عام 2014 التقيت كريم عبد العزيز، كان فيلمه "الفيل الأزرق" يعرض في دور السينما وسط احتفال كبير بالتجربة.
مشروع يمزج بين الرعب والفانتازيا اعتبره الكثيرون مغامرة ناجحة لكريم الباحث عن تغيير جلده بكاميرا مروان حامد وقلم أحمد مراد، ومستندًا إلى رواية تربعت على قمة قوائم "البيست سيلر" قبل الإعلان عن تحويلها لفيلم سينمائي.
سألته : هل ترى في هذه التجربة محاكاة لمغامرة عادل إمام عندما قدم فيلم "الإنس والجن" وهو في قمة نجاحه كفنان كوميدي؟
ابتسم وكأن المقارنة فاجأته، ثم قال : شرف لي أن تُقارن خطوة في مشواري بمشوار الزعيم عادل إمام، بالفعل هو مدرسة نتعلم منها ونسير على نهجها وكل خطوة في مشواره درس لي ولزملائي.
قبلها بستة عشر عامًا وتحديدًا في العام الذي أهدى فيه "زين الدين زيدان" كأس العالم لفرنسا بقلب ملعب باريس، كان كريم عبد العزيز يحتفل بعرض فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" مع العمالقة أحمد زكي وشريف عرفة ووحيد حامد.
صاغ القدر ميلاد كريم عبد العزيز في أحضان كبار "المهنة" فتعلم منهم أصولها قبل أن يتذوق حلاوتها، وقبل كل هذا تسللت جينات الفن إليه عبر دماء والده المخرج الكبير محمد عبد العزيز، والذي قرر كريم أن يكمل مسيرته بدراسة الإخراج في معهد السينما، ولكن الكاميرا أحبته وقدمت لنا واحدًا من أهم "الممثلين" المصريين على الإطلاق.
تقول القاعدة أن نجومية الفنان تقاس بشباك التذاكر، السينما دائمًا هي الفيصل، وشخصيًا لم أضع نجاحات الدراما التليفزيونية كمقياس نهائي وقاطع حول شعبية نجم ما، خاصة وأن الحسبة اختلفت في السنوات العشر الأخيرة، وأصبحت مقاييس السوشيال ميديا "الهشة" معيارًا يمنح لقب نجم لكل من نجح في حصد 10 الاف تغريدة على أقصى تقدير.
كثيرون نجحوا في الدراما التليفزيونية لأنهم حلو ضيوفا على بيوتنا، بينما قليلون جدًا من ندفع لهم ثمن الفٌرجة في قاعات السينما، التذكرة التي تحجزها لفيلم ما هي بمثابة عربون محبة لنجمك المفضل، هذا العربون الذي ظل كريم يحصده منا على مدار 17 عامًا قدم خلالها نفس العدد من الأفلام ، لم يفشل له فيلم، ولم تُطفأ أنوار السينما في عمل حمل إسمه.
كريم الذي لم يُخف على زملائه في المعهد عدم اقتناعه بالتمثيل، بل كان مندهشًا من نجاحة في "اضحك الصورة تطلع حلوة" ، وكاد يعود إلى مقاعد الإخراج لولا إيمان كل من حوله به، من يصدق أن هذا الشاب سيصبح الأكثر حضورًا وموهبة ونجاحًا بين أبناء جيله وربما الجيل التالي؟!
كريم عبد العزيز الممثل الوحيد الذي قدم فيلمين في عام واحد هما "الفيل الأزرق 2" و "نادي الرجال السري" وكسر كل منهما حاجز الـ 100 مليون جنيها في شباك التذاكر!
تحدثني عن الأرقام ؟ إذن أي نجاح كهذا يمكن تحقيقه ؟
قدرة مدهشة على التلون من الكوميديا إلى الأكشن ثم الرومانسية، وحتى الرعب، تُصدقه في كل شخصية يجسدها، ابن البلد الجدع، الحلنجي والصايع والعاطل والغلبان واللص والمنتقم ، ضابط الشرطة وضابط المخابرات، ومندوب المبيعات، والأب المكلوم، والزوج المقهور، والطبيب النفسي المُحبط.
لم يرتد "أبو علي" شخصية إلا وترك بصمته فيها، لم يعتبر ملامحه الوسيمة عائقًا أمام تقديم كل الأدوار التي تناسبه، ولم تأسرة خفة ظله في مربع الكوميديا الضيق مقارنة بما تفيض به موهبته .
حتى في الدراما التليفزيونية قدم عملين حققا نجاحا كبيرًا ، "الهروب" ثم "وش تاني" وتلاهما "الزيبق" الذي ظل الجمهور يسأل متى نرى جزءًا ثانيًا منه، إلى أن عاد بـ "الاختيار 2" ، أخرج من جعبته وجه الضابط زكريا يونس وكأنه كان مكتوبًا باسمه.
تركيبة انسانية يشكلها بخبرة السنوات، كل هذا في صمت تام ، دون ضجيج العالم الافتراضي المزعج، لم يقل أنه الأول، ولم يرفق إلى جوار اسمه عبارة "تريند رقم 1" ، مترفع عن حسابات السوشيال ميديا، وإن كان حاضرًا فيها بإرادة الجمهور الحقيقي وضع تحت كلمة "حقيقي" ألف خط .
كريم عبد العزيز دون أن يقصد صاغ لنا ولزملائه حكمة أراها موجزة لمشواره.
" أن تولد نجمًا فهو اختيار القدر .. وأن تبقى نجمًا فهذا هو اختيارك"