ما معنى النجاح؟ أن تحقق ما كنت تحلم به وسعيت من أجله، أن تجتاز اختبارا وضعت فيه، أن تكون شخصا ثريا يمتلك كل ما يريد، أم أن تفهم ما تريد وتدرك قيمة نفسك؟ هذا هو مفهوم النجاح الذي يقدمه فيلم EUROVISION SONG CONTEST: The Story Of Fire Saga أحدث أفلام Netflix ومن المقرر طرحه على المنصة يوم 26 من الشهر الجاري.
يحكي الفيلم قصة فرقة "فاير ساجا" Fire Saga المكونة من شخصين هما "لارس" ويل فيرل و"سيغريت" رايتشل مكآدامز، وما مرا به إلى أن وصلا أخيرا للنجاح، أو بمعنى أصح إلى مفهوم النجاح.
يأخذك الفيلم في رحلة موسيقية تتعرف من خلالها على مدينة "هوسافيك" الآيسلندية، وفي لقطات بسيطة تتعرف كيف يعيش سكانها الذين يعرفون بعضهم البعض ويشعرون أنهم منسيون ولا أحد يهتم بمدينتهم، أغنيات خاصة يحبون الاستماع لها، أغلبهم يعمل في الصيد، أزياء غريبة، كلها أمور تراها لتقترب من عالمهم.
لا تحتاج سوى لـ3 دقائق لتعرف كيف تكونت شخصية "لارس"، في البداية عام 1974 مع الطفل الصغير الحزين لرحيل والدته، لم يستطع شيء إخراجه من حزنه سوى الموسيقى، عشق الطفل الصغير الموسيقى لكن والده بيرس بروسنان، لم ير في حبه للغناء أي شيء، لذا كان عقبة في طريقة بكلامه وعدم تقديره له.
يلقي المخرج ديفيد دوبكين، الضوء على مشكلة التقدير والدعم، الأسرة هي أول داعم، في هذا الفيلم لم يجد "لارس" الدعم من والده بل كانت السخرية، لم يستسلم لكنه كان يشعر بخيبة الأمل.
الحب والسند
أهم شيء في الحياة أن تجد شخصا يؤمن بك يدعمك في كل قراراتك، هنا بطل قصتنا "لارس" وجد ذلك في "سيغريت" الفتاة الجميلة صديقة الطفولة، لدى "سيغريت" أيضا قصة مع الموسيقى في طفولتها أحبت الرقص مع "لارس" وكان هو أول من ساعدها على التحدث أو بمعنى أصح الغناء.
تمتلك صوتا عذبا وهي العضو الثاني في فرقة "فاير ساجا"، تؤلف وتلحن الأغنيات مع شريكها، وتحمل في قلبها حبا له.
تمسك "لارس" بحلم واحد منذ طفولته وهو الفوز بمسابقة Eurovision "مسابقة الأغنية الأوروبية" وأن يصبح مشهورا، وأن يلفت أنظار الجميع إلى مدينته للاهتمام بها، أما "سيغريت" فكان حلمها أن ينجح "لارس" حتى تصل هي إلى قلبه.
الجميل في الفيلم أن "لارس" لم يؤمن به سوى "سيغريت" رفيقة المشوار وطفل صغير آخر يشاركهم العزف على الدرامز، الجميع يراه غريب الأطوار لا يستمعون لأغنياته ولا يعتقدون أنه سينجح، وفي نفس الوقت هو لم يستسلم وتمسك بما كان يحلم به، لم يستمع لسخريتهم وكان أمامه هدف واحد.
يلعب القدر لعبته، حتى وإن كان قدر مخطط له بعض الشيء - تفهم هذه الجملة خلال أحداث الفيلم- لكن يشارك الثنائي في المسابقة ليبدآ رحلتهما، يخرجان من قوقعة كانا يعيشان فيها، لينطلقا إلى عالم مختلف، كالطفل الذي يترك والدته ويبدأ اكتشاف عالمه الجديد.
في المسابقة يتعرفا على أشخاص جدد بعضهم متعاون وآخرون طماعون، يكتشفا أن الحياة العملية مختلفة عما كانا فيه، يكتشفا بعضهما البعض، وهنا يكمن معنى الفيلم، قد يكون فيلما شبيها لنوعية هذه الأفلام من رحلة تحقيق النجاح، ولكن بطريقة كوميدية هي رحلة استكشافية لعالم آخر.
Eurovision لم تكن بالنسبة لـ"لارس" و"سيغريت" المسابقة أو الحلم الذي يريدان تحقيقة، بل كانت الطريق لفهم أنفسهما ولفهم حقيقة الحياة والنجاح.
مميزات
أهم ما يميز هذا الفيلم هو التأكيد على فكرة أن تكون مؤمنا بما تقوم به لا يهم ما تتعرض له من صعوبات، تقع ثم سريعا تساعد نفسك للنهوض، لا تنظر للسلبيات بل دائما تضع هدفك أمام عينك، تقتنع بموهبتك حتى وإن وقف العالم أمامك، هذا ما نراه في أول عرض للفرقة في السابقة، رغم ما يحدث "لارس" لم يستسلم وحاول استكمال الطريق.
كذلك روح الفريق والتعاون المستمر بين "لارس" و"سيغيريت" وإيمانهما ببعضهما البعض.
أداء مميز
من اللقطة الأولى التي يظهر فيها ويل فيرل ورايتشل مكآدامز، سترتسم على وجهك الابتسامة، أزياء غريبة أداء لأغنية أغرب، ثم تتوالى المشاهد وفي كل مرة تبتسم وتضحك سواء على الأداء أو الشكل.
ظهور مميز لـ بيرس بروسنان "الوسيم" في دور الأب القاسي على نجله الذي لا يقدم له أي دعم، وفي لحظة يؤمن به ويفتخر به ليكون المصحح لمسار حياته.
كان لديمي لوفاتوا ظهورا مميزا أيضا، سواء في الغناء أو حتى في لقطات ظهرت فيها في مشاهد كوميدية.
السياسية موجودة أيضا
على الرغم من أن الفيلم فكرته بسيطة ، لكن لم يخل من بعض النقاط السياسية مثل نظرة الرجل الآيسلندي للأمريكان، من خلال مشهد بين "لارس" ومجموعة من السياح، أو المطرب الروسي وإلقاء الضوء على فكرة بعض الأمور المرفوضة في روسيا.
التعرف على آيسلندا وعادات وتقاليد وخرافات يؤمنون بها، مثل وجود "العفاريت والأقزام" الذين يتحكمون في كل شيء، ومن أجل النجاح تذهب لهم وتقدم القرباء، في بداية الأمر يبدو عبثيا لكن ما يحدث مع "لارس" يجعل الأمور مختلفة.
بالإضافة إلى ظهور المسئولون في بلدية آيسلندا وطريقة اختيار المتسابقون أو تفضيل فريق على فريق، والمصالح التي تحكم.
في النهاية فيلم Eurovision فيلم كوميدي بسيط يأخذك في رحلة موسيقية مع أغنيات تحب الاستماع لها، تتعرف على بلد مختلف، وتتابع حلم فرقة يتحقق بالحب والإيمان.
اقرأ أيضا:
Da 5 Bloods... رحلة البحث عن حق المضطهدين
Snowpiercer... المناضلة من أجل الحياة