جيهان عبد اللطيف
جيهان عبد اللطيف تاريخ النشر: الجمعة، 29 نوفمبر، 2019 | آخر تحديث:
موزرات يعاد تدويره

نقلا عن نشرة مهرجان القاهرة السينمائي 41

اسم لافت للنظر للفيلم التسجيلى الألمانى للمخرجتين فيكتوريا بيكسمان، بريتا شوينينغ.

إعادة التدوير يمكن أن ينتج عنها واحداً من أرقى أنواع الفنون وهو الأوبرا. إنها ليست أوبرا عادية ولكنها تؤدى من وراء الأقنعة.

فيلم وثائقي عن أوبرا شبابية اجتماعية ثقافية بالمشاركة بين الطلاب مع العاملين فى مجال جمع المخلفات، وخاصة الكرتون لإعادة تدويره والاستفادة منه، وجميعهم يقومون بأداء الأوبرا على خشبة المسرح لأول مرة فى حياتهم.

كيف تم إنجاز تلك الأوبرا الرائعة التى حازت إعجاب الجمهور عندما تجولت فى أنحاء العالم؟ هذا هو السؤال الذى نعرف إجابته عند مشاهدة الفيلم، حيث بدأت الفكرة لدى فريدا ليون الممثلة ومصممة العرائس الأرجنتينية الأصل والمقيمة فى سويسرا... تروى كيف تركت الأرجنتين فى التسعينيات فى ظل الوضع الاقتصادي السيئ جدا، حيث كان العديد يعملون فى جمع القمامة وخاصة الكرتون وبيعه لإعادة تدويره.. فتبنت فكرة مشاركة الطلاب مع جامعي الكرتون من القمامة والاستفادة منه فى تصنيع العرائس والأقنعة، وقيام الجميع بتمثيل أحد أعمال موزارت (موزارت فى موسكو عبر بونس آيرس).


ليس هناك مستحيل، فهؤلاء الشباب وجامعو الكرتون لا يعرفون سوى الفقر والمعاناة، فالفن بالنسبة لهم من رفاهيات الحياة، ولا يدرون ما يعنيه فن الأوبرا وظلت فريدا تشرح لهم وتقوم بتشغيل بعض مقاطع من الأوبرا العالمية، ليعرفو ما هى، وتشرح لهم أهمية هذا الفن.. لقد أرادت أن يندمج قاع المجتمع مع أرقى مجتمع وهو الفنون، وخاصة فن الأوبرا، فهو ليس مجرد أصوات غناء عالية الطبقات... إنه فن يشتمل على الغناء والاستعراضات وعلى التراجيديا والكوميديا. لقد بذلت مجهوداً لإقناع أكبر عدد من جامعي مخلفات الكرتون ونشر الفكرة بينهم للمشاركة فى تلك الأوبرا، وخرجو لأول مرة من الأرجنتين إلى سويسرا فى رحلة قد يعتبرها البعض مخاطرة للوقوف أمام الجمهور لأول مرة، ولكن إيمانهم بالعمل الفني المهم الذي يقومون بأدائه لتوصيله فى أحسن صورة، جعل الجمهور يصفق لهم لفترة طويلة مؤثرة فى الفيلم.

اهتم إخراج الفيلم بكل تفصيلة صغيرة، بدءاً من تصوير جامعي الكرتون فى معيشتهم والفقر الشديد الذى يعانونه فى حياتهم وجمعهم مخلفات الكرتون من بين القمامة فى الشوارع، وحتى تقطيعها وتصنيعها وتلوينها وارتدائها أثناء عمل البروفات، ثم الظهور بالشكل النهائي الرائع على المسرح، مما جعل جمهور الفيلم يتعاطف ويقدر هؤلاء الفنانين المتعايشين مع الفقر الشديد والمتعطشين للفنون.

الأجمل فى الفيلم هو الشكل العام الذى ظهرت عليه الأوبرا على المسرح، عندما نرى إتقان تصميم الأقنعة، وكذلك الألوان الرائعة، فلا يمكن لأحد أن يصدق أن هذا هو الأجمل فى الأصل جزء من القمامة. ومن أسباب نجاح الأوبرا وكذلك الفيلم اختيار الموسيقى التى اندمج معها الجمهور.

إنه فيلم جيد جعل الخيال والأماني حقيقة متجسدة فى شخصيات تؤدي الأوبرا بجدارة، بالرغم من أنهم قبل الظهور لأول المرة أمام الجمهور لم يعرفوا ما هي الأوبرا وهم فى الأصل جامعو نفايات الكرتون.

اقرأ أيضا:

Lunana: A Yak in the Classroom... خرج ولم يعد وبقى فى لونانا بالهملايا

"أنا فاوست"... سيمفونية نفس معذبة