هناك جملة قرأتها على لسان شخصية يعاندها الزمن وتناطحها الأيام، حيث قال المجهول: أنا أطفو على الحياة، ولا أعيش فيها!....جملة لها أكثر من معنى ومدلول، ولكنني رأيتها تمثل حياة شخصية حسن من الفيلم المميز "البحث عن منفذ لخروج السيد الرامبو"
لم أنتظر الأصدقاء، ذهبت للسينما وحدي ظهرًا كي أشاهد الفيلم الذي توقعته مختلفًا. حسن شاب بسيط يعيش مع أمه بحي متواضع ويقابل تحديا صعبا وصراعا بينه وبين الأسطى كارم صاحب البيت الذي يعيش فيه، وتدور الحبكة الرئيسية للفيلم حوله.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
أشياء كثيرة جعلت الفيلم غير تقليدي
ربما ما كتبته يعتبر (لوج لاين) للفيلم دون حرق، ولكن القصة لم تكن تقليدية أبدًا كما تبدو من بساطتها، وهذا لعدة أسباب جعلت من الفيلم فيلما للمهرجانات أولًا:
الأداء التمثيلي:
مجازفة أن يعتمد مخرج على وجه جديد ليصبح بطل فيلمه، ولكن عصام عمر كان قد حقق نجاحًا قبل الفيلم بمسلسله بالطو، ثم مسار إجباري ببطولة مشتركة مع الفنان أحمد داش، ومن قبله دوره المميز في مسلسل "منورة بأهلها" مع المخرج المتميز يسري نصر الله، وكان هذا الدور وإشادة نصر الله لأدائه نقطة انطلاقة حقيقية لعصام عمر.
فيلم بإنتاج بسيط غير ضخم استطاع عصام عمر أن يحمله فوق كتفه بأداء مميز لشخصية حسن الشخص الهادىء الذي لا يحب الصدام، الذي لا يعبر عن مشاعره وانفعالات الداخلية بسهولة، ومن هنا كانت الشخصية تحتاج لأداء مختلف. اعتمد عصام عمر على أداء من الداخل إلى الخارج وعلى لغة الجسد أكثر من استخدام نبرة الصوت.
تعكس عيناه دائمًا الحقيقية، وانفعالات جسده، فيما الديو بينه وبين الفنانة المتألقة سما إبراهيم كان رائعًا، وخاصة أن طبيعة هذا الخط الدرامي الفرعي مختلفة عن علاقة أي أم بابنها، فحسن ابنًا وحيدًا، ويتعلق بأمه بشكل مختلف بعدما اختفى أبوه من حياته للأبد، ومن بعد أمه فهو يتعلق بكلبه البلدي الذي عبر عن طبقته الاجتماعية البسيطة.
طالع أيضا - رمضان 2025 - هند عبد الحليم تشارك في مسلسل "ضل حيطة" لـ ياسمين صبري
حسن يعتبر رامبو صديقه الوحيد خاصة أن حياته العاطفية فارغة، وهنا يأتي خط فرعي آخر بعلاقة حسن برامبو وأداء مختلف آخر يجمع بين عصام عمر والكلب البلدي الذكي، خاصة في المشاهد التي جمعتهما معًا وحدهما. أداء عصام وصدق حديثه مع رامبو، جعلنا نصدق العلاقة الخاصة بينهما، وهذا ما أفاد الفيلم وتسبب في نجاحه، حيث هذه العلاقة متعلقة بشكل أساسي بالحبكة الرئيسية للفيلم التي تدور حول الصراع بين حسن وكارم والكلب.
ولا أستطيع أن أغفل دور وأداء رامبو، الكلب البلدي الذكي الذي استخدمه صناع الفيلم بذكاء أيضًا في الدعاية للفيلم.
على صعيد آخر الصراع الثنائي بين حسن وكارم تحقق بشكل ناجح من خلال أداء جيد للفنان أحمد بهاء-وهو عضو من أعضاء فرقة شارمفورز- والذي فاجأ الجميع بأداء مميزلشخصية صعبة مثل شخصية كارم؛ هذا الشخص الذي يدفعه مفهومه عن الذكورية لارتكاب الحماقات وأن يبرر لنفسه جرائمه طوال الوقت.
فكارم شخص جاهل يشعر دائمًا بالضئالة، ومن هنا يتصرف بشكل مرضي تجاه حسن بمشاعر غضب وغل وحماقة، ونجح أحمد بهاء في توصيل كل هذه المشاعر التي نتج عنها سلوكيات كانت الدافع للتغيير الذي حدث لشخصية حسن مع نهاية الفيلم، وكان هذا الأمر من العناصر التي أعجبتني في السيناريو.
السيناريو عمود الفيلم الأول
في رأيي عمود الفيلم الأول السيناريو للسيناريست محمد الحسيني الذي دفع أبطاله ومخرجه للاجتهاد بهذا الشكل وخدمته. السيناريو حقق نجاح بصراع صاعد وعنصر تشويق متسامك طوال الفيلم، حيث لم يوحِ لحظة بما هو قادم، واستخدم المفاجأة الدرامية في مشهد الشيلتر من حيث الكتابة وكذلك عنصر الإخراج الرائع لخالد منصور، والذي رفع مستوى التشويق بنهاية الفيلم حتى لا يمل المشاهد.
العمل على بناء الشخصيات وتفاصليها أيضًا كان من عوامل نجاح السيناريو، فحسن كما ذكرت تفاصيل شخصيته مناسبة لردود أفعاله، والتغير الكبير الذي حدث في شخصيته وغيرها من شخصية مسالمة لشخصية عنيفة في ردة فعلها كان مناسبًا جدًا مع تصاعد الأحداث والتمهيد لذلك.
ولم يكن فقط تصاعد الأحداث وبناء الشخصيات ما جعل السيناريو مختلفًا، ولكن كذلك الخطوط الفرعية داخل الفيلم؛ علاقة حسن بأمه، علاقة حسن بأبيه الذي لم يظهر في الصورة وى عن طريق استدعاء الماضي بشرائط الكاست، وكيف أثرت هذه العلاقة في حسن وجعلته محبًا للفن، لدينا أيضًا علاقة حسن بعمه، وعلاقة حسن برامبو، وعلاقة حسن بأسماء.
وعلى ذكر علاقة حسن بأسماء فكانت هذه العلاقة بالنسبة لي الوحيدة التي لم يخدمها السيناريو بتاريخ نفهمه!..
لم نفهم بشكل واضح كيف ولم انتهت العلاقة العاطفية بينهما، وكذلك لم تكن شخصية أسماء لها تاريخ أو ماضٍ وتفاصيل لشخصيتها بقوة باقي شخصيات الفيلم، وعلى ذكر شخصية أسماء، فقد رأيت أن ركين سعد كان يمكنها تقديم أداء أفضل مما رأيناه في الفيلم، وهذا ما أتمناه لها في الأعمال القادمة.
ولكن يشفع للمؤلف تميزه في بقية عناصر السيناريو خاصة الاعتماد على الصورة أكثر من الاعتماد على الحوار، وتسخير الحوار من
أجل دفع الأحداث إلى الأمام.
الصورة والصوت
عمل خالد منصور كمخرج للأفلام القصيرة لفترة أفاده في أكثر من نقطة مثل التركيز على التفاصيل التي تخدم الفيلم القصير لطبيعته المختلفة، وهي نقطة مشتركة بين الفيلم القصير والطويل. فعلى سبيل المثال في اسخدام المؤثرات الصوتية والأغاني، خلق سماع المشاهد للأصوات في الخلفية دائمًا من صرخ النساء في المشاجرات، أو صوت كيس البسكوت في يد كارم الذي يدل على عصبيته، أو صوت الأغاني القديمة المنطلقة من الراديو صباحًا؛ كلها تفاصيل زادت من واقعية الفيلم. وعلى ذكر الأغاني، فكان اختيار أغاني الراديو، وكذلك أغنية "إيه اللي بيحصل دا" لحكيم، اختيارات موفقة، حيث عبرت كلمات أغنية حكيم عن أيام حسن العبثية،وكذلك استخدام أغنية محمد منير" شجر الليمون" التي عبرت عن حياة حسن هي وفكرة شرائط التسجيل بينه وأبيه؛ كل هذه الاختيارات خدمت اللعب على النوستالجيا-التي يحبها الجمهور- والدراما معًا في ضربة (معلم) ، وهذا يحسب لخالد منصور والمؤلف محمد الحسيني معًا.
وعلى ذكر الصوت فلا ننسى الأغنية الدعائية للفيلم التي كانت من نوعية الراب، وهذا اختيار ذكي جذب جمهوره. والأغنية للمغني الشاب ليجسي لي وكلماته التي عبرت عن حالة الفيلم، ولكن وجدت أن اللحن ظلم الأغنية.
أما عن الصورة، فقد حقق خالد منصور كادرات مختلفة تعد كلوحات فنية منفصلة؛ مثل بعض الكادرات التي جمعت بين حسن ورامبو خاصة في مشهد عيد الميلاد، وكادر وجود حسن بالمسجد تحت عمود كتب عليه أسماء الله الحسنى كرمزية لقدرة الله فوق عباده رغم كل الظلم الذي يتعرض له حسن، ودلالة على لجوء حسن للخالق في محنته وتصديقه فيه، وهذا الأمر تميزه فيه في فيلمه القصير" الدرويش" منذ سنوات.
زوايا التصوير أيضًا والتصوير كان من عوامل نجاح الفيلم، فنحن نرى مثلًا العالم أحيانًا من وجهة نظر رامبو من زوايا تصوير لأسفل، والعالم من فوق حيث الرب الحامي لعباده، والعالم الواسع رغم ضيقه على حسن من مشهد حسن ورامبو بالدراجة النارية وحدهما نهارًا. ومشهد وجود حسن وحوده بالملاهي، دلالة على وحدته بالحياة ومواجهة مصاعبها.
كذلك خدمت الألوان الفيلم، والتصوير الليلي معظم الوقت الذي عبر عن قتامة المشاعر الغالبة على الفيلم، وكذلك التناقض في استخدام اللون الأخضر بين استخدامه في الحياة الصاخبة بمزرعة تشريس الكلاب، وبالمسجد الذي عبر عن لحظات السلام حينها.
هل كلنا حسن؟
الفيلم تخرج منه بالكثير من المشاعر والتساؤلات. أزمة حسن يواجهها الكثيرون تحت الضغوط التي يتعرض لها أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة بالأخص باختلاف الصراعات، ووجود رامبو بالفيلم جعلها أكثر إنسانية وأكثر تشويقًا لأنها تجعلنا نرى قصصا مختلفة في هذه البيئات البسيطة، ولكن تمس أوجاعنا جميعًا في مواجهة الكثير من الظلم الذي نتعرض له تحت الضغوط المجتمعية والاقتصادية، وربما أكثر المشاعر التي خرجت بها من الفيلم؛ مشاعر المرارة والعجز؛ لذلك في رأيي الفيلم نجح في توصيل رسالته ويستحق المشاهدة، وتحية كبيرة لصناعه ومستر رامبو.
اقرأ أيضا:
رمضان 2025 - إنجي كيوان مع عمرو سعد في "سيد الناس"
آية سماحة وأحمد مالك شافوا إيه في أول مرة سينما؟ .. فيديو
عمر متولي وشكري سرحان ... "لحوم الفنانين مسمومة"
تغريم البلوجر سوزي الأردنية 300 ألف جنيه وإلغاء عقوبة حبسها
لا يفوتك: في الفن يكشف حقيقة وليد فواز مبدع أدوار الشر
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5