دائما ما تولد الحروب قصصا وحكايات تلهم صناع السينما لعمل أفلام ترصد واقع مرير عاشه أبطال هذه الحروب.
والحرب السورية مليئة بقصص عاشها الشعب السوري وخاصة النساء، حكايات عندما تسمعها تقشعر لها الأبدان، وفي الفيلم السوري "نجمة الصبح" حاول المخرج جود سعيد تقديم تحيه لبعض النساء اللاتي وقعن أسرى في يد من لا يشعرون.
عرض الفيلم ضمن مسابقة آفاق السينما العربية في الدورة الـ41 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لم يستطع مخرجه الحضور لتأخر حصوله على التأشيرة، وكأن كل شيء يوضح مدى الأزمة التي يعانيها الشعب الشقيق.
يرصد الفيلم قصة شقيقين "خلدون وعارف" خلدون الشاب الطيب الذي يعاني مما فعله أخيه الذي ذهب في طريق العنف والإرهاب وأصبح قائدا لجماعة الإرهابية. يعمل خلدون في ورشة لدى "ياسين" والد التوأم "نجمة الصبح ونسمة" ويحب الأخيرة ويسعى للزواج منها، يعاني مما فعله شقيقه إذ يبتعد عنه كل أهالي قريته لأنه شقيق إرهابي.
ينقل المخرج جود سعيد واقع ما تعيشة سوريا من انقسام فكل شخص متمسك برأيه ويجد أنه الصواب، في حين يدفع الثمن الأبرياء ممن يٌقتلون ويقعون أسرى، للحظات وأن تشاهد الفيلم تسرح بخيالك هذه قصص واقعية عاشها أشخاص لم يكن لهم أي ذنب في كل ما يحدث من قتل وحروب وتنازع على السلطة.
يتنقل المخرج من حالة حزن وجنازة وعزاء إلى رقص وحفل زفاف وكأنها هي الحياة التي نعيشها وتمر الأيام فيها، ثم تقع المصيبة الكبرى، قنابل تحول الأجواء الراقصة إلى سكون وخوف ودماء وأشلاء متناثرة في كل مكان.
تقع "نجمة الصبح ونسمة" أسرى لدى "عارف" الذي يجدها فرصة للانتقام من شقيقه وإذلاله، فيما يحاول "خلدون" استعادة حبيبته "نسمة" يبيع ذهب والدته لجماعة ستقوم بصفقة تبادل للأسرى، ليلقي المخرج الضوء على أزمة وقوع النساء في الآسر وما يعشنه من معاناة ثم صفقات التبادل التي تتم عن طريق رجال أصحاب نفوذ والأموال التي يدفعها الأهالي مقابل حرية نسائهن، وكأن الأمر تجارة يديرها الأقوياء.
تميزت صورة الفيلم بأنها لوحة توضح جمال سوريا رغم الحرب والدمار، كانت المناظر الطبيعية الخلابة تشد العين وأنت تتابع الأحداث، وتدفعك للتحسر على ما وصل إليه الحال، كما كان أداء الأبطال مقنعا طوال الوقت دون افتعال لمشاهد البكاء أو الضحك، وخاصة الممثل محمد الأحمد الذي أدى دور "خلدون" طوال الوقت تشعر أنه الفتى الطيب الذي يحب مساعدة الجميع، وحبه لخطيبته وتضحيته من أجلها وتحمله لكل ما يحدث معه.
ورغم كم الآلم والمشاهد القاسية من قتل ودماء، لم يخل الفيلم من الضحك والمشاهد الساخرة، وكأنه الهم الذي يُضحك أصحابه، فرغم كل المعاناة تأتي لحظات نضحك فيها على حالنا وما وصلنا إليه وكيف تحولت حياتنا الوردية إلى حياة قاتمة سوداء، لكن قد يعيبه زيادة عدد هذه المشاهد التي أدت إلى طول الفيلم أيضا.
لم ينته الفيلم بنهاية مفرحة، يتركك حزينا حائرا في حال بلد عانى كثيرا منذ اندلاع الحرب ولا زال يعاني، وكأنه ينتظر إشراقة يوم جديد وأبنائه محتفظين بوعودهم.
أكثر ما لفت انتباهي خلال عرض الفيلم هو تفاعل الجمهور معه، خاصة في مشهد صفق الحضور بعد عرضه على الشاشة، وكأن كل من شاهد "نجمة الصبح" عاش مع أبطاله قصتهم وفرح في لحظة الانتصار.
اقرأ أيضا:
قنوات ART تشارك في رعاية "ملتقى القاهرة السينمائي" بجائزة قيمتها 10 آلاف دولار
تيك توك تعلن عن تحدي مهرجدان القاهرة والجائزة iPhone 11