عمرو دياب .. السر

تاريخ النشر: الاثنين، 2 مايو، 2022 | آخر تحديث: الاثنين، 2 مايو، 2022
عمرو دياب

تابعت خلال الأيام الماضية حالة الجدل المثارة بين الملحنين والشعراء وتحديدًا الجيل الذي وُلد فنيا في مطلع الألفية الحالية.

دعنا من حالة المكايدة الفنية التي هي سمة تاريخية متكررة بين أبناء الوسط الموسيقي منذ قديم الأزل، ولكنها للأمانة كانت تجري بشكل أكثر احتراما وتقديرًا ورقيًا عما يشهده فضاء القنوات والسوشيال ميديا الآن.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه من حين لآخر ويستحق أن نفتش ونبحث له عن إجابة : لماذا أصبحت نجاحات هذا الجيل محدودة ؟
لماذا قل انتاجهم الفني مقارنة بمعدله منذ عشر سنوات تقريبًا، علمًا أن فرص العرض ومنصات الإنتاج وعدد المطربين زاد أضعافًا عما سبق؟

لماذا أصبح البحث عن أغنية "هيت" تحمل بين صناعها أحدًا من هذه الأسماء أمرًا نادرًا، باستثناء أيمن بهجت قمر كشاعر قدير حافظ على مكانته ورونقه حتى الآن، بجانب ملحن مخضرم مثل محمد يحيى، وأسماء أخرى لا خلاف على موهبتها ولو أن نجاحاتها "المدوية" متباعدة ، وهذا بالطبع بعيدًا عن الأسماء التي أصبح حضورها مرتبطًا بالكوميكس والمعارك الكلامية.

الحقيقة أن هذا الجيل يربطه عامل واحد مشترك وهو عمرو دياب، وللإنصاف وللتاريخ يجب أن نتذكر أن عمرو كان أول من فطن بين أبناء جيله في أواخر التسعينات إلى حاجة الأغنية المصرية لدماء جديدة تُضخ في شرايينها.

هذا وهو في قمة نجاحة مع أسماء كبيرة مثل مدحت العدل ومجدي النجار ورياض الهمشري وعادل عمر وحميد الشاعري وغيرهم من "عتاولة" الصناعة وقتها، إلا أنه امتلك زمام الجرأة والمبادرة ليستمع إلى كلمات شاب عمره 16 عامًا فقط هو أحمد علي موسى مؤلف أغنية "تملي معاك"، ومن قبله التقط طالبًا في كلية التربية الموسيقية يدعى محمد رحيم كان جالسًا إلى جوار حميد الشاعري في ستوديو "إم ساوند" عام 1997 فأعجب بلحنه الذي أصبح أغنية "وغلاوتك". ثم رحب بالتعاون مع زملائه مثل محمد رفاعي، خالد عز ، ومحمد يحيى ، وخالد تاج الدين، ونادر نور. ومن قبلهم الملحن الموهوب جدًا شريف تاج الذي اختفى للأسف بعد تجربته مع عمرو دياب في ألبومي "قمرين" و "تملي معاك" ومع أنغام في ألبومها "عمري معاك" .

هذا الجيل فتح له عمرو دياب أبواب الاستوديوهات ومن بعدها أبواب الشهرة ، ولكنه في نفس الوقت لعب دورًا لم يلعبه أي مطرب آخر معهم، كان بمثابة المُعلم و"العراب"، أو بلغة كرة القدم المدير الفني وصاحب الرؤية، تلك الرؤية التي حولت ألحان بعضهم إلى أيقونات بلمسات خبير يفهم تركيبته وسر الصنعة.

من يعرف مثلا أن عشرات الأغاني التي نجحت لعمرو دياب كان ملحنوها يتخيلونها في قوالب موسيقية أخرى؟ فيأتي هو ويلتقط القالب الموسيقى المبهر والتوزيع الأحدث، والفكرة الألمع ، والكلمات الأنسب، فتخرج عشرات الأيقونات والتُحف الموسيقية بختم "عمرو دياب" الذي راهن الكثيرون وقتها أنها لن تعيش، وجاء الزمن لينصف التجربة وتعيش هذه الأغاني حتى لو لم تبق أسماء شعرائها وملحنيها على قيد الحياة في وجدان الناس .

في عام 2000 وضع عمرو دياب على غلاف ألبومه "تملي معاك" عبارة "رؤية موسيقية" عمرو دياب وطارق مدكور، وتعجب البعض وقتها من هذا المصطلح، ولكنه كان إعلانا صريحا ومحقا عن وجه آخر في نجومية عمرو دياب الذي هو بالأساس صاحب مشروعه الموسيقي، وليس مجرد صوت يغني ما يختاره له الآخرون، بل وصانع أجيال وكشاف مواهب، قدم بعد هذا الجيل جيلين تقريبا من الملحنين والشعراء والموزعين منهم على سبيل المثال لا الحصر ، تامر حسين ، تامر علي ، أحمد المالكي، وحسن الشافعي وأسامة الهندي، وعشرات الأسماء التي شقت طريقها بصوته ورؤيته الموسيقية.

أسأل نفسي لماذا يتحدث البعض عن نجاحاته التي لم يشعر بها الجمهور منذ سنوات؟ علما أن الأغاني الناجحة الجيدة منتشرة وتحمل أسماء شعراء وملحنين وموزعين ومطربين أيضا، فالنجاح لا يحتاج من يتحدث عنه ويصرخ قائلا : أنا ناجح!
فاكتشفت أن الإجابة ببساطة : عمرو دياب .. هو السر