استنادا إلى المسرحية التي تحمل نفس الاسم تبدأ أحداث فيلم The Father في صورة دراما بسيطة بحوار مألوف..الابنة "آن" التي تفقد صبرها مع والدها "أنتوني" البالغ من العمر 80 عاما الذي تتلاشى قبضته على الواقع ويرفض المساعدة من ابنته التي تقرر الانتقال إلى باريس وتحتاج إلى ضمان لسلامته أثناء تواجدها بعيدا لذا قبل مغادرتها تحاول إيجاد شخص يتحمله.. الفيلم عرض في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ42.
بالنسبة لـ"أنتوني" أصبحت الحياة مصدرا للارتباك وببراعة يروي المخرج فلوريان زيلر القصة من خلال عيني أنتوني بينما تتغير الشخصيات والمواقع ونصبح مشوشين مثله.
"لست بحاجة إليك.. لست بحاجة إلى أي شخص"..كما هو واضح لا يمكن ترك "أنتوني" بمفرده فهو ينسى الأشياء والأشخاص رغم عدم اعترافه بذلك.. أحيانا يتحدث بلطف ومنطقية تجعلك تعتقد أنه لا يزال على دراية بما يجري حوله وفي أوقات أخرى يكون مرتبكا أو ربما نجده يلعب ألعابا صغيرة ليبدو وكأنه مسيطر على حالته وهو بالطبع عكس ما يحدث في الواقع.
دراما حقيقية تسلط الضوء على الحالة الذهنية المرعبة لشخص مصاب بالخرف وكيف يتلقى صدمات مفاجئة كل يوم ومدى استحالة السماح لشخص آخر بفهم ما يمر به.
تدور أحداث القصة في مكان واحد ولكنّ! نظرا للطبيعة المتغيرة باستمرار لمحيط أنتوني فإن زيلر يحقق أقصى درجة من التكيف بشكل مثير للإعجاب فنجد أن هناك تعديلات مستمرة على شقته من الديكور إلى التصميم ونبدأ نحن في التساؤل عن كل شئ مع "أنتوني" ونبحث معه عن الحقيقة.
تجربة مشاهدة صعبة وربما تكون قاسية للغاية ليس بسبب القصص التي تبدو ممزقة ومشوشة فحسب بل بسبب أداء أنتوني هوبكنز المبدع الذي ترشح هذا العام لنيل الأوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في The Two Popes ومرشح بقوة لنيل الأوسكار في عام 2021 ولا يتخيل أحد كيف لأي ممثل آخر أن يهزمه .
مشاهدة أنتوني هوبكنز وهو يحاول أن يشرح بعقلانية لنفسه ولمن حوله بما يمر به تصيبك بحالة من الإنزعاج ولكن بهدوء حيث يتغير عالمه ولكنه يظل صامتا مدركا أن أي محاولة للتساؤل عما استيقظ عليه لن يقع سوى على أذن صماء ..سلسلة من المشاعر ينقلها إلينا هوبكنز من الغضب إلى الإنزعاج ثم لا شئ وعلى الرغم من ارتباطنا به كممثل له مسيرة مهنية إلا أنه من المذهل مشاهدته هنا.
إنه عرض هوبكنز بامتياز ولكن كان لأوليفيا كولمان التي تجسد ابنته "آن" لحظاتها المؤثرة .. الفيلم ملئ بالمشاعر التي تجعلنا ندرك أن الأمر محبط بشكل لا يطاق لمن حول الشخص المصاب بتلك الحالة .
وكان للمؤثرات البصرية دورا هاما في رفع مستوى الفيلم .. التلاعب البصري في البيئة المحيطة بـ"أنتوني" نجده بقوة عندما يفشل في العثور عن شئ يبحث عنه فيتسرب الشك إلى داخله بشأن مسكنه الفعلي فيفقد علاقته بالواقع شيئا فشيئا..عمل يصنف أنه قائما بذاته وليس مأخوذا عن عمل آخر.
اقرأ أيضا
10 أفلام نرشحها لك في مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ42
"طالما البطاقة مكتوب فيها انثى أعمل اللي أنا عايزه"..نجل هشام سليم يرد على منتقدي ارتدائه حلق