريحات الأخيرة بحق عمرو دياب، وتفضيل الاعتقال في جوانتانامو عن سماع أغنياته، فالأمانة تقتضي أن نخبر الفنان اللبناني الكبير بحقيقة ربما غفل عنها.
منذ سنوات كشفت ديما الخطيب مديرة مكتب الجزيرة في أمريكا اللاتينية عن الاستماع لأغنيات عمرو دياب لأكثر من مره هناك خلال فترة عملها، كما أن أكثر من مطرب ومطربة من أمريكا اللاتينية قاموا باقتباس ألحان للنجم المصري الكبير وغنوها هناك.
إذن فالفنان اللبناني الكبير إذا حقق ما قاله وتواجد في سجن جونتانامو، ربما سيقوده حظه التعس لسماع صوت عمرو دياب هناك أيضا.
الفنان ملحم بركات، ستظل تستمع لأغنيات دياب وغيره من نجوم ونجمات مصر في كل مكان وفي لبنان ذاتها، وهي حقيقة لن تستطيع الهروب منها، وسيظل نجوم ونجمات لبنان يغنون بالمصرية مهما طال الزمان.
العلاقة بين مصر ولبنان فنيا أكبر بكثير من التأثر بمثل هذه التصريحات، اللبنانيين يستقبلون نجوم مصر في أراضيهم أفضل استقبال، ويستمعون لأغنيات أبناء بلادهم بالمصرية دون التفكير فيما يفكر فيه ملحم بركات، وسيظل المصريين أيضا يعشقون أغنيات فيروز ويرددونها يوميا إلى الأبد.
للتواصل عبر Facebook
وعلى Twitter