Flight .. حينما تمنى دينزل واشنطن أن يكون مصريا!

تاريخ النشر: الاثنين، 14 يناير، 2013 | آخر تحديث:

يواجه كثير منا هذا السؤال في مرحة معينة من حياته: هل يجب أن ننحاز دائما للصواب مهما كانت النتائج أم يجب الانحياز إلى الخطأ إذا كان يؤدي إلى نتائج إيجابية؟

هذا السؤال واجه كل أبطال فيلم Flight أي "الرحلة" من بطولة الفنان الأمريكي الشهير دينزل واشنطن، الذي قام فيه بدور الطيار المدني "ويب ويتيكر" المدمن على الكحوليات.

تحذير: الموضوع في الفقرات التالية سيكشف بعض تفاصيل الفيلم التي قد تود عدم معرفتها إذا لم تشاهده بعد. فإذا أردت عدم "حرق" الفيلم، فلا تستكمل القراءة.

لمعرفة أماكن السينمات التي تعرض الفيلم في القاهرة ومدن أخرى، ومشاهدة التريلر وبعض الصور (اضغط هنا)

"ويب" يمتلك مهارات استثنائية في الطيران لا يمتلك نصفها معظم أقرانه، ما جعله يستطيع أن يفرض سيطرته على طائرة ركاب تعرضت لعطل فني خطير في الجو، متمكنا من الهبوط بها في مهمة مستحيلة بعد تعطل المحركات ومعظم وسائل التحكم الإلكترونية.

ومع الهبوط في ظروف صعبة كهذه، توفى 6 أشخاص ممن كانوا على متن الرحلة من أصل 104 .. أي أن مهارات "ويب" الاستثنائية أنقذت حياة 189 شخصا من موت محقق.

ولكن هناك مشكلة صغيرة: كان "ويب" مخمورا وهو يقود الطائرة، بما يخالف كل تعليمات السلامة والأمان التي يلتزم بها الطيارون!

وعلى الرغم من اعتراف الجميع، سواء الزملاء أو الرؤساء أو جهات التحقيق بفضل "ويب" في إنقاذ الركاب، فإن هذا الأمر لم يمنع أن يخضع – مثل الجميع – إلى التحقيق بعد أيام من خروجه من المستشفى لمعرفة سبب الحادث وتحديد المسؤول عن ضياع 6 أرواح.

نعم .. لا تندهش .. ففي البلاد المتقدمة يبدأون التحقيقات بعد أيام من أي حادث كبير وليس بعدها بشهور حتى يستطيعون جمع الأدلة وربط الخيوط ببعضها بعضا.

لا تندهش .. فالجميع يخضع للتحقيقات حتى وإن كنت بطلا يرغب الجميع في مصافحتك والحصول على صورة تذكارية بجوارك.

ولا تندهش أيضا من عبارة يقولها محامي "ويب" في هذه التحقيقات، إذ يوضح لموكله أن "هناك ستة أرواح قد زهقت، ولابد أن يدفع أحد ثمن ضياعها".

لم أتمالك نفسي أثناء مشاهدة الفيلم في السينما عند هذه العبارة، وتخيلت "ويب" يتمنى أن يكون طيارا مصريا حتى يفلت بسهولة من أي عواقب محتملة. ففي مصر هو بطل والأبطال لهم حصانة تلقائية، كما أن تشكيل الحكومة للجنة تقصي حقائق تبحث لمدة أشهر وتخلص إلى نتيجة أن الأمر قضاء وقدر غالبا لن ينتج عنه شئ!

ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لبطل الفيلم، فالتحقيقات كانت كلها تصب في اتجاهين هو مسؤولية الشركة التي تتولى صيانة الطائرة ومسؤولية الطيار باعتباره لم يكن في كامل لياقته البدنية والذهنية أثناء الطيران.

ويحاول "ويب" أن يؤثر على جميع زملائه كي يشهدوا لصالحه، ما يجعلهم يواجهون السؤال الذي طرحناه في البداية: هل يقولون الحق على حساب مستقبل وحرية زميلهم الذي أنقذهم وأنقذ 198 روحا أم يخالفون ضميرهم كمكافأة له على المعجزة التي حققها؟

ولكن الأمر في النهاية يقع في يد "ويب" نفسه، الذي كان عليه مجرد إلقاء تهمة شرب زجاجتي كحول وجدتا فارغتين على إحدى المضيفات المرافقات له في الرحلة، والتي لقت حتفها في الحادث.

وجد "ويب" نفسه أمام خيار الحصول على حريته مقابل تشويه سمعة زميلة متوفية وهو ما لم يستطع القيام به، هي الرسالة التي نحتاج دائما إلى من يذكرنا بها: افعل الصواب دائما، حتى وإن ترأي لك العكس. ليس مهما أن النتيجة النهائية هي النجاح، إذا كان الطريق إلى هذا النجاح منحوتا بأخطاء أخلاقية ومهنية!