منذ عدة سنوات، تحديدًا في عام 2011 عرضت قنوات التلفزيونات التركية مسلسل "حريم السلطان" 4 مواسم عن الخليفة العثماني سليمان القانوني - وقام بدوره الفنان خالد أرجنتش - وحقق المسلسل نجاحًا ساحقًا بتركيا ليتم عرضه بعد ذلك عربيًا وعالميًا..
بهرت وقتها بهذا العمل، عشت مع حلقاته وتعايشت مع كل تفصيلة وتأثرت بها، حتي تحولت معظم قراءاتي عن تاريخ الدولة العثمانية، خاصة عن تلك الحقبة الزمنية تحديدًا، اشتريت كل الكتب التي طرحت في المكتبات أثناء عرض المسلسل والتي اعترف بالفعل أن كمًا كبيرًا من هذه الكتب خرجت عن إطار توثيق التاريخ وأصبحت تروج لتركيا وعظمة الدولة العثمانية. .
بحكم خبرتي المتواضعة في مجال الدعاية كنت أشيد بحرفية التسويق لهذا العمل فقد تم عرضه على أكثر من 42 قناة بالعالم، وهو أمر ليس بهيّن، اعترف الآن بعد 9 سنوات من عرض مسلسل "حريم السلطان" أنني وقت في الفخ، مثلما وقع غيري لم أنتبه للحظة واحدة أنني من خلال عمل فني أحببت تركيا بمعالمها، بأشكال القصور التي تم التصوير بها ونسيت أن فترة حكم المماليك علموا المصريين فنون العمارة وبناء المساجد والسبيل والقصور وغيرها من العمارة داخل مصر، بينما العثمانيين بعد الاحتلال أخذوا العمال المصريين لإسطنبول لبناء القصور التي يتباهون بها في بلادهم.
تعلقت بفنون ومواهب الفنانين المعمارين المنهوبة من مصر - تعلق قلبي بكل معالم الجمال التي تم تصديرها لنا من خلال الصورة البراقة في مسلسل "حريم السلطان" من الديكورات والألوان والأزياء والإكسسوار والمفروشات المطرزة والتاج الملكي حتى أنواع الأطعمة والحلوى وكذلك الأواني التي يتناولون فيها الطعام.
أصبحت مفتونة بالدولة العثمانية وقوة السلطانه "هويام" أو خرُم مثلما ذكرتها كتب التاريخ أو ألكسندرا اسمها الحقيقي قبل أن يمنحها أو يلقبها السلطان سليمان بهذا الاسم –وقامت بدورها مريم أوزرلي - تملكت من وجداني هذه المرأة (الجارية) التي جلست علي كرسي العرش إلى جانب السلطان ويقال أنها هي من حكمت العالم.
قمت بتأسيس ديكور منزلي بنفس الطراز الذي كنت أشاهده بالمسلسل بالإضافة إلى الطابع المغربي لتأثري بتاريخ الأندلس.
ولكن مع بداية عرض "ممالك النار" اكتشفت أنني مثل غيري من أبناء هذا الجيل ألقيت -دون أن أشعر- قداسة علي تاريخ الدولة العثمانية ربما تكون تلك القداسة هي السبب الرئيسي لصدمة ما شاهدناه في "ممالك النار" لنجد الإمبراطورية العثمانية القائمة علي الدم والجرائم والمجازر ومع هذه الفظائع الموثقة تتغير الصورة الذهنية لنا عن الدولة العثمانية، ونتوقف أمام الهجوم والجدل حول المسلسل قبل بداية عرضه، معظمنا تستهويه لعبة الهجوم غير المبرر قبل الاطلاع على المضمون أو معرفة الحقيقة كاملة.
وللحديث بقية
اقرأ أيضا:
كيف تأثر شكل "طومان باي" بالمخرج الأجنبي لـ"ممالك النار" وعلاقته بـ"جيم أوف ثرونز"؟
بعد انتهاء ممالك النار... تفاصيل الوقائع التاريخية لإعدام طومان باي