جورج أنسي

بين صوفية "الرومى" و"رابعة العدوية" .. المغربى حسن بن جلون يبحث عن التسامح فى "جلال الدين"

تاريخ النشر: السبت، 19 نوفمبر، 2022 | آخر تحديث: السبت، 19 نوفمبر، 2022

المغربى ياسين أحجام بطل فيلم جلال الدين

فى كل مرة أشاهد أحد العروض المغاربية، أتوقع دائمًا وجبة سينمائية برؤية مختلفة، وأعترف أننى -رغم حاجز اللهجة- فإن تفاعلى مع الافلام التى تقدمها دول المغرب العربى (تونس، الجزائر والمغرب) يكون كبيرًا بل وكاشفًا لتشابه الحياة والظروف الإجتماعية والإقتصادية مع ظروفنا فى مصر.

ولعل الأفلام المغربية تأتى فى المقدمة من هذا التفاعل بإعتبارها تحمل لغة سينمائية ورؤية مختلفة، وعلى مدى سنوات طويلة اتيح لى متابعة تجارب سينمائية مغربية عالجت العديد من القضايا بداية من فترة (سنوات الرصاص أو الجمر فى عهد الملك الراحل الحسن الثانى) وإنتهاء بمواضيع إجتماعية شديدة الخصوصية والمحلية والتفرد.

المخرج حسن بن جلون بين بطلتي الفيلم التونسية فاطمة نصر والمغربية مالكية جوليا

واليوم يعود المخرج المغربى حسن بنجلون بفيلمه الجديد "جلال الدين" في عرضه العالمى الأول والذي ينافس في مسابقة آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الـ44.

عقب العرض الأول للفيلم بالمسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية، قال مخرج العمل حسن بنجلون إنه يعرض لمرحلتين في الحياة، الأولى مليئة بالصخب والانطلاق وحب الدنيا، والثانية روحانية تشمل رحلة بحث عن الذات والصفاء وحقيقة الوجود.

"جلال الدين" شخصية مسكونة بالحب من البداية إلى النهاية، فكان اختيار اسم جلال الدين نسبة إلى الصوفي المعروف "جلال الدين الرومي"، وكذلك زوجة الابن ربيعة من اسم شهيدة العشق الالهى رابعة العدوية، بهدف استحضار هذه النماذج وصفاتها ووضعها في ذهن المشاهد.

الفيلم أختلف عليه الحاضرون بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، فما بين مؤيد ومعجب وبين متحفظ -خاصة من جانب نجماتنا السينمائيات مثل الهام شاهين وليلى علوى- جاءت فكرة العمل التى تتبنى دعوة عامة ومباشرة للتسامح والمحبة وقبول الآخر من خلال قصة البطل جلال الدين-ويقوم بتجسيده الفنان ياسين أحجام- والذى ارتبط بزوجته -رغم رفض اهلها له لأنه لقيط- ليتزوجا ويهربان من تونس الى المغرب ليعيش حياة سعيدة ينعم فيها بالحب مع زوجته هبة- والتى تجسد شخصيتها الممثلة التونسية فاطمة ناصر- لكن الزوجة تمرض وتموت فيتغير مسار حياته بالكامل.

إلهام شاهين وليلى علوي اثارتا ملاحظات مهمة خلال الندوة التي اعقبت العرض

يلجأ جلال الدين إلى صومعة أحد شيوخ الصوفية خارج المدينة للتعبد وتجاوز محنة موت زوجته ، ليقوم خلال 20 عامًا بتحويل طاقة الحب الغزيرة التي كانت داخله تجاه زوجته وبيته، إلى حب أكبر وأشمل ويصبح شيخًا صوفيًا له مريدوه ومحبوه من كل الديانات والأجناس.

وبذلك يهجر جلال الدين عمله المتمثل فى مزرعة الخيول التي يملكها ويعيش منها ، ويترك ابنه الوحيد عادل الذي قرر الزواج من فتاة تدعى (ربيعة) لها ماض سيء كانت تعمل في مركز (مساج ) للتدليك -وقد ارتاده جلال الدين شخصيًا-هو يخفي في باطنه شبكة للدعارة، مفضلًا عدم إفساد حياة الابن والافصاح عن ماضى الفتاة التى أقام معها علاقة جنسية عندما كان يرتاد هذا المركز، مفضلًا طريق الصفح و الحب، ويمضي ابنه عادل في حياته بشكل طبيعي ويستكمل عمله فى مجال الخيول ، وينجب ابنًا من ربيعة صاحبة الماضى السيء.

أفيش فيلم "جلال الدين" في عرضه الأول

لكن الماضى يأبى أن يترك عادل وزوجته ربيعة في سعادة وإستقرار ، فتظهر من تفسد حياتهما وتدمرها ، حيث تخرج والدة ربيعة من السجن بعد اتهامها بتشغيل منزلها فى أعمال الدعارة تحت ستار (المساج)، ويكتشف إبنهما الشاب الجزء المظلم من حياة أمه، وبذلك يصبح حفيد جلال الدين أمام خيارين إما أن يعاقب والديه بالسفر للهند وهجرهما للبحث عن السمو النفسى الموجود فى البوذية أو اللجوء إلى جده جلال الدين لإلتماس طريق المغفرة والحب وتقبل الآخرين، وقد إختار اللجوء لجده والإقامة معه، حتى أن نهاية الفيلم جاءت مفتوحة تحمل إحتمالين أحدهما مباشر وواضح معبرًا عن القبول والتسامح والمحبة؛ والثانى محل التباس بإحتمال أن يكون هذا الحفيد هو إبن جلال الدين نفسه من العلاقة التى أقامها مع ربيعة فى مركز المساج!

المغربي ياسين أحجام بطل الفيلم

يذكر أن فيلم(جلال الدين) ضمن ثمانية أفلام تشملها مسابقة "آفاق السينما العربية" التي ستعلن جوائزها في ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يوم 22 نوفمبر تشرين الثاني، وقد كان من ضمن الأفلام المقترحة للمشاركة فى مهرجان قرطاج السينمائي الدولى بتونس -والذي عقد نهاية أكتوبر الماضى- لكن مهرجان القاهرة السينمائي الدولى كان أسرع في التجاوب لقبول الفيلم وضمه إلى برنامجه.