بدأت منصة "شاهد VIP" في عرض فيلم "صاحب المقام" من إنتاج أحمد السبكي، تأليف إبراهيم عيسى وإخراج محمد العدل، وهي المرة الأولى التي تعرض فيها منصة إلكترونية فيلم مصري قبل طرحه في دور العرض السينمائي.
الفيلم يمكن تصنيفه تحت أفلام الفانتازيا التي تجعل حدوث أي شيء ممكنًا، وفي "صاحب المقام" تم مزج الخيال بحالة روحانية، من خلال مواقف متتالية تساعد في حل لغز البطل الذي يواجه أزمة كبيرة تجعله يخرج من عالمه الخاص ليبحث عن الطريق الذي يخلصه من مشكلته ويتعرف خلال الرحلة على ذاته.
تجربة سينمائية مختلفة
يطرح الفيلم -كعادة أفلام الكاتب إبراهيم عيسى- فكرة دينية وهي التعامل مع أضرحة أولياء الله الصالحين، وهل لهم كرامات وبركات بالفعل أم أن مجرد التبرك بهم وسيلة لتخفيف الضغوط، وعلى مدار حوالي ساعتين إلا الربع، نذهب في رحلة مع "يحيى" –آسر ياسين- رجل الأعمال الشاب الذي أجبرته الظروف لكي يحاول الوصول إلى إجابة السؤال.
يمنحك فيلم "صاحب المقام" حالة من السعادة والامتنان كلما رأيت الأزمات يتم حلها وينجح "يحيى" في خطوة جديدة من خطوات رحلته، فيما تتواجد "روح" – يسرا- لتتابعه من بعيد أو توجهه حين يضل الطريق، في حوار ممتع يجمع بينهما في كل مشاهدهما.
تجربة "صاحب المقام" تستحق الإشادة بكل صناعها، وكلا لسبب يخصه؛ بداية بالمنتج أحمد السبكي الذي تحمس لفيلم يطرح فكرة جادة، وإن كانت ممزوجة بطابع كوميدي ساخر، ثم تعاون مع منصة "شاهد" التي نجحت حتى الآن في نقل صناعة الترفيه إلى مرحلة جديدة، وتوجت نجاحها بعرض الفيلم قبل السينمات، وهي خطوة شجاعة تحسب للطرفين –السبكي وشاهد- لكنها تلقي الضوء حول القرصنة الإلكترونية التي تواجه المنصات بعد أن أصبح الفيلم متاح في يوم عرضه الأول، بشكل غير قانوني عبر مواقع التحميل والمشاهدة المجانية.
أبطال الرحلة
يستحق أبطال الفيلم الإشادة خاصة يسرا، التي قدمت واحد من أمتع وأنضج أدوارها منذ سنوات، فشخصية "روح" تحتاج إلى ممثلة بقيمة وثقل يسرا على الشاشة، تستطيع أن تظهر في لقطة مدتها ثانيتين وتترك بصمتها في المشهد، فيما بآسر ياسين الذي قدم شخصية "يحيى" بكل حيرته وخليط مشاعره المتضاربة، ونجح في أن ينقل ارتباك الشخصية للمشاهد بدون تكلف، فظهر يحيى حائر خفيف الظل وقليل الحيلة أمام مشكلته.
جسد بيومي فؤاد دور التؤأم حكيم وحليم، شريكي "يحيى" في أعماله، ورغم تطابقهما شكلا لكنهما مختلفان في التفكير ورؤية الأمور، واعتمد بيومي فؤاد في تمييز الشخصيتين عن بعضهما، على وجود لثغة حرف الراء وابتسامة أوسع لدى أحدهما، خاصة أن العديد من مشاهده يظهر فيها بالشخصيتين، ونجح إلى حد كبير في السيطرة على وضوح الفارق بين الشخصيتين. أما أمينة خليل، فرغم أنها البطلة الثانية للفيلم، إلا أن تأثير شخصية "رندا" اعتمد على غيابها عن الأحداث أكثر من ظهورها، فيما كان للطفل عمر حسن حضور جيد، لكن كان من المفترض أن يتيح المخرج محمد العدل له أن يظهر إنفعالات أكبر مما رأينا على الشاشة، لأنه لم يعد هناك وجود مبررات لفكرة أن الأطفال لا يجيدوا تمثيل المشاهد الدرامية.
له ما له..وعليه ما عليه
تميزت مشاهد الفيلم بالبحوار الدافئ بين الشخصيات حول القضية التي يطرحها المؤلف، ولا يمكن إغفال قدرة المؤلف الموسيقي خالد الكمار، على توظيف مقطوعاته لخدمة الدراما، خاصة المقطوعة التي خصصها لظهور شخصية "روح" على الشاشة، كما أن المخرج والمنتج أظهرا قدرة جيدة في إقناع العديد من الفنانين بقبول فكرة الظهور كضيوف شرف، بعضهم لما تتجاوز مدة ظهوره على الشاشة ثوانِ قليلة، لكنها كانت أفضل من مشاهد مدتها دقائق تنقل نفس المعنى.
في المقابل وقع المخرج محمد العدل في أخطاء التي لا يتحمل مسئوليتها غيره، مثل عدم الاهتمام بحسن اختيار الممثلين الثانويين، فمعظمهم ظهر جامد الملامح يتحدث كأنه جهاز تسجيل يردد ما حفظه، وهو ما أضعف المشاهد التي ظهروا خلالها، كذلك هناك بعض المواقف الغير مفهومة أو الغير مبررة دراميًا، لن أخوض في تفاصيلها منعها لحرق الأحداث، وربما يكون المخرج اضطر لحذف بعض المشاهد لاختصار مدة عرض الفيلم في السينمات، رغم أن عرضه عبر منصة إلكترونية يعفيه من ذلك الشرط، وكان من الممكن أن تضم النسخة المعروضة على "شاهد VIP" المزيد من المشاهد التي تخدم توازن سرد القصة، وتعالج الخلل الذي وقع في بعض أحداثه.
فيلم "صاحب المقام" تجربة فنية ممتعة تستحق الدعم والتشجيع، وننتظر اكتمالها بعرض الفيلم لاحقًا في دور العرض السينمائي، لكي نستطيع تقييمها بشكل كامل، وهي من تأليف إبراهيم عيسى، إخراج محمد العدل، بطولة آسر ياسين، أمينة خليل وبيومي فؤاد إلى جانب عدد كبير من الفنانين الذين ظهروا كضيوف شرف، إنتاج أحمد السبكي، ويتم عرضه عبر منصة "شاهد VIP".
اقرأ أيضا:
"صاحب المقام"... حينما تحل البركة على فيلم!
في ندوة أون لاين... أبطال "صاحب المقام" يتحدثون عن الفيلم قبل عرضه