شخصيات عامة من فنانين وكتاب وشعراء وساسة ودبلوماسيين... إلخ، لم أشعر دقيقة واحدة بتلك المسئولية التي أشعر بها الآن وأنا أتحسس خطواتي وأشعر بأنني أسير وسط حقل من الألغام وأنا أكتب عن أهم ممثل عربي علي مستوي السينما والمسرح الزعيم ... عادل إمام.
"الفرصة دي مش مقاسي"
لم يكن دخول الزعيم إلي عالم الفن محض صدفة أبداً، هو يصنع واقعه بنفسه ويعرف مقياس خطوته قبل أن يخطوها ويعرف هوى المصريين ويعرف مقدسات المصريين بل ويحفظ خطوطهم الحمراء عن ظهر قلب فترك حسابات الصناعة تضعه في مكانه المناسب. وبدأ يتسلل إلي قلوب الجماهير رويداً وبذل المزيد من الجهد واستثمر الكثير من سنين عمره إلي أن أصبح من الكبار.
طالع أيضا: عادل إمام ... الغول الذي أحبه
الكتابة عن فنان بحجم عادل إمام بحق كجائع جلس علي مائدة لا ينقصها صنف واحد من الأطعمة فمن رابع المستحيلات مجرد تذوق كل تلك الكمية من الطعام ولكن يكفي صنفاً واحداً او اثنين علي الأكثر لتحقيق الشبع.
أنا الزعيم
كما قالها الفنان عادل إمام في مسرحية تحمل اسم تلك الشخصية "الزعيم" ليرتبط اسم تلك الشخصية باسمه إلي الأبد وهذا اللقب ابداً لم يأت من فراغ فعادل إمام الذي بدأ حياته الفنية مجرد كومبارس في مسرح المهندس وحمل علي عاتقه هو وجيله صحوة جديدة في عالم السينما والسرح لم يكن مشواره بالسهل أو بالهين لكن بنا نستعرض علامات مضيئة علي رحلة دامت أكثر من خمسين عاماً ومستمرة لليوم.
بلد بتاعت شهادات صحيح
لم يكن جزافاً اختيار أستاذ الكوميديا العظيم فؤاد المهندس له كتلميذ وامتداد له في عالم الفن، فإنه علم للوهلة الأولي أن "الأستاذ دسوقي" وكيله في مسرحية "أنا وهو وهي" سيصبح يوماً نجم مصر الأول في زمن كانت فيه الوسامة شرطاً أساسياً من شروط كونك نجم سينمائي من الصف الأول (نجم شباك).
ظلت مرحلة انتشار عادل إمام في السينما ممتدة من عام 68 إلي منتصف السبعينات تقريباً حيث أصبح وجه مألوف للجماهير ويعرفون اسمه جيداً.
قدم في السبعينات بعض الأفلام الكوميدية الخفيفة مثل "البحث عن فضيحة" و"الشياطين والكرة" و"ممنوع في ليلة الدخلة" وكلها أفلام تنتمي لمدرسة الكوميديا الاجتماعية وكان في الغالب يقوم فيها بدور صديق البطل.
لا تكن علي يسار السلطة لكن لا تكن علي يسار الشعب
تلك المعادلة الصعبة جداً التي استطاع وحده تحقيقها فقدم شخصية البطل الشعبي من جديد بأسلوبه الخاص وبما يلائم العصر الذي قدم فيه أهم أفلامه وهو عقد الثمانينيات والتسعينيات والتي قدم فيها للمصريين همومهم ومشاكلهم وأحسوه فرداً منهم يلبس مثلهم ويتحدث بلسانهم وناقش قضايا كثيرة شغلت المصريين ونذكر منها مثلاً أفلام "كراكون في الشارع" و"الحريف" و"طيور الظلام" و"النوم في العسل" و"المنسي" و"الإرهابي".
تحول وقتها عادل إمام من مجرد نجم سينمائي يمكن أن تجده بسهوله إلي واقع حي يحيا بين المصريين ولم تعد السينما فقط أداة للتسلية بل أصبحت قضايا الطبقات الكادحة تناقش أمام شاشات السينما وتحول لرمز شعبي بل وأقرب للدبلوماسيين وأحبه جماهير العرب من المحيط للخليج بمختلف أعمارهم وأصبح شخصية عامة يعامل في الدول معاملة الملوك، لكنه لم يترك حسه الفكاهي يوماً واحداً فمن المستحيل ان تشاهد فيلم لعادل إمام ولا تجد فيه خلطته الكوميدية الخاصة الجميلة.
تحول عادل إمام بعدها إلي صانع النجوم الأهم في مصر وخرج من عباءته ممثلين كبار وكثر مثل محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي وأحمد آدم وسليمان عيد بل وأعاد إكتشاف نجوم من جديد مثل سامي سرحان ومحمد يوسف وغيرهم.
لم يكن المشوار سهلاً يا زعيم وإن كان الكنز في الرحلة كما يقولون فهنيئاً لك بتلك الرحلة وهنيئاً لنا بأهم ممثل عربي عرفه السينما والسرح في التاريخ.
كل عام وانت في وافر الصحة والعافية.. سنة حلوة يا زعيم