المقاومة لن تفيد، والرفض والإنكار لا يعنيان نفي الموجود، شئنا أم أبينا نحن أمام لون موسيقي غنائي جديد اسمه "المهرجانات".
بداية أنا هنا لست بصدد إصدار أحكام، أو الموافقة أو الرفض (الذي لا أملكه ولا نملكه جميعا)، فقط هى حالة تأمل في الموضوع، الذي حوله البعض إلى قضية، وما هو بقضية.
الموسيقى أشكالها لا ولن تنتهي على مر التاريخ والجغرافيا والثقافات، بدأت أشكال وموضات، أشعلت الدنيا لفترة واختفت، لتحل محلها وترث أرضيتها أشكال أخرى.
كالعنقاء، التي تولد من النار، تسطع أشكال موسيقية، وتهيمن على الأسماع والأذواق، ثم تعود للاختفاء لتولد أشكال أخرى جديدة، ليست الأشكال الموسيقية وحدها التي تتعرض للتجديد والتغيير، ثم الاندثار والاختفاء، قبل ظهور الجديد، المقامات الموسيقية نفسها أيضا تتعرض للهجر والانزواء، ثم تمتد إليها يد التطوير لتعود تتنفس في الألحان من جديد.
وكذلك الآلات، التي تقدم لنا هذا الفكر المسموع "الموسيقى"، تتعرض أيضا للانقراض والاختفاء بعدما تحل محلها أخرى تقوم بدورها وزيادة، وقد حفظ لنا التاريخ العديد من الآلات التي ظهرت في فترات واختفت تماما، ومنها: الميلوديكا، و الهارمونيكا، و الهارمونيوم، المندولين ... على سبيل المثال.
اقرأ أيضا للكاتب: "فتنة" شعبان عبد الرحيم
التطور أذن قضية محسومة، وسنة من سنن الكون، و"المهرجانات" أحد أشكال ومراحل هذا التطور، حتى لو يراه البعض تطورا عكسيا (تراجع).
ظهرت تقريبا في نفس وقت ظهور موسيقى الفرق التي عرفناها باسم "الأندر جراوند"، وإذا كانت هذه الموسيقى لم تلق كل هذا الرفض؛ فذلك يرجع إلى عدم ابتعادها كثيرا عما اعتدنا سماعه، عكس المهرجانات التي ذهبت عميقا "أندر جراوند".
بعدما فرضت نفسها على الجميع من كل الأعماروالجنسيات والثقافات، قريبا جدا سنعترف رسميا بهذا الشكل الجديد، كل ما يمكننا فعله هو ترويضها بكشل أو بآخر.
فبعد النجاح المدوي الذي حققته أغنية "بنت الجيران" لحسن شاكوش، الذي تجاوز الحدود (حدود التوقع وحدود الأوطان) أصبح واضحا جدا أن الكتابة الرسمية لتاريخ موسيقى المهرجانات بدأت تخط أول سطورها.
اقترب "شاكوش" جدا بأغنيته من تحقيق الحد الأدنى المقبول، الذي يمكن ... وأقول "يمكن" أن يتم قبوله رسميا.
فهو على مستوى الشكل يمتلك طله مقبولة لمغني أو فنان على عكس ما لم تمنحه الأقدار لـ"مجدي شطة".
وعلى مستوى الصوت، أفضل كثيرا، ولا يعاني مشاكل مخارج الحروف القاتلة التي يعاني منها قرينه السكندري "حمو بيكا".
اقرأ أيضا للكاتب: "نأسف لأنك لم تجدنا" ... المعاناة لا وطن لها
كل ما يحتاجه لحن أكثر هدوءا ذو ملامح مقبولة، وتهذيب بسيط للكلمات، وأعتقد أن هذا أسهل مرحلة في المشوار نحو الجلوس جنبا إلى جنب مع الأغنية الرسمية المعترف بها.
خاصة بعدما تم الصلح بين "شاكوش" والملحن "مدين" صاحب لحن "حاجة مستخبية" الذي حمل كلمات "سكر محلي مرشوش على كريمة"، وحديث "شاكوش" عن التعاون مع مدين في أغني جديدة.
فلو تم هذا، وهوممكن جدا، ومنطقي جدا، في ظل النجاح الكبير الذي لا يستطيع أحد أن ينكره، فستكون "المهرجانات" قريبا جدا، أحد أشكال الغناء المعترف بها رسميا.
وستفتح وقتها نقابة المهن الموسيقية أبوابها لنجومها، وكأن مقولة مجدي شطة العفوية "استنوني أنا مش جاي"، لمتكن سوى إرهاصا بيوم تتحرف فيه بعد محاولات الخنق والحصار إلى: استنونا احنا جايين.