في الحلقة الخامسة من سلسلتنا "كل يوم حكاية وفصل من كتاب عن عملاق من عمالقة الفن" نقدم كتاب "داود عبد السيد ... سيرة سينمائية" للناقد السينمائي محمود عبد الشكور.
الفصل الأول من كتاب "داود عبد السيد ... سيرة سينمائية" للناقد السينمائي محمود عبد الشكور ... مفاتيح وملامح
تسعة أفلام روائية طويلة وخمسة أعمال تسجيلية فقط هي حصاد رحلة المخرج داود عبد السيد، أحدثها فيلم «قدرات غير عادية»، ولكن أعماله جميعًا ترسم ملامح عالم مخرج مختلف، له رؤيته الخاصة التي تبدأ من شخوص عادية وتفصيلات نمرُّ عليها كل يوم دون أن نلتفت إليها، ثم تتسع الرؤية في بعض الحالات لكي تستوعب أسئلة كبرى، ولكي تناقش مفردات نستخدمها دون أن نعرفها ودون أن نحدد أبعادها.
تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا
سينما داود عبد السيد تكتسب أهميتها من حجم معالجاتها، ومن مستوى المواهب التي أسهمت في تقديمها، ومن أهمية الأسئلة التي طرحتها، وسيكون ممتعًا أن نقترب أكثر من هذا العالم، وأن نضع أفلامه بعضها إلى جوار بعض، لنراها أوضح وأعمق، ولكي نكتشف ما وراء الصورة والشخصيات، ولعل هذا الكتاب يبلور ذلك أمام قارئه، ويبدو فعلًا أننا أمام فيلم واحد طويل، بتنويعات مختلفة، وبملامح عامة مشتركة، تبرر لنا أن نتحدث بكل ثقة عن تعبير «سينما داود عبد السيد».
لم يتمكن داود عبد السيد المولود في 23 نوفمبر 1946، والمتخرج في معهد السينما قسم الإخراج بأكاديمية الفنون عام 1967، من أن يقدم فيلمه الروائي الطويل الأول إلا بعد 18 عامًا من تخرجه بعرض فيلم «الصعاليك» عام 1985، وكان قد صوّره قبل ذلك بفترة وجيزة، ولكن السنوات السابقة على عرض هذا الفيلم، الذي أعلن عن مخرج مهم، لم تَضِع هباءً، فقد عمل مساعدًا لعدد من المخرجين مثل يوسف شاهين وكمال الشيخ وممدوح شكري، وأنجز بعض الأفلام التسجيلية المهمة مثل «وصية رجل حكيم في شؤون القرى والتعليم» 1976، وفيلم «العمل في الحقل» 1979، عن لوحة شهير بنفس عنوان الفيلم للفنان حسن سليمان، وفيلم «عن الناس والأنبياء والفنانين» عن الفنان راتب صديق وزوجته النَّحَّاتة عايدة شحاتة.
ظل داود لما يقرب من عشر سنوات يكتب سيناريوهات لأفلام روائية ويضعها في درج مكتبه، وبعد «الصعاليك» توالت أفلامه الروائية الطويلة، وعلى فترات متباعدة، فعُرض له «الكيت كات» و«البحث عن سيد مرزوق» في عام واحد هو 1991، ثم «أرض الأحلام» 1992، و«سارق الفرح» 1995، ثم «أرض الخوف» 2000، ثم «مواطن ومخبر وحرامي» 2001، وغاب داود لمدة تقترب من تسع سنوات، بسبب البحث عن منتج، وعاد في 2010 بفيلم «رسائل البحر»، وكان السيناريو قد كُتب ومكث طويلًا في درج مكتبه قبل أن يحققه على الشاشة، ثم قدم بعد ذلك فيلم «قدرات غير عادية» الذي عُرض في عام 2015.
يقدم داود عبد السيد ما يمكن أن نسميها «السينما المختلفة»، تمييزًا لها عن «السينما السائدة أو التقليدية»، وسواء كان هو مؤلف أفلامه أو استلهم بعضها من روايات أو قصص أو كان هناك كاتب آخر للسيناريو مثل هاني فوزي في فيلم «أرض الأحلام»، فإن هناك رؤية تنتظم فيها هذه الأعمال، وملامح عامة تجمعها شكلًا ومضمونًا، وهذا ما يجعلها تنتمي إلى «سينما المؤلف»، بمعنى أن تكون هناك بصمة للمخرج في أفلامه تعبّر عن أفكاره دون شرط أن يكتب الفيلم أو يقوم بتأليفه بنفسه.
هذا هو المصطلح الذي أفضِّله وأستريح له: «السينما المختلفة»، لا أحب مثلًا مصطلح «الفيلم الفني» في مقابل «الفيلم التجاري»، فكل فيلم يُعرض للجمهور مهما كان مستواه هو بالضرورة جزء من الصناعة والتجارة السينمائية، كما أن الأفلام السائدة جيدة الصنع أو أفلام الأنواع والقوالب الجاهزة لا يمكن أن تخلو من تميُّز فني في فروع الفيلم المختلفة، فهي أفلام فنية أيضًا بمعنى من المعاني، وكثير منها ينافس في جوائز الأوسكار مثلًا على جائزة أفضل فيلم، كما ينافس كذلك في كل فروع الفيلم التقنية، ويحصل فنّيو هذه الأعمال على جوائز للتميز الفني.
من ناحية أخرى، قد يعمل مخرجون لهم بصمة ورؤية ضمن قوالب السينما السائدة وضمن الأنواع المعروفة، ولكنّ ذلك لا يمنعهم من التفوق والجدارة الفنية، وأوضح مثال على ذلك ألفريد هيتشكوك، الذي كان أيقونة بالنسبة لمخرجي سينما المؤلف الفرنسيين وعلى رأسهم المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو، رغم أن هيتشكوك لم يكن يكتب أفلامه، ولكنه كان بالطبع لا يصور فيلمًا إلا إذا كان السيناريو ينتمي إلى عالمه، لقد عمل دائمًا في إطار النوع، ولكنه صنع في داخل النوع عالمه الخاص، وبصمته المميزة، بل إنه قام بتطوير النوع والإضافة إليه، وهو ما يمكن أن يقال عن مخرج مثل بوب فوس في الفيلم الموسيقي والاستعراضي، فيلم مثل «كل هذا الجاز مثلًا» هو بالتأكيد جزء من سينما النوع، ولكنه أيضًا، وبنفس الدرجة، نموذج فذٌّ لسينما المؤلف، وللسينما المختلفة، هنا ينتقل الغناء والاستعراض إلى آفاق أوسع، أضافت بالتأكيد إلى النوع، وأضافت في نفس الوقت إلى السينما المختلفة.
داود عبد السيد لا يصنع أفلامه للمهرجانات، وإنما للجمهور في قاعات العرض، وهو لا يقدم ألغازًا، وإنما يقدم شخصيات ومواقف وأحداث عن بشر من لحم ودم، هو فقط يريدك أن تتأمل ما تراه، تنفعل معه، ولكن تفكر أيضًا، ولذلك فإنه لا يقدم في الغالب شكل الحدوتة التقليدي الذي تعوّده المتفرج في السينما السائدة، ولا شكل البناء التقليدي من بداية ووسط ونهاية، وعُقدة وحل، وإنما يتابع حياة شخصياته في فترة معينة، يرسم ملامحهم، ويتوقف عند لحظات تحولهم، ويتأمل تناقضاتهم، ونهايات أفلامه ليست نهايات بالضبط، وإنما نهاية جزء من حياتهم، ولكن المشهد الأخير عنده هدفه ترك انطباع ما للتفكير، دون أن يضع نقطة في نهاية السطر، ودون أن يغلق الباب أمام بدايات جديدة.
اقرأ أيضا:
شيماء سيف تنفي انفصالها عن زوجها: هو في خانة الحب عندي لوحده... وأتمنى أعيش مرحلة الأمومة
بهذه الطريقة … ليلى علوي تحتفل بعيد ميلاد ابنها (فيديو)
#شرطة_الموضة: أنغام بفستان أسود حريري بفتحة جانبية طويلة... سعره يصل إلى 55 ألف جنيه
زوجة خالد الصاوي تكشف حقيقة تعرضه لوعكة صحية
لايفوتك: #شرطة_الموضة: أجمل إطلالات النجمات في Joy Awards ... وأسوأ الإطلالات
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5