حسن حسني ... الرجل الذي مات كثيرا ولن يرحل

تاريخ النشر: السبت، 30 مايو، 2020 | آخر تحديث:
وداعا حسن حسني (الصورة - شروق عز)

"وعندما كان يبدع شاعر في سن كبيرة في إحدى القبائل العربية كانوا يطلقون عليه النابغة".

كما عرف العرب في عصور الجاهلية شعراء تألقوا وأبدعوا وذاع صيتهم في سن كبير فأطلقوا عليهم لقب "النابغة" مثل النابغة الذبياني، والنابغة الجعدي، تذخر حياتنا الفنية حاليا بالعديد من النوابغ، جلس بينهم في موقع القيادة حسن حسني.

لكننا بدلا من الاحتفال بنبوغ أحد أبنائنا، لم يشغلنا آخر عامين سوى ترديد شائعات عن رحيله كل يوم والآخر، بشكل متكرر وسخيف، جعلت الرجل يتساءل حزينا: "مستعجلين على ايه؟"... مستجديا صاحب الشائعات أن يتركه في حاله.

حسن حسني واحد من الفنانين الذين ولدوا للفن، لم يحترفه ولم يكن مهنته وأكل عيشه، أولئك الذين نذروا حياتهم للفن أولا دون شرط أو قيد أو ضمانة لما هو قادم ... الفن أولا ثم يأتي ما يأتي بعد ذلك ... أو لا ياتي أبدا.

من طفولته وصباه بمسرح المدرسة، إلى عشر سنوات كاملة قضاها محترفا بالمسرح باختلاف أشكاله (فرقة المسرح العسكري – المسرح القومي – مسرح القطاع الخاص) ... فنان من زمن صعود السلم بكل درجاته بتودة وصبر وإتقان، لم يقفز درجة، ولم يأخذه أحد من بيته ليجد نفسه نجما، كما يتباهى البعض ... حصد حبه ونجاحه ومجهوده بالوقوف على خشبة المسرح في فرنسا في الستينيات ليقدم مسرحية "إيزيس وأوزوريس" في بلد الفن والنور.

عشر سنوات حتى ينتقل لمرحلة جديدة من حياته الفنية، من الستينيات للسبعينيات، ليبدأ رحلته مع الصندوق السحري "التليفزيون"، وضع قدما في الدراما التليفزيونية فترك بصمة لن ينساها أحد بأدوار يختلط علينا من شدة براعته فيها اسم الشخصية واسم حسن حسني، فمن ينسى شريف الكاشف في "بوابة الحلواني"، ومن ينسى فتحي سكرتير الشركة في "أبنائي الأعزاء شكرا"، ومن ينسى الأستاذ وفائي في "أرابيسك"، ومن ينسى في ياسين أبو سمانة في "أبو العلا 90"، ومن ينسى سيد الحاوي في «اللص والكتاب"، ومن ينسى ... ومن ينسى ... ومن ينسى ....

وفي منتصف السبعينيات، يضع حسن حسني قدما أخرى في الشاشة الفضية بدور صغير في أحد أيقونات السينما العربية "الكرنك"، لينطلق واضعا لمساته التي لا تنسى ولو اقتصرت مشاركته على مشهد واحد فقط، تم اختيار 5 أفلام شارك بها فى قائمة (أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية) حسب استفتاء النقاد عام ١٩٩٦ وهى: "الكرنك ١٩٧٥"، و"سواق الأتوبيس ١٩٨٣"، و"البريء ١٩٨٦"، و"زوجة رجل مهم ١٩٨٨"، و"ليه يا بنفسج ١٩٩٣".

ومن ينسى "صابر" الذي ظل يسأل عن السفارة المصرية ببورسعيد في فيلم "ناصر 56"، ومن ينسى "ركبة" في فيلم "سارق الفرح" الذي حصل عليه على خمس جوائز، ومن ينسى ... ومن ينسى ... ومن ينسى ....

في أمان الله يا "عم حسن" كما كان محبوك يلقبوك ... في أمان الله فأنت من أولئك الذين يموتون ولا يرحلون.