منذ عرض أولى حلقاته، جذب مسلسل "الفتوة" انتباه الكثيرين، وزادت نسب المشاهدة يوما تلو الآخر، لكن رغم الإشادات كان هناك انتقادات وتساؤلات حول التفاصيل التاريخية للحقبة الزمنية التي تدور فيها أحداث العمل، لا سيما لغة الحوار ووجود مصطلحات معاصرة لا يزيد عمرها عن 10 سنوات وليس 170 عاما!
اقرأ أيضا: أحداث الحلقة الأولى من "الفتوة"... جدل تاريخي وانتقادات سريعة!
للرد على الانتقادات التاريخية في المسلسل، تحدث FilFan.com مع الباحث الأثري سامح الزهار، المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، والذي قدّم بدوره شرحا توضيحيا لتلك الحقبة الزمنية، وكيف تناولها العمل، لافتا إلى أن الدراسات التاريخية تعتمد على 3 أمور رئيسية: المكان والزمان والإنسان.
المكان
تدور أحداث "الفتوة" في القاهرة القديمة، وتحديدا منطقة الجمالية، ويتناول المسلسل جزءا من التاريخ الشعبي لهذه المنطقة، لذلك تم التصوير في أماكن كثيرة بها، لكن "الجرافيكس" أضاعت كل المظاهر الخاصة بالمنطقة، خاصة في التصوير الخارجي، وهذا بالتأكيد نظرا لوجود محلات حديثة الآن وزحام في الشوارع والتي من الصعب إغلاقها للتصوير، لا سيما في منطقة شارع المعز، ولكن كان بالأحرى أن يتم تصوير المباني على الشكل الموجودة عليه الآن، دون أن تغير أعمال الجرافيك من تفاصيل المكان، خاصة وأنه منذ نهايات عام 1800 لم يحدث تغير كبير في شكل أغلب المباني الموجودة بها حتى الآن.
أيضا في أغلب المشاهد يظهر باب كبير في الحارة ومن خلفه مئذنتين، لكن في الحقيقة الباب القاهري الوحيد الموجود عليه مئذنتين هو باب زويلة ومن خلفه مئذنتي مسجد المؤيد شيخ، "طب الأحداث في الجمالية إيه علاقة باب زويلة بيها، باب زويلة ده الدرب الأحمر في جنوب القاهرة يعني منطقة أخرى خالص، التانية شمال القاهرة اللي هي القاهرة القديمة، لذلك في مشكلة في التفاصيل والملامح القاهرية".
الزمان
اللغة المستخدمة في الحوار بها شيء من الحداثة، إذ احتوى الحوار بين الأبطال على مصطلحات خليجية حديثة مثل "بالله عليك"، وأخرى عامية معاصرة مثل "يشلفط وشه" و"يعلّم عليه" وغيرهم. وكان أفضل مرجع يمكنهم الرجوع إليه هو "الحرافيش" و"فتوات المحروسة" و"خبايا القاهرة"، والتي بالتأكيد كانت ستضفي أجواء وتفاصيلا للحارة القديمة بشكل صحيح.
أيضا من اللافت أنه في كثير من المشاهد يُقال "المحروسة" بدلا من القاهرة، لكن في الواقع لم يكن لفظ المحروسة دارجا بهذا الشكل وقتها لدى العامة، وفي الغالب كان يُقال "مصر"، مثلما يحدث الآن من بعض سكّان الأقاليم عندما يتحدثون عن العاصمة.
كذلك أدوات الزينة والمشغولات الذهبية تشبه تفاصيل الصعيد والأرياف أكثر وليس الاتجاه القاهري، حتى لو كان اتجاها شعبيا، فمثلا الكردان الكبير والأقراط الضخمة، لم تكن منتشرة في الحارات القديمة، بل كان الأمر مختلفا، ويحتوي متحف الفن الإسلامي على مشغولات ذهبية من تلك الفترة، والتي تكشف اختلافا كبيرا في التفاصيل عن الموجودة بالعمل.
أما أدوات الزينة الخاصة بالنساء، فلم تكن بهذه الحداثة، فمن المفترض أنهن يقمن بدور فتيات شعبيات بإحدى الحارات، لكن يظهرن بطريقة مكياج حديثة، وبعضهن يضعن "المانكيير" وهو ما لم يكن موجودا في تلك الحقبة، بل كنّ يستعملن الحنّاء في أصباغ الشعر أو الأظافر، ولا يزال الأمر مستخدما في بعض المناطق الشعبية حتي الآن، باعتبار الحنّاء طقس أو موروث شعبي.
وفيما يتعلق بالتجارة، فالشكل الموجود بالمسلسل والأدوات المباعة في الدكاكين قديمة للغاية عن الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، "يعني مكنش القاهرة كلها ناس بتوع نحاس وست قاعدة بتبيع خضار في الشارع.. بنتكلم في وقت كان به شيء من الحداثة".
الإنسان
من المفترض أن الأحداث تدور عام 1850، لكن بعض الملابس الموجودة في تلك الفترة لم تكن بهذا الشكل وهذه التفاصيل، كما أنه كان هناك غياب لمظاهر مهمة مثل الطربوش، ففي الحلقات نجد أن شيخ الصيّاغ وغيره القليل يرتدون الطربوش بينما الأغلبية ترتدي العمامة، لكن هذا غير صحيح فالطربوش كان جزءا أصيلا من ملابس المصريين في تلك الفترة، باستثناء المعلّمين والفتوات.
كذلك دور رجال الدين لم يكن مهمشا بهذا الشكل، ولم تكن إهانتهم والتقليل منهم أمرا ممكنا، بل كان هناك ارتباط كبير برجل الدين في الحارة، واحترام شديد له، لذلك ما يفعلونه مع الشيخ الأزهري "أحمد خالد صالح" من إهانة وتعامل غير لائق في المسلسل، يناقض حقيقة تلك الفترة. بينما مثلا نجد في ثلاثية نجيب محفوظ أنه أدرك هذا الأمر، فنرى سيد أحمد عبد الجواد رغم سهره وسُكْره وتصرفاته، يحترم الشيخ ويعامله بطريقة مختلفة.
في النهاية، رغم جودة القصة والأداء، إلا أن الروح التاريخية لا تزال بعيدة عن المسلسل، وتفاصيل تلك الحقبة تحديدا ليست واضحة، "كأني جبت ناس زمان عيشتهم معانا.. قطعت جزء من حقبة زمنية ما وبحاول اشوفها في زمان تاني".
اقرأ أيضا:
فيديو - رد mbc على مهاجمي برنامج "رامز مجنون رسمي"
فيديو - فريدة سيف النصر تكشف تفاصيل ضربها من فنان مشهور.. "حدفها بالكوباية"