على حد علم كاتب هذه السطور، ينفرد النجم محمد منير بأنه المطرب الوحيد الذي صنعت له جماهيره هتافا خاصا به "الكبير كبير يا محمد يا منير"، كما لو أنه فريق كرة قدم يلتف حوله مشجعوه في مباراة مصيرية، وكما لو كانت كل حفلة له مباراة مصيرية. ما سر هذا الالتفاف حول محمد منير؟ هل هو كلمات أغانيه الشاعرية، أم لعله اقترابه من هموم جمهوره على مدى سنوات؟ هل السر يكمن في مواقفه السياسية؟
والمواقف السياسية بالنسبة لمحمد منير ليست "تطوريطة" من أحد الكتاب، أو إسقاطا أو تأويلا من جمهوره لبعض أغانيه، بل هي اعتراف صريح منه بأن السياسة همه، وبأن تصريحه في حوار صحفي "بطلت أتكلم في السياسة"، لا يمكن أن يكون صحيحا.
في حوار تليفزيوني مع الإعلامي محمود سعد، يشرح محمد منير مفهومه لمشاركته السياسية قائلا: "السياسة همي وإلهامي، السياسة مش وظيفة سياسية، السياسة إنك تستنشق الناس اللي حواليك؛ همومهم ومفاهيمهم وأوجاعهم، وتترجمها لسينما أو مزيكا أو أغنية".
واهتمام محمد منير بالسياسة لم يقتصر على الكلام والأغاني، فسبق ذلك مشاركته في المظاهرات الطلابية في السبعينيات، كما يشرح في حوار تليفزيوني آخر أجراه معه الفنان الراحل فاروق الفيشاوي.
في ذلك اللقاء، تحدث محمد منير عن مشاركته في فيلم "حكايات الغريب" من إخراج إنعام محمد علي قائلا: "مشاركتي في هذا الفيلم نوع من الاحتفال وتقييم واقع حصل، وأثناء الأحداث التي تناولها الفيلم عام 1971 و 1972 أنا كنت طالب في الجامعة بعمل مظاهرات في كلية الفنون التطبيقية وفي جامعة القاهرة، عشان مصر مهزومة ولازم نعبر وننتصر".
وأضاف: "بعدها بـ 20 سنة دخلت الكلية أصور فيلم اشتباه مع الفنانة نجلاء فتحي، وتخيل قامت مظاهرة!".
محمد منير والقضية الفلسطينية
لا يمكن ونحن نستعرض حكايات هذه المجموعة من أغاني محمد منير ذات الصبغة السياسية أن نغفل اهتمامه بالقضية الفلسطينية، ذلك الاهتمام الذي تحدث عنه قائلا: "الفنان لازم يكون محرض، وكثير من الناس سألتني لماذا لا تغني لقضية فلسطين في التوقيت الحالي، ونسوا إني لما ابتديت سنة 1978 غنيت القدس، وسنة 1981 غنية شجر اللمون، وبعدها غنيت لجمال بخيت أتحدى لياليك، والعمارة، و يا ابن العرب ياللا يا ويكا. كل هذه الأجزاء كانت تحريض للوصول للحظة اللي إحنا فيها، وفي هذه اللحظة على الفنان إنه ينسحب".
أغينة القدس
قبل أن يقوم محمد منير بغناء هذه الأغنية، كانت قصيدة للشاعر مجدي نجيب، شاهدها الشاعر عبد الرحيم منصور على مكتبه وقرأها فعلق قائلا: "لن يغنيها إلا ولدي"، في إشارة لمحمد منير، كما روى الشاعر في حوار صحفي.
ويضيف مجدي نجيب أن الموسيقار هاني شنودة لحن الأغنية، لكن الرقابة منعتها حتى الثمانينيات، حين ظهرت ضمن ألبوم "بريء".
أما هاني شنودة فيلفت الانتباه إلى أن الشاعر التقط في كلمات الأغنية أحد تعاليم الديانة اليهودية الواردة في التلمود وهو " شلت يميني لو نسيتك يا أورشيليم"، ليحولها إلى "ينساني دراعي اليمين، ينساني دراعي الشمال، تناسني أفراحي لو نسيت القدس".
ويضيف أن الأغنية سجلت أواخر سنة 1976، واعترضت عليها الرقابة بسبب معاهدة كامب ديفيد، لتظهر بتسجيل جديد بعد 10 سنوات في ألبوم "بريء"، أما التسجيل الأصلي للأغنية فكان مصيره الاختفاء.
الليلة يا سمرا
يجمع أكثر من مصدر على أن هذه الأغنية ولدت بين جدران سجن الواحات السياسي بداية ستينيات القرن الماضي، عندما اجتمع فيه الشاعر فؤاد حداد، والملحن أحمد منيب، والمطرب محمد حمام، والمناضل اليساري زكي مراد، ابن قرية أبريم النوبية، الذي كانت الأغنية إهداء له في عيد ميلاده داخل السجن.
وبعد خروجهم من السجن، قرر محمد حمام تسجيلها للإذاعة المصرية وحققت نجاحا كبيرا بين الجمهور، وتمر سنوات ويقرر محمد منير إحياء هذه الأغنية التي دفنتها الأيام، لتظهر في حلة جديدة بصوته سنة 1981، بالتزامن مع عودة طابا إلى أرض الوطن.
يا بلح أبريم يا سمارة
ويبدو أن شخصية المناضل زكي مراد كانت ذات تأثير كبير على شعراء تلك المرحلة، فنجد الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم يروي بنفسه قصة الشخص الذي كتب عنه الأغنية قائلا: "هذا هو الفارس الثاني الذي التقيته في القاهرة مرات ومرات في الشوارع ثم في السجون والمعتقلات، ثم جمعتنا حبسة واحدة في ليمان أبو زعبل سنة 1977 على إثر انتفاضة الخبز العارمة، التي سماها الرئيس محمد أنور السادات انتفاضة الحرامية!، إنه زكي مراد المحامي والقطب اليساري الكبير الذي رفض الحوار مع الرئيس السادات بعد توقيع معاهدات كامب ديفيد".
ظهرت الأغنية في البداية بلحن وصوت الشيخ إمام في الثمانينيات، ومن المعروف أن محمد منير قدم عددا من أغاني الشيخ إمام بتوزيعات جديدة، وهذه الأغنية صدرت في ألبوم محمد منير "يا إسكندرية" سنة 1990.
أتحدى لياليك يا غروب
قدم محمد منير هذه الأغنية، من كلمات جمال بخيت، وألحان عبد العظيم عويضة، سنة 1987 ضمن ألبومه "وسط الدايرة"، ومن يدقق في غلاف الألبوم الأصلي سيجد عبارة مكتوبة بخط صغير بجانب اسم الأغنية هي "إلى سناء".
وسناء التي أهديت الأغنية لها هي سناء محيدلي، المناضلة اللبنانية المنتمية للحزب السوري القومي الاجتماعي، وكانت أول استشهادية في العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، ولقيت حتفها في عملية نفذتها سنة 1985 عن عمر 18 سنة.
إزاي ترضيلي حبيبتي
تعتبر "إزاي ترضيلي حبيبتي" من أوليات الأغنيات التي ارتبطت بثورة 25 يناير 2011 إن لم تكن أولاها، كما تذكر الكاتبة ياسمين فراج في كتابها الغناء السياسي في تاريخ مصر، وهي من كلمات نصر الدين ناجي، وألحان وتوزيع أحمد فرحات.
يذكر الكتاب أن الأغنية أذيعت لأول مرة عبر شاشة قناة دريم، خلال برنامج "العاشرة مساء"، بينما كانت الثورة قائمة، ونوهت المذيعة إلى أن الأغنية أنتجت قبل اندلاع الثورة ببضعة أشهر وتعرضت للحظر، باعتبارها من الأغنيات التحريضية، وساهمت عند إذاعتها في إشعال حماس المتظاهرين، كما ساعدت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في انتشارها على نطاق واسع والترويج لها.
اقرأ أيضا:
هيفاء وهبي: إليسا لا تحتاج موعدا لزيارتي في البيت ودائما تطلب هذا الشيء
ماجد الكدواني: مخرج "فضل ونعمة" خبرته كبيرة مع والده عادل إمام وهذا أشعرني بالرهبة
دار أزياء ستيفانو ريتشي تنظم احتفالية ضخمة في الأقصر بمناسبة اليوبيل الذهبي
هند صبري عن مشاركتها في "فضل ونعمة": ماجد الكدواني بيثبتني في أي مشهد كوميدي
لا يفوتك: تحليل النغمات مع عمك بات حكاية تريند "أنتش واجري"
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ