أن تقتصر ثقافة المصريين عن دولة أخرى على المايوه أو مجموعة مطربات أو مراكز تجميل فهذا قد يبدو منطقيا إن كنت تتحدث عن المكسيك! ولكن إذا كان الحديث عن لبنان فهو أمر غريب إلى حد كبير.
لبنان في مخيلة الشباب المصري ما هي إلا بلد جميل مليء بالعديد من الهيفاوات والنانساويات، دون النظر لأي من الأزمات التي يعانيها المجتمع اللبناني.
تلك المقدمة هي أول ما دار في ذهني عند مشاهدة فيلم "وهلأ لوين!" البديع الذي يتناول أزمة الفتنة الطائفية في لبنان بشكل مختلف.
وهلأ لوين ليس الفيلم الذي يتخيله الشباب المصري عن الفن اللبناني الأكثر جرأة من نظيره المصري، ولكن هذا الفيلم بالفعل كان مثيرا ولكن بنوع آخر من الإثارة وبدون "المقومات اللبنانية" إياها.
الفيلم كان رائعا في كونه أسهم بشكل كبير في نقل حال الواقع اللبناني والأزمات الحقيقية التي لا يمكن حلها عند أي مركز نفخ أو تجميل في بعض الأحيان.
فالمجتمع اللبناني تضربه الفتنة الطائفية بشكل كبير في كثير من الأوقات بسبب كثرة الطوائف والملل، ومن الأفضل أن نتعرف على حقيقته.
وأعتقد أن الفن في فيلم كهذا قام بدوره الحقيقي في تبادل الثقافات والمشاكل الحقيقية بدلا من القوالب النمطية التي يضعها كل شخص عن الآخرين.
القولبة والأنثى
وطرح تلك الأزمة الطائفية في مناسبات سابقة سواء مصرية أو غيرها لم يعيق هذا الفيلم أن يكون مختلفا تماما كما أنه لم ينظر للأزمة من الخارج ولكنه نكأ الجرح بشكل مباشر.
وبالرغم من نهايته المسرحية إلى حد بعيد إلا أن رسالته كانت واضحة وعميقة.
كما نجح الفيلم في الخروج من فكرة القولبة سواء في طرحه بأسلوب مختلف وأكثر جرأة من سابقيه أو في دور الأنثى في القرية.
فنادرا ما تمنح الأفلام العربية للأنثى دورا حقيقيا فعالا في المجتمع وليس دور البطولة في الفيلم، وهذا ما ذكرني برائعة صلاح أبو سيف "الزوجة الثانية".
ولم يقدم الفيلم الأنثى فقط في الشكل المحفوظ للبطل الذي يملك كل الحلول للأزمات بدون أي مبرر ولكن حلولها كانت منطقية ونابعة من آلامها بسبب الأزمة الطائفية.
وبالرغم من الطابع الكئيب للفيلم بسبب الخلاف بين طرفي القرية محل الأحداث إلا أن نادين لبكي مخرج الفيلم كانت قادرة على مزج تلك الكآبة بالبهجة في لقطات الغناء أو الاستعراض النادرة.
ملحوظة: للأسف ساعدتني وآخرين الترجمة للغة الإنجليزية على استيعاب ما لا أفهمه أحيانا ممن يتحدثون العربية، وهذا سببه عدم فهم المصريين للهجات العربية الأخرى.
ملحوظة أخرى: بالمناسبة فيلم هلأ لوين لم يضر بسمعة لبنان، وهي الأسطوانة المشروخة التي طالما قيلت عن أي فيلم يناقش واقع المجتمع المصري الحقيقي، وغادرت قاعة السينما وأنا أقدر لبنان الوطن والفن!
تابعوني عل فيسبوك
تابعوني على تويتر