بعد حصولها على جائزة أوسكار جديدة عن الجزء الرابع من سلسلة "Toy Story" (حكاية لعبة)، تقدم بيكسار أحدث أفلامها "Onward" (إلى الأمام) من إخراج دان سكالنون، والمعروض ضمن قسم العروض الخاصة في مهرجان برلين في دورته السبعين.
يعد الفيلم الأول منذ "Coco" في 2017 الذي لا يمثل جزءًا جديدًا، لكن سابقة المخرج مع بيكسار من خلال فيلم "Monstres University" (جامعة المرعبين) لم تكن جيدة. فكيف جاء "إلى الأمام"؟
رحلة جديدة
كعادة أغلب أفلام بيكسار التي تقدم عوالم كاملة لها تفاصيلها وقواعدها مثلما في "Monsters Inc" (شركة المرعبين المحدودة) يصنعون هنا عالمًا يعتمد على كائنات خرافية مثل الإلف والتنانين وغيرها، في هذا العالم كانوا يعتمدون على السحر في الماضي لكن مع تطور الحياة توقفوا عن استخدامه واعتمدوا على التكنولوجيا في حياتهم اليومية.
تتابع الأحداث عن المراهقين إيان (توم هولاند) وبارلي (كريس برات) اللذان يرغبان في إعادة والدهما للحياة لمدة 24 ساعة فقط باستخدام تعويذة قديمة، لكنهما يحتاجان إلى حجر خاص لاستكمال هذه التعويذة وهكذا يدخلان في مغامرة غير متوقعة.
يجمع الفيلم بين العديد من الأفكار التي قدمتها بيكسار وديزني في أفلامهما السابقة، وإن كان يقدم هذه الأفكار بشكل مختلف. فالمدينة التي تحيا فيها الشخصيات المختلفة في تعايش تام أشبه بمدينة فيلم "Zootopia" التي كانت تعيش فيها الحيوانات المختلفة معًا بسلام تام، يستخدم صناع الفيلم هذه المدينة التي تضم كائنات غير بشرية في صناعة تعددية ضخمة من الكائنات، سواء في أنواعها وأشكالها أو جنسها، فالشخصيات النسائية في الفيلم تلعب دورًا مهمًا كما سنذكر لاحقًا. لكن الفيلم لا يتوقف هنا عند أهمية التعايش بين الأفراد المختلفين بل يتخطى ذلك سريعًا ليصل إلى فكرته الأهم.
القراءة الأوضح للفيلم تخبرنا أنه فيلم عن الترابط الأسري، وخاصة بين الأشقاء، بينما هو يحمل في طياته حث على العودة إلى استغلال الطاقات البشرية، فالشخصيات في المدينة التي تدور فيها الأحداث اعتمدوا على التكنولوجيا بشكل كامل مما جعلها تنسى إمكانيتها ومواهبها، ولهذا يصورون الوحش في النهاية وجسمه من المباني الأسمنتية. يذكرنا هذا أيضًا بعض الشيء بفيلم ديزني "Moana" والذي ركز بشكل واضح على أهمية الحفاظ على الطبيعة، هكذا يبدو أن "Onward" يتكامل مع الفيلمين السابقين.
تحديات سهلة
نشاهد في البداية رسمًا سطحيًا إلى حد ما للشخصيات، فإيان هو مراهق خجول ليس لديه أصدقاء ولا يجيد الكلام مع أحد، بينما بارلي هو شاب متأثر بالماضي السحري للبلدة، وهو النقيد من إيان، مندفع وكثير الكلام.
اكتفى الفيلم إلى حد كبير بالشخصيتين الرئيسيتين، بينما كانت الشخصيات الثانوية طريفة ولكنها ليست بالقوة أو التميز المعتادين، أبرز هذه الشخصيات المانتيكور (أوكتافيا سبينسر)، وهي عبارة عن مزيج بين الأسد والتنين والعقرب. هذه الشخصية وغيرها قدمت مشاهد جيدة لكنها ليست الشخصيات التي تبقى طويلًا مع المشاهد بعد انتهاء الفيلم، على عكس المعتاد في أفلام بيكسار، التي تقدم شخصيات ثانوية شديدة الجمال وتستمر مع المشاهد، مثل شخصية دوري من فيلم "Finding Nemo" (البحث عن نيمو).
خلال رحلتهما لاستكمال التعويذة لإعداة أبيهما للحياة، يتفاعل إيان وبارلي معًا ونشاهد تحولًا واضحًا في شخصيتيها، وذلك من خلال الكثير من المواقف الخطرة التي تحتاج إلى تعاونهما لتخطيها. رغم طرافة هذه المواقف، ووجود الكثير من الكوميديا بها، فإنها كانت تنتهي عادة بسهولة إذ يجد البطلان حلًا سريعًا وسهلًا في كل مرة لتخطي هذه الصعوبات واستكمال رحلتهما، يتجلى هذا في مشهد تصغير بارلي نتيجة التعويذة الخاطئة التي ألقيت عليه، فبعد دقائق يعود لحجمه الطبيعي دون أي مشكلة، فقط لأن التعويذة كانت لها مدة وانتهت، وهو الأمر الذي لم يُشر له من قبل، ومثّل حلا سهلًا للخروج من هذا المأزق، هذه الحلول السهلة جعلت الفيلم يفتقر إلى اللحظات التي يمكن وصفها بالفارقة في السيناريو، حتى الصراع النهائي كان متوقعًا، لكنه في النهاية لم يخلُ من اللحظات المؤثرة كعادة بيكسار، إذ نجد المخرج يوظف سيارة البطلين لصناعة إحدى أكثر مشاهد الفيلم عاطفية، فحتى مع غياب الشخصيات الثانوية المرسومة جيدًا، ينجح المخرج في تقديم لحظات مؤثرة باستخدام عناصر أخرى.
ما الجديد؟
في العام الحالي، يُعرض لبيكسار فيلمان، "Onward" هو الأول والثاني هو "Soul" (روح) من إخراج كيمب باورز وبيت دوكتور والذي قدم مجموعة من أهم أفلام بيكسار أبرزها "Up" (فوق)، ومن المنتظر عرض الفيلم الثاني في أكتوبر، وهو من الأفلام القليلة التي تقدمها بيكسار وتعتمد على شخصيات بشرية.
على الأرجح سيكون فيلم "Soul" هو الأبرز لبيكسار خلال العام، ولكن هل هذا يعني أن "Onward" مجرد ملء فراغ؟ الفيلم يضم الكثير من اللحظات الكوميدية والمؤثرة ولا يخلو من هدف واضح يود إيصاله وينجح في ذلك، هو فيلم عائلي بامتياز، ويحتوي على رسوم مميزة تجذب الأعمار المختلفة، لكنه بالتأكيد ليس من الأفلام المهمة التي يمكن الوقوف عندها في حالة الحديث عن بيكسار، فهو لم يقدم جديد، بل أعاد تدوير بعض الأفكار كما ذكرنا، وفي الوقت نفسه لن يكون من الأفلام الفاترة التي ننساها سريعًا مثل "Brave" (شجاعة).
أعلنت بيكسار منذ فترة أن الجزء الرابع من "حكاية لعبة" هو آخر الأجزاء التي ستقدمها لأفلامها القديمة لفترة طويلة، إذ ستتفرغ لصناعة أفلام جديدة، في الوقت ذاته نجد أن "Onward" يسمح بالتأكيد بصناعة جزء ثاني، فهل تفعلها بيكسار أم تكتفي بما سيحققه هذا الفيلم؟ الإجابة ربما تحددها إيرادات الفيلم في الأيام القادمة.
اقرأ أيضا:
"لص بغداد": فيلم أم لعبة فيديو؟
يوم وليلة: أن تحاول قول كل شيء