البرادعي يعيد الفن للسياسة

تاريخ النشر: الثلاثاء، 25 مايو، 2010 | آخر تحديث: الثلاثاء، 25 مايو، 2010
البرادعي كما تم تصويره على التي شيرت

في العصور السابقة كان دوما لكل من الفن والسياسة تأثير على الآخر، وكان الفنانون يعبرون عن آرائهم ومواقفهم السياسية بكل شجاعة والأمثلة على ذلك كثيرة، ككوكب الشرق أم كلثوم والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ أو كما أفضل أن أنعته هنا بـ"مطرب الثورة".

فالتضامن الذي يتم بين الفن والسياسة لا يأتي من خلال أغنية وطنية لشعب فلسطين أثناء الحصار، أو الغناء في حب مصر مع اقتراب الأعياد الوطنية، أو حتى الذهاب لأماكن الحروب والغناء فيها.

وطالما سمعنا أن الفن يقدم رسالة ويقرب بين طبقات الشعب، ويوصل رأي الحكومة للشعب مثل فيلم "الكرنك"، الذي قدم وجهة نظر الدولة في مرحلة سياسية سابقة، و"رد قلبي" وأفلام ما بعد الثورة التي سوقت للفكرة، وأوضحت فوائدها وما قدمته للشعب.

كما يقدم وجهة نظر الشعب في الحكومة -وهو النوع السائد- مثل فيلم "ضد الحكومة" و"احنا بتوع الأتوبيس" و"هي فوضى" وكل أعمال المخرج خالد يوسف الأخيرة، التي تقصد الإنذار بحدوث كوارث بسبب النظام الحالي.

وفجأة، قرر عدد من الفنانين أن يسلكوا نفس طريق أم كلثوم، التي جمعت الأموال من غنائها في الحفلات بالخارج، لمساعدة الجيش على شراء أسلحة للحرب بعد نكسة 67، لكن بأساليب أخرى، فالدور الذي يقوم به خالد يوسف والمخرجين مجدي أحمد علي وعلي بدرخان وداود عبد السيد ويسري نصر الله وكاملة أبو ذكري وهالة خليل ومن الممثلين خالد أبو النجا وبسمة والفنانة نجلاء فتحي ومن الإعلاميين حمدي قنديل، كان أصعب من دور "الست"، فإذا كانت أم كلثوم جمعت أموالا طائلة، فإنهم يحاولون جمع أصوات المصريين لتوقيع على بيان التغيير، الذي قرر رئيس وكالة الطاقة الذرية الدولية السابق محمد البرادعي إصداره، من أجل تغيير عدد من مواد الدستور المصري.

فما قام به هؤلاء الفنانون من توقيعهم على البيان في بيت البرادعي وسط حضور وسائل الإعلام، يؤكد على وجود اتجاه جديد من الفنانين المصريين الذين قرروا اقتحام العمل السياسي في ميدانه المباشر، وعدم الاكتفاء بترديد شعارات في الأفلام، مثبتين أن الفن ليس مجرد "بوس وأحضان" في أفلام تنادي بالحرية الفكرية.

كما أعتقد أن الموقف السياسي للعديد من الفنانين، بغض النظر عن الجهة التي يدعمونها، كالممثل الكبير صلاح السعدني والإعلامي الشهير محمود سعد والكاتب بلال فضل والمغنية عزة بلبع زوجة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم السابقة التي قدمت أغنية للبرادعي، أو حتى دعم الزعيم عادل إمام دوما للنظام الحالي فهو تصرف يؤثر في العديد من معجبيه الذين يتأثرون بشخصيته ويجعلهم يشاركون في العملية السياسية مما سيؤدي لنشاط الشعب سياسيا.

فمثلا، قدم خالد أبو النجا "تي شيرت"T-Shirt مرسوم عليه نظارة البرادعي وشاربه وانتشر جدا بين الشباب وفي المحلات، ولم يكتف بذلك بل بدأ دوره كعضو في الجمعية الوطنية للتغيير ويحاول حاليا إقناع عدد كبير للانضمام معه.

أعلم أنها ليست أول المشاركات الفنية في السياسة، فسبق هؤلاء انضمام فاروق الفيشاوي وعبد العزيز مخيون وخالد الصاوي لحركة "كفاية".

ومع تباين آراء الشارع المصري الفني والسياسي حول ما قام به الفنانون في السياسة، فأنا أراها حركة تستحق الاحترام والتقدير، لوضوح دور الفنان والرسالة الهادفة التي دوما ينادي بها الفن، واختفت للأسف منذ فترة، لتعود بقوة هذه الأيام، ومن المتوقع أن تمتد لتصبح سلوكا عاما للمصري، الذي يحمل آراء يعبر بها دون خوف.