فيلم "الكرنك" من أشهر الأفلام التي تحدثت عن مرحلة شائكة في تاريخ مصر الحديث، ومثل قصته المؤلمة شهد أحداثا عديدة أثناء صناعته لا تقل إيلاما وسخونة سواء على المستوى الفني، أو على المستوى السياسي والقانوني.
بعد 43 عاما تقريبا على عرضه الأول في (29 ديسمبر 1975 حسب ويكيبديا)، كشف الإعلامي د. عمرو الليثي في برنامجه "واحد من الناس" عن مشاكل سياسية تحولت إلى قضايا، واجهت الفيلم الذي بدأ العمل فيه 1974 عن قصة الأديب العالمي نجيب محفوظ، وسيناريو وإنتاج ممدوح الليثي، وإخراج علي بدرخان، وكادت هذه المشاكل تتسبب في عدم عرضه لولا تدخل الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
تهديد بعدم عرض الفيلم ... ورحلة بالمحاكم
وحسب عمرو الليثي: قامت الدنيا ولم تقعد بسبب "الكرنك"، عندما أقام صلاح نصر رئيس المخابرات السابق، دعوى قضائية مطالبًا بإيقاف عرض الفيلم بحجة أن شخصية "خالد صفوان" التى قدمها الفنان كمال الشناوي، ما هى إلا تجسيد لشخصية صلاح نصر مدير المخابرات العامة فى عهد عبد الناصر.
وبالفعل شهدت المحاكم عدة جلات لمناقشة هذه القضية، حتى أصبحت قضية الموسم عام 1975، مع متابعة مكثفة من الصحافة ووسائل الإعلام حينها.
وواصل عمرو: تولى القضية وقتها المحامى لبيب معوض عن ممدوح الليثي، وتعامل مع القضية باعتبارها قضيته الشخصية، وكلما حثه الليثي على الانتهاء من القضية وحجزها للحكم قبل عرض الفيلم، كان يرد بأن هذا من شأنه هو وليس من شأن والدى!! ويقول له "أنت مش عملت لى توكيل.. خلاص سيب لى بقى القضية.. صلاح نصر ده مش كان بيلعب بمصر كلها أنا بقى حلعبهولك".
حتى محامي صلاح نصر الأستاذ على الرجال، كان يبدو هادئًا فى الجلسات، وغير متعجل فى حجز القضية للحكم، وهو لا يطلب إلا شيئا واحدًا هو أن يقرر والدى ومحاميه لبيب معوض رسميا أن شخصية "خالد صفوان" فى الفيلم لا تعبر عن شخصية صلاح نصر فى الحياة.
لكن والدي ومحاميه رفضا وتمسكا بعدم تقديم هذا التصريح، أصبحت قضية فيلم "الكرنك" موضوعًا يتداول بين الناس فى الأندية والمجتمعات، كما أصبحت مثار تعليقات كبار الكتاب والصحفيين، ولم يتم عرض الفيلم إلا بعد موافقة الرئيس السادات عليه.
ولم يكن صلاح نصر فقط من رفض عرض فيلم "الكرنك"، لكن اعترض أيضا يوسف السباعي، وزير الثقافة وقتها، وطالب بحزف شخصية "حلمي" المثقف اليساري، التي قام بتجسيدها الفنان محمد صبحي.
وفي مقال لعمرو اليثي بـ"المصري اليوم" ورد: "وبعد لقاء سريع جمع ممدوح الليثي بالرئيس السادات وحرمه تلقت وزارة الثقافة خطابا من رئاسة الجمهورية يقول نصها
"وافق السيد الرئيس محمد أنور السادات على التصريح بعرض فيلم الكرنك كاملا وبدون حذف بدار سينما ريفولى بعد انتهاء الفيلم المعروض بها حاليا، وعلى السيد وزير الثقافة والإعلام العمل على تنفيذ ذلك".
وفى بداية عام 1977 أعلنت وزارة الثقافة نتائج المسابقة التى تنظمها الوزارة كل عام فى جميع فروع العمل الفنى السينمائى، وذلك فى حفل كبير، وكانت نتيجة المسابقة فوز فيلم "الكرنك" كأحسن إنتاج، وفاز بأحسن سيناريو وأحسن حوار، وعندما نُودى على اسمه توجه إلى المنصة لتسلم الجائزة الأولى فى الإنتاج، والجائزة الأولى فى السيناريو، والجائزة الأولى فى الحوار من وزير الثقافة يوسف السباعي.
وكشف عمرو الليثي أن والده السيناريست والمنتج ممدوح الليثي، أرسل رسالة للرئيس السادات عند عرض الفيلم تجاريًا، يتبرع فيها بإيرادات فيلم "الكرنك" لصالح القوات المسلحة.
ورد عليه الرئيس السادات بخطاب كان نصه:
السيد/ ممدوح الليثى منتج فيلم الكرنك تحية طيبة وبعد
تلقيت بالامتنان برقيتكم الرقيقة التى حملت إلىّ خالص التهنئة باسمكم وباسم أسرة فيلم الكرنك بمناسبة العيد السادس لثورة التصحيح.
إن تبرعكم بإيرادات فيلم الكرنك عن شهر مايو من كل عام ولمدى الحياة مشاركة منكم فى متطلبات القوات المسلحة لهو تعبير صادق عن إخلاصكم وما تكنونه من الوفاء لمصرنا الخالدة التى نعمل جميعا من أجل تحقيق النصر الكامل لها وإعلاء شأنها ورفع مكانتها.
ومع تقديرى لهذه الروح الوطنية الصادقة.. أبعث إليكم وإلى أسرة فيلم الكرنك بأصدق الشكر مقرونا بأطيب التمنيات راجيا لكم المزيد من التوفيق فى إنتاج الافلام السينمائية الهادفة والمعبرة عن مبادئ ثورة ١٥ مايو المجيدة. رئيس جمهورية مصر العربية محمد أنور السادات".
فنيا ... أحمد زكي كاد ينتحر بسبب "الكرنك"
وسابقا كان الليثي تحدث بالتفصيل عن قصة استبعاد الفنان الراحل أحمد زكي من دور "الطبيب" في فيلم "الكرنك" واختيار الفنان نور الشريف بدلا منه، وكيف تمسك منتج الفيلم رمسيس نجيب حينها بتغيير أحمد زكي بممثل آخر، قائلا: "سعاد حسنى تحب الولد الأسمر ده".
وكيف تم إقناع أحمد زكي بصعوبة بالرجوع عن فكرة الانتحار التي راودته بعد صدمة استبعاده، خاصة أنه كان يبني أحلام وآمال على هذا الدور.
اقرأ تفاصيل القصة كاملة:
اقرأ أيضا
كلمة يوسف وهبي التي كادت تمنع عرض فيلم "ميرامار"