دائماً ما لعبت النجمة الأمريكية جودي فوستر دور المرأة القوية بدءا من دور "كلاريس ستارلنج" في "صمت الحملان" أوٍ Silence Of Lambs مروراً بـ"ميج ألتمان" في الفيلم الذي أخرجه دافيد فينشر "غرفة الرعب" أو Panic Room وفيلم الإثارة الذي طرح في الأسواق هذا العام "رحلة الرعب" أو FlightPlan
وفي فيلمها الجديد "المطاردة" أو Inside Man تقدم فوستر دور "مادلين وايت" سمسارة في البورصة ، امرأة كتومة وغامضة تتورط في قضية سرقة أحد البنوك وتقوم بدور الوسيطة بين كليف أوين "اللص" ودينزيل واشنطن "المحقق" وكريستوفر بالمر "مدير البنك" ، وبالطبع فقط امرأة بذكاء فوستر هي التي تتمكن من تقديم هذا الدور وابرازه لتقف على قدم المساواة مع مثل هؤلاء النجوم الكبار.
وتمكن موقع "قريباً" أو Coming soon من اجراء حوار مع فوستر خلال مؤتمر صحفي عقد بنيويورك.
ما الذي جعل من شخصية "مادلين وايت" بهذه القوة؟
لأن هذه هى حياتها ، فعملها يعتمد أساساً على التوقعات شبه المؤكدة ، وأعتقد أن هناك شيئا رائعا في طريقتها في معالجة الأمور مثل الهدوء والثقة ، فهى امرأة لا تأخذ انطباعات مسبقة على الآخرين وفي الوقت نفسه تكسر حاجزها الأخلاقي خلال أحداث الفيلم لأنها تتفاوض مع "شيطانين" ، لذا فأنا بالفعل اعتبرها شخصية شريرة ، لكني اعتقد أن في مثل هذا العالم هناك بعض الرجال يحبون استعراض قوتهم لكن هى قوتها تكمن في شخصيتها الواثقة وأنوثتها وحضورها القوي لكنها لا ترفع صوتها أبداً ، مبتسمة دائماً ما تقول "من فضلك" و"شكراً" ، تملك الوقت لتتأنق وتتزين فهى متباينة تماماً مع الرجال لذلك فهى واضحة جداً في عالمهم الذي دخلته بدون أى مجهود.
وهى أيضاً قوية؟
بالطبع ، فهى تذهب مكان ما تريد بدون أن ترفع صوتها أو أن تشهر مسدساً في وجه الآخرين ، فهى تعلمت فن القوة من خلال قيامها بأشياء أخرى فعملها يتيح لها حياة مرفهة وتستغل صلاحياتها المتعددة لخدمتها في تحقيق أهدافها ، كما أنها تلغي أخلاقياتها في بعض الأحيان لتنجح في عملها.
هل قابلت شخصية مثلها في حياتك الخاصة استعنت بها كموديل لآداء الدور؟
لا أعرف ، فأنا أعلم أن مثل هذه الشخصيات موجودة بكثرة في واشنطن لكننى أتساءل ما إذا كان هناك من يقومون بهذه المهمة بالفعل؟
ولكن الشخصية المفضلة بالنسبة لي والتي تقوم بمثل هذه المهمة في حياتي الشخصية هى بات كينجسلي المتحدثة الإعلامية باسمي فهي شخصية قوية لا ترفع صوتها ولا تحتاج لذلك لأنها تفرض لنفسها احتراماً كبيراً ، كما تحفظ أسراراً كثيرة لن تفشيها حتى ولو انهار العالم من حولنا ، كما أنها ليست بالشخصية الخبيثة على الإطلاق.
فهل تعتبري "بات" شخصية مؤثرة؟
نعم ، هذا ما كنت أفكر فيه ، فهى نوع من الشخصيات التي امتلكت القوة من واقع خبرتها الواسعة بالعديد من الأشياء لذا فهى تشعر بثقة وثبات كبيرين ، لأنها واثقة من قدرتها على حل أى أزمات كما أنها في النهاية ليست صاحبة الأزمة وهذا يجعلها أكثر هدوءا وثباتاً.
فمهمتا تقتصر على العلم بكل مايحدث وهذا لا يعني بالضرورة أنها تتدخل في ذلك وهذا ما يجعلها أكثر تميزاً وقدرة على رؤية الأمور بحياد.
هل تعتقدين أن دورك في الفيلم لا يمكن أن تلعبه سوى أمرأة؟
لا يمكن لرجل أن يقدمه بهذه الطريقة ، فالرجل عليه أن يجد طريقة مختلفة تماماً لتقديمه ، وأعتقد أن الشيء المثير في الفيلم أنك تعلم أنه لو كان هناك رجل لجرت الأمور بشكل مختلف تماماً.
هل يعطى الفيلم انطباعاً سلبياً عن طرق المرأة الملتوية في الوصول لاهدافها؟
أعتقد نعم ، فهذه الصورة موجودة منذ الأزل ، فالشخصية كان من السهل جداً أن يقدمها رجل ، فأنا أميل لتقديم الشخصيات التي يمكن أن يقدمها رجل أو إمرأة مثلما حدث في "صمت الحملان" أو في "رحلة الرعب" ، فكل هذه الأدوار كان من الممكن أن يقدمها رجل ولكن حينما تضع أمرأة في مثل هذه المواقف بالتأكيد سيختلف الوضع وستختلف المشاعر والخلفيات والعوامل المؤثرة.
نفس الحال بالنسبة لشخصية دينزل واشنطن في الفيلم فمن السهل أن يكون ضابط من أصل أفريقي أو من أصل لاتيني أو أي كان ، لكنه ضابط من أصل أفريقي وهنا يؤثر التاريخ على شخصيته ، وأنا استعنت بخبرتي كإمرأة بكل رغبتها في إثبات جدارتها للرجال وتستغل كل فرصه ومعلومة في سبيل تحقيق ذلك فهى تعتمد على فلسفة خاصة جداً في التعامل مع كل ما حولها.
وبما أنك قدمت شخصة المرأة القوية أكثر من مرة فهل تعتبري نفسك من المطالبات بالمساواة بين الرجل والمرأة؟
لا أظن ان مطالبتي بالمساواة شيء يسيء لي ، فهذا اللقب كان يعطى انطباعاً سيئاً في الثمانينيات فالمطالبة بمراعاة حقوق الإنسان تكاد تكون الأمر نفسه ، فلا يوجد اختلاف بين الرجل والمرأة ، نعم أنا أمرأة وأقدم أدوار نسائية فأنا لا املك حرية الإختيار في هذا.
كما أنني اتمنى أن تدخل حقوق الإنسان في الاعمال التي اقدمها فعلى الرغم من أنني أقدم شخصية المرأة القوية إلا أن الطريقة دائماً ما تختلف ، فقدمت دور المرأة الشقراء الغبية والفتاه الصالحة والمرأة الجامحة إلا أنها دائماً كانت قوية ، فأنا اشعر أن هذه الأدوار هي قدري كممثلة فأنا أعتقد أنني لو قدمت دور المرأة الضعيفة لن يصدقني الناس فالقوة هى الشيء الوحيد الذي لن أتمكن أن أتخلص منه ، كما اننى لا أحب أن ارى شخصيات ضعيفة تجسد على الشاشة فهؤلاء موجودون بكثرة حولنا والجمهور يحتاج للقدوة والإلهام.
هل تريدين تقديم شخصية مثل تلك التى قدمتيها في فيلم "المتهم" أو The Accused فهى إمرأة قوية وإن كانت شديدة الحساسية؟
بالطبع فأنا اعشق هذه الشخصية خاصة حقيقة أنها لم تكن تعلم مدى قوتها في حقيقة الأمر ، فهى لم تكن تملك التعليم أو الامكانيات أو المهارات التي تجعل منها شخصية قوية ، لكنها تمكنت من التغلب على كل هذا ، لأنها كانت تملك الشجاعة الكافية لتحقيقه ، فهى وجدت قوتها خلال الأزمة لكنى أعتقد أنه من الصعب أن أقدمها الآن لأنه لا يوجد امرأة في الثالة والأربعين من عمرها ولا تعرف مدى قوتها الحقيقية!
كيف كان العمل مع المخرج سبايك لي؟
اعشق العمل مع سبايك بل أنه كان من أهم الأسباب التي شجعتني على القيام بالدور ، فأنا لم أمثل من قبل في أى من أفلامه وهذا الفيلم أتاح لي هذه الفرصة ، لاقف وراءه وأرى الأمور من منظاره الخاص ، أردت أن أعرف كيف يفعل هذا ، ولماذا يفكر بهذه الطريقة ، فهو يمثل الحافز بالنسبة لي كممثلة ، ويعطيني خبرة كبيرة وهو ما أسعى اليه في هذه المرحلة ، فسبايك كان مختلف تماماً عن ما كنت أعتقد ، فهو شخصية رائعة ويملك شجاعة واضحة وخبرة كبيرة ، فالأمر كان رائعاً وهذا لم أتوقعه على الإطلاق.
وماذا عن العمل مع دنزل ؟
رغبتي في العمل مع دنزل ترجع لأكثر من 20 عاماً ولسبب ما لم نلتقي من قبل في عمل واحد ، فهذا دائماً يحدث مع أبطال الأفلام ، فالميزانيات دائماً تكون معدة لبطل واحد فأنت دائماً تعمل وحدك أو مع أبطال جدد ، وكنت أسمع أنه أفضل ممثل يمكن التعامل معه ، ولكنني أعتقد أنه من الرائع أن تتمكن من مشاهدة رجل يعمل بمثل هذه البساطة ، فهو مبدع بصورة كبيرة فأكثر من نصف هذه الأشياء التي نراها في الفيلم لم تكن مكتوبة في السيناريو من الأساس ، فأنا أعرف لماذا يعشق سبايك العمل معه لأنه يقدم الكثير للعمل.
فالعمل معه كان بالفعل واحدة من أعظم اللحظات التى عملت فيها على الإطلاق على الرغم من أننا قدمنا مشهدين فقط سوياً.
هل شعرت بالرهبة حينما صورتي بالقرب من مركز التجارة العالمي؟
أنا أذهب إلى المركز كلما حضرت إلى نيويورك فعلى الرغم من أن 11 سبتمبر 2001 كانت لحظة عصيبة على الجميع إلا أنها كانت لحظة تألق لكل الأمريكيين ، فقد تمكن الجميع بهدوء وروعة من تجاوز هذه الأزمة وهذا ما جعلني فخورة للغاية بهم ، وزادت رغبتي أريد أن أكون جزءً من هذا الحدث.
هذا الدور كان دور ثان فهل تحبي أن تقدمي هذا مرة أخرى أم أنك تفضلي أن تكوني البطلة الرئيسية في العمل؟
لا أدري ، فأنا أفضل أن يسير العمل كما يكون ، فالأمر كان رائعاً أن أقوم بدور ثان لأنه ليس من المفترض أن تكون البطل دائماً ، فهذا يساعدك على أن يتم اختيارك في أدوار لم يتم اختيارك لها من قبل ، فأنا سبق وقدمت دور صغير جداً في فيلم "خطوبة طويلة جداً" أو A Very Long Engagement وأنا أعتبر أن الأمر كان رائعاً لأنه لم يتخيل أحد أن يتم اختياري في دور زوجة تخون زوجها بدون رغبتها ، كما أن هذا يمثل عاملاً مساعد على الارتقاء بالفيلم فأنا اعتقد أنه مفيد جداً بالنسبة لي.
هل تريدين تقديم هذه الشخصية في سلسلة؟
تضحك قائلة : "المطاردة" في سلسلة! نعم ، بالطبع أتمنى ذلك وأتمنى أن أعيد تقديمها في بعض المواقف المختلفة فأنا لا أعتقد أن هذه الشخصية تم تقديمها من قبل في السينما فهى تعشق أن يقع الناس في المشاكل فمن هنا تستمد قوتها فكلما غرق الناس في المشاكل كلما شعرت بأنها أقوى لأن حينها تتسلم هى زمام الأمور وتبدأ في الانتقام.