في عودة قوية للاهتمام بالأعمال التاريخية العربية، ينتظر الجمهور العربي عرض المسلسل التاريخي الملحمي "ممالك النار"، العمل الأضخم من نوعه في المنطقة العربية والشرق الأوسط، والذي يتناول شخصية السلطان الأشرف طومان باي، من إخراج البريطاني بيتر ويبر، وإنتاج شركة "جينوميديا".
اقرأ أيضا: موعد عرض مسلسل "ممالك النار"
عن المسلسل وكواليس العمل وكيف بدأت الفكرة من الأساس، وما الهدف من تقديم هذه الشخصية التاريخية، وهل سنشهد تطورًا في مجال الأعمال التاريخية خلال الفترة المقبلة، كان لنا حوار مع مؤلف العمل محمد سليمان عبد المالك، وفيما يلي أبرز تصريحاته..
1- على مدار العشر سنوات الأخيرة قدّمت أنواعا مختلفة من الأعمال الدرامية المصرية، وأحرص على التنوع دائما لأني لا أحب أن يتم تصنيفي وفق إطار محدد في الكتابة، و"ممالك النار" أول عمل تاريخي ملحمي أقدمه باللغة العربية الفصحى.
2- لدي شغف منذ فترة طويلة بالدراما التاريخية، لكن للأسف ليست منتشرة أو متطورة بالقدر الكافي الذي يليق بها في الوطن العربي، فبالتالي كان لدي الشغف ولكن في الوقت ذاته لم أرد تكرار ما تم تقديمه سابقا، فانتظرت طويلا إلى أن تلاقت رغبتي مع رغبة شركة "جينوميديا" للمنتج الإماراتي ياسر حارب، في تقديم عمل تاريخي ضخم ومتميز نحقق به التطور المطلوب في هذه الفئة، ونمنح الدراما التاريخية به خطوة للأمام في المنطقة.
3- المنتج كان لديه رغبة قوية في تسليط الضوء على الحقبة التاريخية التي تتناول الصراع العثماني المملوكي في العصور الوسطى، وأنا أيضا كان لدي شغف بالفترة ذاتها لأنه لم يتم تسليط الضوء عليها في الدراما بالقدر الكافي، ومن هنا بدأت الفكرة في الخروج للنور، إذ تواصل المنتج ياسر حارب معي وقرر الاستعانة بي في كتابة "ممالك النار"، رغم أنه ليس لدي سابقة في كتابة الدراما التاريخية.
4- استغرق التحضير للمسلسل وتصويره والانتهاء منه عاما ونصف العام، منها 6 أشهر في مرحلة الكتابة فقط، بينما استغرق التصوير عامًا كاملًا في تونس، ولم أكن متواجدا هناك لكن كنت على تواصل دائم معهم.
5- "ممالك النار" 14 حلقة فقط، وليس 30 كما توقع البعض، وهو ما اعتبره كسرا للقواعد المعتادة في أن العمل التاريخي لا تقل حلقاته عن 30، بل على النقيض قررنا ألا نلتزم بالقواعد المعتادة المكررة، ما دمنا سنقدم عملا قيمته الفنية والإنتاجية مرتفعة.
6- يشارك عدد من الممثلين المصريين في المسلسل، في مقدمتهم خالد النبوي كبطل للعمل، ومحمد جمعة ومحمود جمعة وعبد الرحيم حسن ولبنى ونس وبهاء ثروت والطفل معتز هشام وغيرهم.
7- تمت كتابة المسلسل بالطريقة الكلاسيكية التقليدية لصناعة أي عمل فني، بمعنى أننا انتهينا أولا من مرحلة الكتابة ثم اختيار المخرج، ثم اختيار فريق العمل من كافة الدول العربية تقريبا، أي أن الموضوع كان يسير بشكل علمي ومنهجي منظم.
8- خالد النبوي تربطني به علاقة صداقة قوية منذ سنوات طويلة، وخلال أحد لقاءاتنا عرضت عليه تقديم شخصية طومان باي في المسلسل، واكتشفت أنه كان يحلم بتقديمها على الشاشة، فتلاقت الرغبات هنا أيضا، وقمت بالتواصل بينه وبين الشركة، وحدث بينهما تفاهم كبير، لأنه الفنان الأنسب لتأدية هذا الدور دون غيره، فلديه عدة مقومات ليست موجودة في فنان آخر، أولها قدرته على تجسيد الشخصيات التاريخية، إذ يقوم بدراستها ودراسة أبعادها بشكل متعمق. كذلك نطقه الصحيح للغة العربية الفصحى، ومواصفاته الجسمانية كفارس يستطيع ركوب الخيل وإقناع المشاهد بذلك، فضلا عن كونه فنانا مثقفا وواعيا لأبعاد الشخصية.
9- هناك حملات شرسة من لجان إلكترونية واعية ومدركة أن المسلسل يكشف زيف التناول الدرامي التركي للتاريخ على مدار الـ 10 سنوات الماضية، إذ كان المجال متروكا أمامهم لتزييف الوعي في تاريخ المنطقة، وتمجيد كل ما هو تركي وعثماني وتسفيه كل ما هو عربي، لذلك "ممالك النار" أول عمل عربي يكشف هذه الحقائق والمسكوت عنه في التاريخ العثماني، وكيف أنه كان احتلالا غاشما دمويا وليس غرضه التعمير والإصلاح كما يروجون.
11- توقعنا ولا زلنا نتوقع أن تستمر هذه الحملات، لأنها معركة وعي قبل أن تكون جنود وجيوش، وفي النهاية الوعي والأفكار لا يرد عليهم إلا بالوعي والأفكار المضادة.
12- أسهل شيء في الفترة الحالية هو تصنيف الكتّاب، ووضعهم في إطارات معينة لبعض أنواع الكتابة، وهو أمر ظالم بشدة، لأن السيناريست قديما كان يمكنه تقديم أي نوع درامي بمنتهى الحرية، دون حصره في نوع واحد فقط، لأن ما نقدمه فن وإبداع وهو ما لا يمكن تقييده بنوع معين، ما دام الكاتب لديه الملكات والقدرات الإبداعية.
13- نحن ككتّاب نشعر بالغيرة الشديدة عند مشاهدة الدراما الغربية أو التركية التاريخية، والآن جاءت الفرصة لتقديم عمل يليق بنا وبتاريخنا، بل ويفتح الباب في المنطقة كلها لإنتاج أعمال تاريخية أخرى بهذه الجودة، ولا بد أن ننتبه كمبدعين ومفكرين ومثقفين وفنانين للحرب الفكرية والثقافية التي تشنها علينا القوى المضادة، فننتج بدلا من العمل الواحد عشرات الأعمال، لأن الأجيال الجديدة لم تعد معتمدة على القراءة والبحث، بل على الإعلام والفن والإبداع.
14- أتمنى تكرار تجربة الكتابة التاريخية مرة أخرى، وأن يُفتح الباب لتقديم عدد كبير من الأعمال الملحمية الضخمة، لا سيما التاريخ الفرعوني الذي لم نقدم أي عمل فني يليق به حتى الآن، وهو أحد أمنياتي بالمناسبة؛ أن أقدم عملا عن تلك الحقبة، وكذلك لدينا التاريخ القبطي والعربي والعربي الحديث، فقط نحتاج لوعي قوي بأهمية ذلك، فإذا وجد الوعي سنرى إبداعا لا مثيل له.
اقرأ أيضا:
محمد سليمان عبد المالك: لم أندم على ترك الطب.. وهذا ما نصحني به محمود عبد العزيز
مسلسل ممالك النار.. الإنتاج الأضخم في الشرق الأوسط “تعرف على قصته ومواعيد عرضه”