البداية عندما تسللت جينات حب كرة القدم من لاعب في فريق الترسانة -"شواكيش" السبعينيات- اسمه فتحي، إلى ابنه "سعيد"، لاستكمال مشوار والده، محققا في الشارع شهرة لم يستطع والده أن يحققها في أعرق الأندية المصرية.
بعد رحيله ... بشير الديك: استلهمت شخصية سعيد الحافي في فيلم "الحريف" ولم أقابله
لم ينهره والده أو ينصحه بالتركيز في دراسة أو عمل، بل شجعه على ممارسة عشقه الأول والأخير، على أراض "عزيز عزت" بمدينة العمال بمنطقة إمبابة، التي كانت المسرح الذي شهد فصول القصة.
كبر "سعيد فتحي" حاملا في دمه ميراث عشق الكرة، الذي كبر معه لا ينافسه عشق آخر، كانت "الكرة الشراب" -تصنع من الإسفنج وشرابات رجالي وكميات كبيرة من الخيوط- تسلبه عقله بمجرد رؤيتها، "خاصة إذا كانت جيدة الصنع" كما قال في حوار سابق مع "بوابة أخبار اليوم".
اشتهر سعيد في مطلع الثمانينيات بلقب "الحافي" بسبب لعبه الكرة بدون حذاء، وتألقه بشكل غير طبيعي في اللعب بدون حذاء، وفسر سعيد نفسه هذا بأنه كان مصابا بـ"فلات فوت" أعاقت لعبه بالحذاء.
لا يوجد في ساحة من ساحات الكرة في أي منطقة إلا ويتجمع حوله المئات وربما الآلاف، ليستمتعوا بلمسات الحافي السحرية، التي لم يختلف عليها أحد، ولم لا وهو كما قال عن نفسه: "كنت أستطيع أن "أنطط" الليمون والبلي الصغير كالكرة تماما بمهارة شديدة".
ظل سعيد يمارس كرة القدم في إمبابة حتى ذاع صيته في جميع المناطق المجاورة، فخرج من إمبابة للعباسية، ومنها للقلعة لبولاق أبو العلا للشرابية، ومن محافظة لأخرى، وراء هوايته التي أنسته الدراسة والزواج، وكانت المباريات وقتها يتم الرهان عليها من الجمهور، ويتم توزيع جزء من مبلغ الرهان على الفريق الفائز.
ذاع صيت الحافي، حتى وصل لكبار لاعبي الكرة وكشافي النجوم حينها، ورغم عشقه لنادي "الترسانة" بحكم لعب والده به، كان لمحمود الخطيب نجم "الشياطين الحمر" معزّة خاصة في قلبة، فالمواهب تميل إلى أشباهها، حتى أنه يتذكر بسعادة بالغه أن "بيبو سأل عليه أكثر من مرة عندما سمع بموهبته".
ووصل إليه الكابتن عبده البقال، "كشاف اللاعبين بالنادي الأهلي"، وأخذه للاختبار تمهيدا لضمه للقلعة الحمراء، لكن لسوء حظه وحظ عشاق الساحرة المستديرة، لم يتم التحاقه بالنادي بسبب تميزه فقط في اللعب حافيا بدون حذاء!
وهو نفس الأمر الذي حدث مع فريق "الترسانة"، رغم محاولات والده التغلب على مشكلة الحذاء، لدرجة أنه فصل له حذاء خاصا ليناسب قدمه، لكنه كان يفقد نصف مهارته بمجرد ارتداء أي حذاء.
وانتشرت أقاويل أن "الحافي" يرفض الانضمام للأندية الكبرى بسبب ضعف راتبها، كان راتب اللاعب في الأهلي وقتها 17 جنيها في الشهر، في الوقت الذي كان مكسب "الحافي" من مراهنات لعب الكرة الشراب كبير جدا، وهو ما نفاه "الحافي" في حواره لـ"الأخبار" قائلا: "كنت أتمنى اللعب لأحد الأندية، وكانت رغبة أبي أيضًا، بالرغم من أنني كنت أجني المال من اللعب بالساحات فكان يقال لي: تعالى ألعب ماتش وخد كذا، وقت ما كان أكبر موظف مرتبه الشهري أقل من ربع ما أجنيه من مباراة واحدة".
ظل الحافي يبهر المشاهدين بإبداعاته في الكرة الشراب، التي كان يعرف عنها أن لاعبيها يتميزون بمهارة شديدة، على مدار 30 عاما، كان خلالها عاملا بشركة الكبريت وظل بها حتى تم تصفيتها.
وفي عام 1983 وصلت شهرة "الحافي" إلى جميع الأوساط حتى التقطها المخرج محمد خان وصاغها مع السيناريست بشير الديك في فيلم "الحريف"، الذي قام ببطولته الفنان الكبير عادل إمام، وتم تصوير أحداثه بحي بولاق أبو العلا، وبفندق "سونستا"، وشركة التأمين الأهلية، ومصانع أحذية "السمالوطي".
وفي عام 1986 بعد تقديم قصته في فيلم "الحريف" بثلاثة سنوات، أعلن سعيد الحافي اعتزاله كرة القدم، وكان لاعب "الساحات" الوحيد الذي أقيمت له مباراة اعتزال، وأقيمت في شارع "النصوح" في إمبابة، وشارك بها عدد من نجوم منهم: إسماعيل يوسف، وإبراهيم يوسف، وزكريا ناصف، وأحمد شوبير، ومصطفى عبده، وحمدي نوح.
ليسدل الستار على مشوار "الحريف" الرياضي، ويكمل 36 عاما من حياته في الظل، باستثناء تكريم من "جمعية اللاعبين القدامى"، حضره وزير الشباب الدكتور أشرف صبحي، قبل أن يرحل عن عالمنا اليوم، تاركا قصة لاعب كرة من طراز خاص في لعبه وفي مشواره وحكايته.
اقرأ أيضا:
#حدث_بالفعل: "الفتي المدلل" محمد عبد الوهاب ... تصريحات احتقار المرأة والتربُّح من العلاقات النسائية
#حدث_بالفعل – وصفوه بـ"قرصان الأغاني" ... محاكمة علنية لـ"شاعر الألف أغنية" مرسي جميل عزيز
حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)
جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt
آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ
هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5