"الهري في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه" ... للعظيم الراحل نزار قباني بتصرف، مع خالص الاعتذار والمحبة.
يستيقظ العالم كل صباح مترقبا الجديد في العمل أو العلم أو حتى الحروب، بينما نستيقظ نحن باحثين عن "التريند" ... أو بمعنى أوضح: الهري على مين النهاردة؟
متابعة الأخبار أمر صحي جدا، يحرص عليه العقلاء، حتى لا نعيش في جزر منعزلة، وننفصل عن واقعنا وعن العالم، لكن الشيء إذا زاد عن حده "طبيعي" ينقلب لضده، ويبقى "تريند على طريقتنا" اللي بتخرب كل جميل.
إيه هو "التريند" وإيه هى "طريقتنا"؟
أما "التريند" فأقول وبالله التوفيق: هو الحدث أو الخبر اللي بيحصل والناس بتهتم بيه بشكل كبير، وتتتبع أخباره وتفاصيله وتطوراته، وبالتالي كل ما تبص على "التايم لاين" بتاعك على أي من وسائل التواصل الاجتماعي هتلاقيه باين قدامك.
وده شيء جميل ما فيهوش أي مشاكل، طبيعي إن الأمور المهمة تبقى هي اللي في دائرة الضوء، (وساعات المش مهمة) طالما الناس مهتمة بيها.
أما "طريقتنا" اللي قلت إنها بتخرب كل جميل، فهي "الأفورة" ... نعم نحن نعشق "الأفورة" في كل شيء، لدرجة أننا أصبحنا غير حقيقيين.
لا نكتفي بقراءة الأخبار لنعرف ونتابع ونتعلم، لا طبعا، لازم نحشر نفسنا في كل شيء، احنا بنعرف كل حاجة، وبنفهم في كل حاجة، ولازم نحط التاتش بتاعنا على كل حاجة، أماااااال.
فتكون النتيجة ضوضاء كبيرة تحيط بنا، تشوف على عقولنا وشعورنا، لا نعرف شيئا ولا نتابع جديدا، بقدر ما نفتي ونهري ونشارك بآرائنا وخبراتنا وإبداعاتنا في حاجات أول مرة نسمع عنها.
لكن الصورة ليست بهذه القتامة، فقد يكون للأمر وجهان، وجه ضار ووجه نافع، وجه قبيح ووجه جميل، وهو ما ينطبق على موضوع "التريند"، فللتريند وجه آخر "مضحك".
تعالوا نتأمل موضوع "التريند"، بهدوء ودون تشنج، ويجب أن نتعامل هكذا مع كل ما نراه على "السوشيال ميديا"، التي لم يتوصل أحد حتى الآن إلى أسرارها، التي فاقت أسرار التحنيط ولعنة الفراعنة في غموضها، فسنجد الجميع يتحدث في أمر ما باعتباره قصة حياة أو موت، الكل منفعل يرغي ويزبد، "التايم لاين" يحمل لونا واحدا وموقفا واحدا من القضية، وكأّن هناك أجماعا شعبيا عالميا، حتى تطمئن أنه "وضعت الأقلام وجفت الصحف"، وتظن أنه لا صوت آخر يجرؤ على المخالفة، حتى تفاجئ في ثانية بانقلاب خاطف سريع يتبنى وجهة النظر الأخرى، وتعود لتجد نفس "التريند" يحتل "التايم لاين" مرة أخر، لكن هذه المرة بوجة النظر المخالفة تمام، والجميع يؤيدها ويشيد بها، ويراها تستحق النظر والتفكير.
لن أضرب أمثلة بمواقف عديدة حدث فيها هذا الأمر، فمجرد وصولك في القراءة إلى هذا السطر يعني أنك متابعا للأمر ومهتم وتعرف هذه الأمثلة دون الإشارة إليها.
وقتا سعيدا مع التريندات الجديدة ... وخليهم يتسلوا