رامي صبري وأزمة غياب الشخصية الفنية

تاريخ النشر: السبت، 30 يناير، 2021 | آخر تحديث: السبت، 30 يناير، 2021
رامي صبري

الموهبة هي القدرة الفطرية التي تجعل الشخص متميز تميزاً ملحوظا عن غيره في جانب معين أو أكثر من مجال، ولا يكون للإنسان أي دخل بها، فعندما يولد الفرد بصوت متميز فهذا يعني أن الله ميزه عن غيره، ولكن يظل على صاحب هذه الميزة أن يُحسن استغلالها.

ولذلك عندما يفشل الموهوب في استغلال موهبته بالشكل الأمثل فتكون هناك أزمة حقيقية كبيرة، وأنا أتحدث هنا عن الكثيرين من الفنانين الذين يعتقدون أنهم ناجحين لمجرد أن أصواتهم جيدة، ولكن هذا كما ذكرنا في السابق أمر ليس لديهم أي دخل به، وأن الأختبار الحقيقي يأتي في اختيارات الفنانين للأغاني التي يقدموها للجمهور.

اقرأ للكاتب : بعد فشل "بعاند ليه" .. من ضحية عمرو مصطفى القادمة؟!

الفنان رامي صبري هو خير دليل على هذه المعضلة لأنه يمتلك صوتًا متميزًا لا تغفله الآذان وتستطيع تمييزه من بين الكثيرين المتواجدين على الساحة الغنائية، ولكن في الوقت ذاته هو لا يمتلك أي شخصية فنية تجلع المحتوى الذي يقدمه متميزا عن باقي منافسيه!

ولكن ما معنى هذا؟
قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن أوضح ما المقصود بالشخصية الفنية، فهي التي تجعل المغني متميزا عن غيره من الفنانين من حيث طريقة تعبيره عن العلاقة العاطفية التي يتناولها في أغانيه، أو الموضوعات التي يطرحها بالأساس في هذه الأغاني، ولكننا هنا نتحدث بشكل خاص عن مغنيين فئة الـ"بوب" فكل أغانيهم لا تخرج عن إطار علاقة الحبيب بالحبيبة.

فعلى سبيل المثال سميرة سعيد ما يميزها هو تعاملها بطريقة ندية مع الطرف الآخر في العلاقة، ودائما ما تحرص على الظهور بهذه الشخصية القوية في أغانيها، فهي من قالت "واديني سيبته ومحلصش حاجة"، وهي من ايضا من غنت "هو فاكرني ايه؟ لا أنا أدوس عليه وأعديه"، والعشرات من الأمثلة التي تعبر عن هذا المفهوم.

تامر حسني هو الآخر لديه نوعية معينة من الأغاني يحرص على تقديمها من آن إلى آخر طوال مسيرته الفنية يتعلق بمغازلة شرائح المراهقين من خلال أغاني بعينها مثل "بطلة العالم في النكد"، و"انت اللي عملتي لكل شباب الدنيا قلق"، و"أرجعلك يعني حرقة دم"، وغيرها من الأغاني التي تعبر عن هذا المفهوم.

هناك مغنيين آخرين تكون شخصيتهم الفنية معبرا عنها بالموسيقى وليس بالكلمات كما هو الحال مع عمرو دياب وهو واحد من رواد تقديم موسيقى الـ"لاتن بوب" بشكل يتناسب مع هويتنا المصرية، وله العشرات من الأغاني التي تعبر عن هذا الشكل الموسيقي مثل "قمرين"، "تملي معاك"، واخيرا "محسود" فلا يكاد أن يمر علينا ألبوم لعمرو دياب بدون من أن نجد هذا الشكل من الموسيقى غير متواجد في ألبوماته.

نرشح لك : هاني مهنا: بعد انفصالي عن سميرة سعيد نزلنا في غرفة واحدة كأخوات من غير حتى بوسة على الخد

أما رامي صبري فهو حائر طوال هذه السنوات منذ لحظة صعوده على الساحة، لا يمتلك أي شخصية فنية، لا يوجد أي رابط بين كل ألبوماته، بل أن لا يوجد أي رابط لأغاني نفس الألبوم الواحد، حتى مظهره وطريقة تصوير كليباته وملابسه تشعرني وكأنه نسخة "مضروبة" من عمرو دياب.

رامي صبري قدم منذ ثلاث سنوات أغنية "ذكورية" الطبع، يقول فيها "لما الراجل يتكلم الست متعندش معاه"، وكأنه يتعامل بمنطق "سي السيد" في عصر السوشيال ميديا، لنتفاجئ به منذ أيام قليلة ليقدم اغنية يتحدث فيها ويقول "محدش يجي عليا ويكسب" تطبيقا للمثل الشعبي الذي لا يطلق إلا على النساء "اللي يجي على الولايا عمره ما يكسب".

في الحقيقة أن المرة الوحيدة التي لمس فيها رامي صبري فكرة الشخصية الفنية كانت في أغنية "حياتي مش تمام" عندما وجد له عزيز الشافعي صيغة غنائية واضحة للون قد لا يكون سائدًا على الساحة، بالإضافة إلى ايقاعات الموزع جلال حمداوي التي منحت الأغنية هوية خاصة ومتفردة.


قطعا الفنان يجب عليه أن يعبر عن كل الحالات كحزن، أو فراق، أو ندم، أو فرحة، ألخ، ولكن يظل هناك شخصية في طريقة التعبير عن كل هذه الحالات، وبدون هذه الشخصية سيصبح الفنان مثل رامي صبري، لا يوجد أي ترابط بين ما يقدمه من أعمال ولا يظل فقط مجرد صوت "حلو" يغني أغاني بدون أي هوية فنية وهذه أزمة كبرى!