يوميات الجونة 2 – استقالة وحادث وحريق .. تخاريف عن لغز الرقم (5)

تاريخ النشر: الخميس، 21 أكتوبر، 2021 | آخر تحديث:
صناع مهرجان الجونة

(1)

عزيزي طبيب الأنف والأذن والحنجرة .. هل تجد حلًا لمأساة تقلبات المناخ التي عصفت بالجونة وبأنفي؟
على مدار الأيام الماضية كانت الأجواء في مهرجان الجونة مشحونة بالعواصف. عواصف ترابية تهب من حين لآخر فتحطم رأس مرضى الحساسية أمثالي ، وعواصف أخرى تلاحق الدورة الخامسة منذ انطلاقها ، وكأن ساحرًا إفريقيا من قبلية "الأشانتي" صب لعناته على المهرجان.

حريق ضخم قبل الافتتاح ، ثم أزمة مع الشعب المغربي بسبب "ريد وان" ، وأخيرا كان يوم أمس ذروة للأحداث الغريبة التي تفتح الباب أمام التفسيرات "الباراسيكولوجية " ، صباحا أصيبت بشرى في حادث سيارة، كانت "مدير عمليات" المهرجان تصور برنامجا مع "الأنفلونسر" محمد مكاوي في سيارة سباق صغيرة ، بالمناسبة العربة الطائشة التي يدور داخلها البرنامج كادت أن تتسبب في حادث مع أروى جودة قبل أيام، ولكن العناية الإلهية أنقذت السيارة قبل انقلابها ، وشاء القدر أن تنقلب السيارة بمكاوي وبشرى .

مساء ألقى أمير رمسيس المدير الفني للمهرجان بقنبلة استقالته بعد خلاف حاد مع انتشال التميمي مدير المهرجان ، منذ اليوم الأول لم تكن الأجواء بين جميع العاملين في الجونة على ما يرام ، واكتملت تلك اللوحة العبثية بإعلان المدير الفني استقالته في توقيت حساس وتحديدا قبل نهاية المهرجان بيومين.

أفلام لا تعالج الإكتئاب أو مضاعفات كورونا .. لقراءة الحلقة الأولى من يوميات الجونة من (هنا)

قصة استقالة أمير رمسيس مثيرة جدا ، وعلمت من مصادر داخل المهرجان أنها لم تكن المرة الأولى التي يطلب فيها أمير إعفائه من منصبه، ولكن هذه المرة سرب أحدهم رسالة الاستقالة التي أرسلها المدير الفني الى فريق عمل المهرجان عبر "البريد الإليكتروني الرسمي" المستخدم في المراسلات بينهم ، لا أعرف هل "قرصن" أحدهم بريد المهرجان، وأرسل الخبر لموقعين إخباريين كبيرين لنشره ، أم أن أحد العاملين سرب المعلومة وقرر الاحتفاظ بنسخة من صورة الرسالة لنشرها في حالة التكذيب ؟!

المهم أنني سألت إنتشال التميمي بعد نشر الخبر بدقائق : هل صحيح أن أمير رمسيس استقال ؟ فرد قائلا : لا معلومة لدي!
بعدها تحدثت مع مسئول بارز في وزارة الثقافة ، كان الرجل حاضرا تفاصيل القصة منذ بدايتها وحاول إثناء أمير عن الاستقالة وجرت اتصالات به لتأجيل إعلان القرار ، وصرح بعض العاملين في المهرجان أن أمير تراجع عن استقالته ، ولكن بعد ساعة تقريبًا نفى أمير تراجعه عن الاستقالة مؤكدًا أن علاقته بالمهرجان انتهت وأنه متواجد في الجونة للإطمئنان على حالة بشرى الصحية حيث مكثت بالمستشفى طوال اليوم تقريبًا.

المهم أن أمير رمسيس غادر الجونة ظهر اليوم بعد أن حضر ندوة "زبيجنيف زاماجوسكي" في الجامعة الألمانية ضمن فاعليات جسر الجونة السينمائي .
ولكنني مازلت أبحث عن إجابة لكثير من الأسئلة "الماورائية" التي تطاردني طوال أيام المهرجان ، ما سبب كل هذه الطاقة السلبية التي إنفجرت في المدينة الساحلية؟ هل ندعوا الله أن يجعل كلامنا خفيف على يسرا التي منذ أن غضبت على المهرجان لم ير يومًا هادئًا ؟! أم من الأفضل أن يستبدل آل ساويرس إدارة المهرجان بفريق من صائدي الأشباح والعفاريت ؟!

الغريب أن كل هذا يحدث في دورة تحمل الرقم "خمسة" بكل دلالاته الشعبية والخزعبلائية لدى المصريين فهل من دليل يفك لنا لغز هذه الدورة ؟!

جانب من ندورة أرونوفسكي

(2)

هناك حالة توتر كبيرة تخيم على أروقة المهرجان ، وكأن أزمة فيلم "ريش" كانت كرة الثلج التي ظلت تتدحرج وتلتقط معها تفاصيل ومشاكل أخرى فتكبر أكثر وترى بوضوح ، مثلا أعتقد أم محمد حفظي واحد من أهدأ الشخصيات وأكثرها ثباتا في الوسط الفني ، لأول مرة منذ أن عرفته أرى حفظي متوترا بهذا الشكل وهو يقدم صناع فيلم "أميرة" قبل عرضه بالمهرجان ، الفيلم يشارك في انتاجه حفظي وعدد من المنتجين وجهات التمويل ، وتدور أحداثه حول أسير فلسطيني أراد أن يُهرب "حيواناته المنوية" ليتم تلقيح زوجته صناعيا ويرزقا بطفل، وهي القصة التي قال محمد دياب مخرج ومؤلف الفيلم بمشاركة شقيقيه خالد وشيرين أنها من واقع قصص حقيقية حيث قام أكثر من 100 أسير فلسطيني بالإنجاب بهذه الطريقة .

المهم أن فيلم "أميرة" كان واحدا من أجمل أفلام المهرجان ، علم مشحون بكتلة مشاعر انسانية وصمت تتحدث فيه النظرات بشكل أعمق من كل الكلمات ، فيلم جيد انتهى بفخ كبير قد يضع الفيلم في مرمى اتهامات باتت محفوظة .

صباح اليوم التالي تناولت كبسولات "المسكن" لأوقف مطارق الصداع في رأسي ، حاولت قدر الإمكان الإبتعاد عن مصادر الدخان ، فدخلت قاعة "أوديماكس" لاتابع محاضر ستيفان جرامبارت حول سرد القصص التفاعلية ، يبدو أن السينما دخلت تلك المرحلة التي يختار فيها المشاهد نهايات الأفلام والمسلسلات وفقا لمزاجه ، أراها تقنية "شريرة" ستقتل كل الجدل والشغف المتبادل بين المبدع والمشاهد ، كيف سنختلف مع الفنان على إبداعه ونناقش أفكاره إن كان الأمر سيسير وفقا لرغباتنا كمشاهدين؟!

الحقيقة أن مهرجان الجونة مليء بالفاعليات السينمائية الهامة ، بعيدًا عن السجادة الحمراء ، وهوس النجوم على ركوب "التريند" بصور الفساتين ، والحقيقة أيضًا أن عدد قليل من الفنانين مهتمون بحضور الأفلام والندوات ، مثل محمد فراج وآسر ياسين وتامر حبيب واخرون كانو في مقدمة الصفوف خلال الجلسة الحوارية الهامة مع المخرج الأمريكي دارين أرنوفسكي ، تحدث خلالها عن أهم أعماله وزيارته لمصر عام 1987 ، وتفاعل الحضور معه بشكل كبير وانهالت الأسئلة حول تفاصيل صناعة مشاهد معينة في أفلامه حتى أنه طالب الحضور بتذكيره بالمشاهد التي يسألون عنها .

مشهد من فيلم أميرة

(3)

ليلة أمس غنى ويجز بعد انتهاء عروض أفلام المهرجان ، تفاعل الحضور مع ويجز الذي أطلق أغنية جديدة مع "ديسكو مصر" في نفس الليلة وكأنه كان يستعد للحفل ، ولكن ويجز غنى بالفلاشة كما فعل محمد رمضان ، والناس تسأل هل الغناء "بالفلاشة" متاح هنا ؟
هذه ليست قصتي ، المهم أن عمرو دياب سيغني الليلة هنا في الجونة ، بعد أن طلب عدم الغناء في حفل الختام كما حدث في العام الماضي ، وحتى الآن لا أحد يعرف ترتيبات أو تفاصيل الختام الذي أتمنى ألا يكون الختام الأخير لواحد من المهرجانات السينمائية الهامة في المنطقة ، لقد شعرت أن الصورة الجماعية التي التقطها أصحاب وصناع المهرجان في نهاية المؤتمر الصحفي أقرب إلى لوحة العشاء الأخير ، فهل فعلا سنسأل أنفسنا قريبًا: " ليه كل حاجة حلوة عمرها قصير" ؟!