من أبرز أساليب السرد الروائي المصور سواء السينمائي او التليفزيوني تحديدًا "العودة للماضي" Back To The Past أو "ومضات الماضي" Flash Back ، وكلا الأسلوبين يخدم أعراضا محددة أو أهدافا معينة في سرد القصة أو الرواية، وكل منهما يختلف عن الآخر نوعًا في التعريف والغرض، علي سبيل المثال لا الحصر العودة للماضي يتطلب انتقال وسفر الشخصيات عبر الزمن إلى الوقت السابق، وعادة ما تستوجب تعامل الشخصيات مع أدوات الماضي ويتفاعل معها ومع الأحداث الماضية.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
ويكون الغرض من "العودة للماضي" التعرف علي كيفية التعامل مع الأحداث الماضية وأثرها في الحاضر، لتغيير النتائج المتحققة نتيجة للاستفادة من دروس الماضي، ومن أبرز الأمثلة علي ذلك في فيلم "العودة للمستقبل" Back To Future عندما تسافر الشخصيات عبر الزمن إلى عوالم المستقبلية المحتملة أو العكس، وإن كانت الأمثلة علي ذلك محدودة نسبيًا.
أما ما يعرف بـ"ومضات الماضي" فتقتحم مجريات الأحداث زمنيًا لإمداد المشاهد بخلفية معينة أو معلومة محددة خارج السياق أو مسار الأحداث، والغرض من ذلك عادة الكشف عن مزيد من القصص الخلفية، وتقديم مساقًا للأحداث الجارية والقرارات المتخذة.
ومن أبرز الأعمال الفنية العالمية في ذلك ثلاثية "الأب الروحي" The Godfather والمسلسل التليفزيوني "فقد"Lost، وكذلك العديد من الأفلام العربية لعل من أبرزها "سيدة القطار" بطولة ليلي مراد ويحيي شاهين من إخراج يوسف شاهين، وكذلك فيلم "بين الأطلال" بطولة فاتن حمامة وعماد حمدي عن قصة يوسف السباعي وإخراج عز الدين ذو الفقار.
وللمزيد من الإيضاح للفرق بين كلا الأسلوبين من الناحية الإجرائية، يتطلب الأسلوب الأول الانتقال الطبيعي والجسدي والحسي عبر الزمن، أما الأسلوب الثاني فالانتقال يكون ذهني وعقلي وغير حسي للذاكرة في السرد القصصي، كما أن التأثير علي الشخصيات في الأسلوب الأول يعتبر محفزًا لاختيارات الشخصية الخط الزمني المقصود، في حين الأسلوب الثاني يعكس انطباعات الشخصيات علي الماضي دون تغييره.
ومؤخرًا عرض فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بطولة هشام ماجد وهنا زاهد وإخراج أحمد الجندي، وإن كان الانتقال فيه ليس عبر الزمن ولكن عبر حالتين اجتماعيتين مختلفتين متناقضين، ربما ذكرنا بفيلم "رجل العرض الحقيقي"The Truman Show .
كان لابد من هذه المقدمة الطويلة بعد الاستمتاع بمشاهدة مسلسل "عمر أفندي" مؤخرًا، فالسفر عبر الزمن إبداع متعدد يتجدد، ومتعة وفن وإبداع وجمال ونعمة لا تقدر بثمن.
كما يقال عادة في الأمثال (في ناس عايشه زمانها الحالي ولكن في عايشة الماضي فقط .. وفي ناس عايشه زمنها الحالي ولكن في البحث عن المستقبل فقط .. وفي ناس عايشه زمنها الحاضر بين الماضي والمستقبل معًا)، أو كما يردد أحيانًا: في ناس ربما عايشه زمانها وزمن غيرها سواء سابقًا او حاليًا او مستقبلًا وفي ذلك رؤي عديدة ومتعددة.
وكما يقال في السفر بين الأمكنة أيضًا على الاقل 7 فوائد، فإن السفر بين الازمنة فيه 100 فائدة على الأقل، أاولها إصلاح ما يمكن إصلاحه مما أفسده الدهر، وهذا ما حاول أن يقدمه مسلسل "عمر أفندي" للمشاهد العربي، من محاولات إصلاح الماضي والحاضر والمستقبل، ومن خلال تجربة خيالية فريدة واستثنائية وممتعة شكلا ومضموناً.
فانتازيا تليفزيونية مبهرة الصنع ومتقنة الأداء من كل من ساهم فيها دون استثناء، إلا من البعض القليل النادر أحيانًا للأسف الشديد وذلك من باب "ما لقاش في الورد عيب قالوا يا أحمر الخدين"، ولكن دعونا نركز بداية علي إيجابيات المسلسل الرائع، الذي شاهده الجمهور العربي وأعجب به الكثيرون مؤخرا، في 14 حلقة تليفزيونية تقترب مدة كل منها من مدة ساعة تقريبًا.
من النادر في مسلسلات هذه الأيام يجد المشاهد مسلسلًا يود ألا ينتهي أو على الأقل لا يعاني من اللت والعجن والمط بداعي أو بدون داعي إطالة وبيع الهواء والهراء، ولكن "عمر أفندي" تحديداً تجاوز ذلك التحدي ببراعة شديدة وإتقان أشد، وكما يردد عادة أن العمل التليفزيوني في الأساس ورق أو كتابة مع كامل الاحترام والتقدير لبقية العناصر الأخرى المهمة لصناعة أي عمل تليفزيوني جيد، وبعد أجيال الرواد في الكتابة التليفزيونية الجيدة التي تربى عليها المشاهد العربي وشكلت وجدانه.
يبرز بهذا العمل اسم المؤلف مصطفي حمدي ككاتب متميز للغاية يقف مع قامات وهامات زملائه من جيل الشباب الجديد في الكتابة الدرامية التليفزيونية، مبدع حقًا في الكتابة التليفزيونية غير التقليدية المعتادة بأسلوب آخاذ وساحر ورهيب يتوج كافة أعماله السابقة بتميز شديد.
ورؤية مخرج شاب لا يقل عنه روعة وإبداع وموهبة وهو المخرج عبد الرحمن أبو غزالة، الذي تناول الورق بحرفية لإخراج أحلى صورة لكل كادر ومشهد ولقطة، ويجدر بنا أن نشير هنا إلى إبداع المشرف الفني والديكور أحمد جمال، وإن كان الجرافيك قد زاد أحيانًا في بعض اللقطات كما أن التوازن بين الزمانين أحيانًا يشعر به المشاهد وأحيانًا لا يشعر به، ولا أدري إن كان الأمر مقصودًا أو غير ذلك.
بعض الأفكار داخل المسلسل كانت تحتاج إلى مدة أطول أو تطلع المشاهد إلى ذلك، خاصة أن موضوع المنشطات لا تقتصر فقط على المنشطات الجنسية التي أبدعوا في تقديمها، ثم المنشطات الصحية الحيوية لشفاء المرضي، وكذلك الرياضية فيما عدا الخيل طبعًا.
وفريق الأداء التمثيلي المتميز يتقدمهم بطل العمل والنجم الصاعد بقوة وثبات أحمد حاتم رأس حربة المسلسل وقلب الدفاع والملاك الحارس للشخصية الرئيسية للعمل بكل اقتدار وتمكن وتألق يتماهي ويباهي نجوم السوبر في السينما والتليفزيون علي حد سواء، أمسك بجينات ومسام الشخصية وتنقل بها بين الزمانين بكل راحة ويسر وسهولة.
وكان جميع من حوله من أبطال نجومًا متألقة خاصة آيه سماحة، ومصطفي أبو سريع، ومحمد رضوان، وأحمد سلطان، ومحمد عبد العظيم، وإن كانت بعد العناصر الأخرى أقل وهجًا مثل: رانيا يوسف في الحلقات الأولى، كان الدور أكبر منها، إلا أنها استعادت قوتها في الحلقات الأخيرة بجدارة.
وكذلك كان أيضا محمود حافظ، الذي تأرجح صعودًا وهبوطًا في دوره بأغلب الحلقات، كما كانت ميران عبد الوارث أقل من الدور في أغلب الأحيان للأسف الشديد.
ولعل نجاح مسلسل "عمر أفندي" يمتد لأعمال أخرى سواء لصناع العمل أو لأعمال أخرى منافسة، والبركة دائمًا وأبدًا في الشباب والدماء الشابة الجديدة الواعدة المتوعدة بكل الخير في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد.
نهاية غير متوقعة لكنها مقبولة لكونها معقولة ومنطقية للغاية، قد يكون الغيب حلو إنما الحاضر أكيد أحلى إذا تم الرضا به، وربما يصلح مسلسل "عمر أفندي" ما أفسده الدهر، لعل وعسى.
اقرأ أيضا:
الظهور الأول لأحمد سعد مع زوجته علياء بسيوني بعد عودتهما في حفل زفاف ابن بسمة وهبة
بدرة عن صافيناز: هي من الأسباب إن الناس شايفة الراقصات بيئة
كريم فهمي عن شقيقه أحمد فهمي: كان بيعيش دور التدين فجأة لما أصاحب بنت
أول ظهور لابن محمد رمضان بعد أزمة شجاره مع طفل
لا يفوتك: محمد هشام عبية: مين قال إن "صلة رحم" كان فيه مشهد خارج! .. هل شوه "رسالة الإمام" تاريخ مصر؟
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5