الحب والفانتازيا وأحلام الشباب ... قراءة في 8 أفلام قصيرة "في الحب ... والحياة"

نهال ناصر

نهال ناصر تاريخ النشر: الأربعاء، 9 مارس، 2022 | آخر تحديث:

سلسلة في الحب ... والحياة

من أهم ما يميز برنامج عروض أي مهرجان سينمائي الأفلام القصيرة، يهتم الجمهور بمشاهدة هذه الأفلام التي تكون دائما تجارب مختلفة، لذا نجد مثلا في مهرجان القاهرة أن عروض الأفلام القصيرة تنفد تذاكرها سريعا.

وطوال الوقت يبحث صناع الأفلام القصيرة عن طريقة لعرضها لتصل لقاعدة جماهيرية أكبر، والإجابة جاءت مع المنصات التي أتاحت الفرصة لظهورها، لتكون سلسلة "في الحب ... والحياة" هي البداية الحقيقة.

نرشح لك: 3 نجمات يرفعن شعار الدفاع عن المرأة من خلال أرائهن وأعمالهن

8 أفلام قصيرة، أطولها مدته 36 دقيقة، كلها تدور أحداثها في يوم واحد هو "عيد الحب"، ولكن لا تتوقع أن ترى قصصا رومانسية وعشق وغرام، فالأمر مختلف تماما ستعيش مع أحداث غريبة ومعاناة وتتنقل ما بين البلدان العربية مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية وفلسطين.

سلسلة "في الحب ... والحياة" من إعداد كاتبة السيناريو المصرية "عزة شلبي" ومن إخراج عدد من المخرجين العرب المتميزين، المخرجة كوثر بن هنية من تونس، والمخرج هاني أبو أسعد والمخرجة أميرة دياب من فلسطين، والمخرج عبد المحسن الضبعان من السعودية، والمخرج هشام العسري من المغرب، والمخرج خيري بشارة، والمخرجة ساندرا نشأت من مصر، والمخرج محمود الصباغ من السعودية والمخرج ميشيل كمون، كما يشارك في بطولته عدد من الفنانين العرب على رأسهم أحمد عز وآسر ياسين وبسمة وبسنت شوقي وعبد الحميد بوشناق وإيلي نجم وريتا حايك وغيرهم، أما الإنتاج لشركة اتحاد الفنانين للسينما والفيديو "أنطوان خليفة"، يعرض في 190 دولة ومترجما بـ 33 لغة ومدبلجا إلى 5 لغات، وسيصبح متاحا يوم 10 مارس عبر Netflix.

في البداية هناك أكثر من رابط بين الأفلام الـ8 أولها أنها ليست رومانسية كما اعتاد الجمهور من الأفلام التي تحتفي بالحب وتتحدث عن "عيد الحب"، وثانيها أنها تستعرض الأوضاع السياسية في البلدان العربية ولكن بطريقة غير مباشرة، وثالثها الكوميديا السوداء التي غلبت على معظم الأفلام فضلا عن الموسيقى واستخدام أغاني من التراث العربي.

لنبدأ مع فيلم "كازوز" الذي تدور أحداثه في فلسطين لن تجد شخص يتحدث عن القضية الفلسطينية بشكل مؤثر أو ترى مشاهد للمعاناة، فالقصة التي كتبتها أميرة دياب وشاركت في إخراجها إلى جانب هاني أبو أسعد تستعرض الأمر بطريقة كوميدية مع حفل زفاف فتاة تنتظر حبيبها الذي تأخر لشراء هدية خاصة لها، خلال حفل الزفاف سترى فئات المجتمع، المتدين ويخاف منه الجميع لكن هل هذه حقيقته؟ وهناك النساء اللاتي لا يفعلن أي شيء سوى الحديث عن الآخرين، وشقيق العروس الذي يحول أي شيء سواء فرح أو حزن لقضية كبرى وتضحية من أجل الوطن.

وبنفس الفكرة عرض الفيلم المعاناة، تخيل لكي تشتري هدية لعروسك عليك الوقوف في أكثر من كمين، وقوة الاحتلال لن تنتظرك وتسألك لمن هذه الهدية فالأسهل إطلاق الرصاص، كيف يعاني الشعب الفلسطيني كل يوم للانتقال من مكان إلى آخر.

"مسلخ السعادة" ضد البيروقراطية

وفي الفيلم التونسي "مسلخ السعادة" تأليف وإخراج كوثر بن هنية، سنعيش في رحلة معاناة المواطنين مع البيروقراطية لن تشعر بالاختلاف كثيرا فالأمر واحد في كل مكان، وهنا نرى البعد السياسي مرة أخرى.

بطل الفيلم الذي تدور حوله الأحداث شخص غريب، مديون لأكثر من جهة ولم يدفع الراتب لعماله، وفي نفس الوقت يحاول تحصيل أمواله لدى الدولة ويواجه صعوبات خاصة بالقوانين، في رحلته هذه ورغم كل ما يمر به أهم شيء لديه الاحتفال بعيد الحب وشراء هدية لزوجته حتى لو من أجل هذا يكذب ويحتال على الآخرين.

ونقلت كوثر بن هنية في فيلمها صورة للواقع التونسي، التنقل في الشوارع الضيقة، خلافات بين أصحاب السيارت على "جراج" السيارة وغيرها من الأحداث اليومية، التي تكتمل بالصدام مع بيروقراطية الأشخاص فأحيانا نتمنى أن تتغلب العاطفة على قوانين العمل من أجل مساعدة الآخرين.

كوميديا غريبة وفانتازيا تهزم الواقع

في فيلم "يوم الحداد في المكسيك" تعيش في عالم فانتازيا، نعم هي شوارع القاهرة وتحديدا منطقة مصر الجديدة، لكن الكاتبة نورا الشيخ والمخرج خيري بشارة يأخذانا في رحلة خيالية.

تخيل أن يختفي الحب من حياتنا، يصبح اللون الأحمر ممنوعا، الأغاني الرومانسية مرفوضة، تخيل في يوم عيد الحب 14 فبراير لا يوجد أي "دبدوب" في الشوارع بل ومن يشتريه أو يحمله يقبض عليه، وتستخدم الدولة الإعلام للسيطرة على عقول المواطنين من خلال مذيع الإذاعة "حسن" الذي كان في الماضي شاعرا رومانسيا وأصبح الآن الشخص الذي يحاول جعل الشعب ينسى "عيد الحب"، ينهي نشرة الأخبار وهو يقرأ حدث في مثل هذا اليوم يقول معلومة خاطئة ولا يتحدث عن عيد الحب.

لا تنظر لهذا الفيلم على أنه خيالي فقط، فله أبعاد مختلفة، ماذا لو منع الحب من حياتنا كيف ستكون الحياة؟ هل ستستسلم للأمر أم ستواجه وتثور ضد مانعي الحب في كل مكان، مثلما يحدث مع "حسن" الذي يتغير ويواجه بعد موقف شخصي يتعرض له، موقف واحد شجاع يحدث أمامه يجعله يستعيد نفسه ويصل إلى حقيقته، المعنى هنا أنه مهما مر الوقت ومهما طالت السنين لن تنسى من أنت لن تنسى أحلامك أو أهدافك في الحياة المهم أن تؤمن به وتتمسك بحلمك وتواجه حتى تحققه.

الكوميديا السوداء موجودة أيضا في الفيلم اللبناني "القلب الأحمر الكبير" واسم الفيلم يوحي بفكرته فالبطل هنا قلب أحمر تذهب معه في جوله في شوارع لبنان، طوال الفيلم تتعاطف مع شاب لبناني بسيط "ديلفري" يوصل هدايا عيد الحب، يتحمل الكثير من الإهانات ويتعرض لمواقف صعبة، المهم لديه أن يصل في ميعاده حتى لا يفقد عمله فحبه لوالدته وتحمله المسئولية تجاهها يجبره على ذلك، وسط كل ما يمر به تأتي نهاية الفيلم مع مشهد سيره مع القلب الأحمر الكبير ليمر من أمام مرفأ بيروت المدمر إثر الإنفجار ليذكرك بالواقع اللبناني والشعب الذي يرفض الموت ويعيش ويحتفل بعيد الحب ولديه دائما أمل في الغد مهما حدث من انكسارات.

الموسيقى التصويرية وتأثير الماضي

في الـ8 أفلام تقريبا هناك استخدام لأغنيات مصرية قديمة أو حتى أغنيات من تراث بلد كل فيلم، بعيدا عن الموسيقى الأساسية للعمل، بمجرد ما تمسع هذه الأغنيات تأخذك في عالم آخر، استخدامها وتوظيفها الصحيح مع الأحداث لتحكي واقع.

وهو الحال مع" حب في ستديو العمارية" الحب هنا ليس بين شاب وفتاة، فبطل القصة رجل كبير في السن يفقد نظره يوما بعد يوم لكن لم يفقد شغفه بالموسيقى، لم يركض وراء التقنيات والاستديوهات الحديثة ليكسب أكثر ويجني ثروة، تمسك بالماضي وبالفن الأصيل.

ما أن تدخل الكاميرا "ستديو العمارية" وترى شرائط الكاسيت وطريقة تسجيل الأغنيات القديمة تشعر بالحنين إلى الماضي، حيث الكلمات والألحان والأصوات الجميلة، بعيدا عن المهرجانات التي باتت منتشرة بيننا هذه الأيام والأغنيات ذات الكلمات الغريبة.

هذا الاستديو الصغير يغير حياة فنانة مشهورة، يجعلها تقف مع نفسها في لحظة صدق، تنسى التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تتحكم بنا لينتصر حبها للفن الحقيقي وتصبح شخصية أقوى تستطيع قول كلمة لا والمواجهة.

أحلام الشباب والاصطدام بالواقع

إذا سألت أي شاب عن أحلامه سيقول أن يمتلك سيارة فارهة وملابس أنيقة وأموال يغدق بها على حبيبته، وقد ينتهز أي شاب الفرصة ليعيش هذه الحياة حتى ولو بالكذب مثلما فعل بطل الفيلم المغربي "سيدي فالنتين" تأليف وإخراج هشام العسري، في هذا الفيلم صورة لواقع شباب اليوم وأحلام التي تصطدم بالواقع، كذبة قد تبدو صغيرة تتحول إلى مآساة، للحظات تتعاطف مع البطل الشباب الذي تمنى أن يصبح غنيا لتعجب به الفتيات، وقد ترى أن البطلة مخطئة لأنها ذهبت مع شاب ونسيت كل شيء في حياتها منخدعة في مظهره وثرائه وطريقة تعامله معها.

تشابه الفيلم المغربي مع الفيلم التونسي في فكرة التصوير في شوارع المدينة وتعرض البطل لموقف صعب بسبب المرور ونقل سيارته من مكان لمكان لوقوفه الخطأ، هذا الموقف الذي يغير الأحداث في كلا العملين.

المعنى الحقيقي للحب

والختام مع فيلم "أخويا" الذي جسد المعنى الحقيقي للحب، يدور الفيلم حول طفل صغير يدعى "فارس" من أصحاب القدرات الخاصة وهو أجمل ما في الفيلم، نقلت المخرجة ساندا نشأت صورة جميلة، بداية من اختيار أماكن التصوير والريف المصري بطبيعته وهدوئه بعيدا عن صخب المدينة، وعلاقة البطل "دياب" أحمد عز، بشقيقه "فارس" وتضحياته من أجله، حبه لشقيقه كان أكبر من حبه لحبيبته ضحى بها من أجله، ولنفس السبب تمسكت به حبيبته لأنها فهمت تقديره للحب.

كان للفنان صلاح عبد الله ظهورا خاصا، وكوميديا، وهي ليست المرة الأولى التي يتعاون فيها مع عز وساندرا نشأت، في الفيلم كان هناك بعض المشاهد التي اعتمدت على وسامة أحمد عز بطريقة كوميدية، لكنك ستنسى كل الأبطال بمجرد ظهور الطفل "فارس".

في النهاية تجربة سلسلة "في الحب .. والحياة" تجربة مختلفة بعيده عن الرومانسية المعتادة تنقل أجواء الحب بطريقة كوميدية أقرب إلى الفانتازيا تعيش معها في رحلة وتتنقل بين البلدان العربية وترى مشاكل كل بلد لتجد أن الحب وأزماته متشابه في كل مكان، وتفهم المعنى الحقيقي للحب.

لا يفوتك- ويل سميث في المقدمة - قائمة بأسماء النجوم "الأغلى" في تاريخ هوليوود وأفلامهم التي تربعت على القمة