تباينت ردود الفعل تجاه الفيلم المغربي "الرجل الذي باع العالم"، الذي عرض في الدورة التاسعة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وفي الوقت الذي قابل فيه الجمهور الفيلم بعاصفة شديدة من الرفض، أبدى النقاد إعجابهم به.

هاجم الجمهور المغربي الفيلم، الذي عرض بالمهرجان الذي أقيم في الفترة من 4 إلى 12 ديسمبر 2009، لسببين: الأول يعود إلى اتهامه بـ"تضمن كلام يتجرأ فيه صاحبه على الله سبحانه وتعالى، علاوة على تضمنه مشاهد مخلة بالآداب العامة"، وفق تعبير البلاغ الذي تقدم به حزب "العدالة الاجتماعية" الإسلامي المعارض المغربي، والذي يطلب التحقيق في الأمر، حسب موقع "العربية نت".

أما السبب الثاني للهجوم على الفيلم فهو فني بحت، وهو الذي عبر عنه الفنان المغربي الكبير محمد بسطاوي لجريدة "أخبار اليوم" المغربية قائلا: استغرب من عرض الفيلم بهذه الطريقة لمخرجيه سهيل وعماد نوري، فعلى الرغم من أن الفيلم شارك فيه ممثلون رائعون مثل سعيد باي وفهد بنشمسي ولطيفة أحرار وحكيم نوري ومجدولين وحسن مضياف، بالإضافة للإبداع في التصوير، فإن الفيلم لم يكن في مستوى تطلعات الجمهور المغربي فنيا.

ولم يكن محمد بسطاوي فقط من الفنانين المغاربة الذين لم ينل الفيلم رضاهم، بل اتفق معه في الرأي عدد كبير من الفنانين المغاربة، ومن وسائل الإعلام المغربية أيضا، انتقدوا عرض الفيلم بهذه الطريقة التي بدت لهم غامضة، ووصفوه بأنه لا علاقة له بالواقع المغربي، وليس مفهوما، وليست له فكرة واضحة ومحددة، رغم جودة أداء الممثلين.

أما النقاد فكان لهم رأي آخر مختلف، حيث أثنوا على الفيلم، ونفوا فكرة تعمد الإساءة للذات الإلهية، وهو ما قاله الناقد المغربي أحمد بوغابة، الذي نفى وجود أية نية لدى مخرجي الفيلم للعيب في الذات الإلهية، أو الإساءة للمقدسات، مؤكدا أن الحزب الإسلامي اعتاد الركوب على مثل هذه المواضيع، في إطار ما أسماه -بوغابة- "التسويق السياسي".

ومن جانبهما، اعتبر الأخوان عماد وسهيل نوري، الاختلاف على الفيلم أمر عادي، وقالا لصحيفة "الصحراء المغربية" إنهما شاركا بفيلمهما في المهرجان ليس من أجل الجائزة، بل من أجل معرفة رأي الجمهور والإعلام، وأنهما يرغبان في تقديم سينما مختلفة، منفتحة على الآداب العالمية، وليس سينما مغربية محضة.

فيلم "الرجل الذي باع العالم"، سيناريو سهيل نوري، وإخراج الأخوان سهيل وعماد نوري، وإنتاج ماريا بيلار كازورلا، وبطولة سعيد باي وفهد بنشمسي ولطيفة أحرار وحكيم نوري ومجدولين وحسن مضياف.

وهو رؤية مغربية معاصرة لرواية "قلب ضعيف" للروائي الروسي الكبير دوستويفسكي، وتدور أحداثها في مدينة مزّقتها الحروب، ويتناول إشكالية الخوف من السعادة بعد معاناة طويلة، من خلال قصة شخص لم يصدق أنه سيصبح سعيدا.

حيث يلعب الممثل سعيد باي دور شاب يبدو أنه قد نال حظّه من الدنيا، له خطيبته الجميلة، ينتظر الزواج منها، وحياة رغيدة طويلة لا يعكّر صفوها شيء، لكنه بالرغم من ذلك، يعجز عن تقبّل ما ينتظره من مستقبل واعد، ويبدأ بالانحدار في دوّامة من الكوابيس التي تجرّه إلى الجنون، وهكذا يسرّد لنا الأخوان نوري رواية دوستويفسكي، في حبكة جريئة وإخراج قوي، يكتملان بالأداء المؤثر من سعيد باي.

يذكر أن الفيلم سبق وشارك في مسابقة "المهر العربي"، في الدورة السادسة من مهرجان دبي السينمائي الدولي التي عقدت في الفترة من 9 إلى 16 ديسمبر 2009.

شاهد إعلان فيلم "الرجل الذي باع العالم"